أصبحت المناطق على طول الحدود الإسرائيلية مع لبنان، أشبه بمناطق حرب. وارتفعت وتيرة الضربات التي يشنها "حزب الله" وإسرائيل من يومية إلى كلّ ساعة تقريبًا، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مدنيّين ومسؤولين محلّيين وجنود بقوا في المنطقة. وقال ليرون، نائب قائد فرقة في الجيش الإسرائيليّ احتشدت في ملجأ أثناء إنذار غارة جوية: "كل أسبوع تصبح أكثر كثافة". لم يكن موقعهم سرًّا، فقد دمّرت ضربتان محدّدتان من طائرات من دون طيار تابعة لـ"حزب الله" واحدة من ثكناتهم الـ3، ما أسفر عن مقتل جنديّ وإصابة 10 آخرين. "لم يكن هناك أيّ تحذير على الإطلاق.. فقط دويّ انفجار" وفق ما قال ليرون. لقد جاء معظم مقاتليه إلى الشمال بعد أن تم نشرهم داخل غزة. والآن أصبحوا جزءًا من القوة الإسرائيلية المتنامية التي تصطف على الحدود، في انتظار صراع ثانٍ واسع النطاق، ويتحوّل إلى أكثر حتمية كلّ يوم، وفق الصحيفة. وتابع ليرون: "ضباب الحرب ينمو حولنا. الوضع لا يطاق". حروب سابقة مع "حزب الله" خاضت إسرائيل حربين دمويّتين غير حاسمتين، في عامي 1996 و2006، مع "حزب الله" وكان الجانبان يتبادلان إطلاق النار منذ الهجمات التي قادتها "حماس" في 7 أكتوبر. ومع تزايد الهجمات عبر الحدود، أصبح المسؤولون الإسرائيليون أكثر صراحة بشأن استعدادهم لدفع "حزب الله" بعيدًا عن الحدود - حتى لو كان ذلك يعني قتالًا مكثّفًا على جبهتين مختلفتين. في هذا السياق، قال القائد الأعلى لقوات الدفاع الإسرائيلية هيرتسي هاليفي، الأسبوع الماضي، إنّ القرار بشأن شن هجوم واسع النطاق، أصبح وشيكًا. وقال رئيس القيادة الشمالية إنّ قواته مستعدة. يحاول المفاوضون الأميركيون تجنب التصعيد، لكنّ إسرائيل تتعرض لضغوط محلية متزايدة لوقف عمليات ضربات "حزب الله"، والسماح لأكثر من 60 ألف مدنيّ نازح، بالعودة إلى ديارهم بعد 8 أشهر من العيش في الفنادق والملاجئ في جميع أنحاء البلاد. وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "معاريف"، أنّ 62٪ من الإسرائيليّين يؤيدون فكرة شن هجوم حاسم على "حزب الله". ووفق أرقام "واشنطن بوست"، قُتل ما لا يقلّ عن 87 مدنيًا ونحو 300 مقاتل من "حزب الله" في غارات إسرائيلية على لبنان. وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من 94 ألف شخص في البلاد فروا من منازلهم.حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أنّ القتال أصبح خارج نطاق السيطرة. وقال مكتبه في بيان: "قد تؤدي هذه التبادلات لإطلاق النار، إلى صراع أوسع نطاقًا مع عواقب مدمرة على المنطقة". وتخترق أسلحة "حزب الله" على نحو متزايد، أنظمة الدفاع الجوّي المتطورة في إسرائيل، وتصل إلى الأماكن التي جاء إليها السكان الذين تم إجلاؤهم من الشمال بحثًا عن مأوى. ويقيم ثلث سكان بلدة منارة في فنادق في الشمال، لكنّ البقية انتقلوا إلى أماكن أبعد. وقد غيرت بعض العائلات مدارس أولادها 5 مرات منذ أكتوبر، وتتلاشى آمالهم في العودة قبل بدء العام الدراسيّ المقبل، إذ تضرر أكثر من 70% من المنازل هناك. في قرية حرفيش الدرزية الأقرب إلى الحدود، كذلك تم إجلاء المزيد من السكان منذ الهجوم يوم الأربعاء. وكان المسؤولون في صدد نقل نحو 70 يتيمًا وطفلًا من منشأة رعاية محلية إلى ملاجئ في تل أبيب. ومع ارتفاع وتيرة الهجمات، ترتفع درجات الحرارة أيضًا، ما يجعل الحرائق تشكل خطرًا متزايدًا على جانبَي الحدود. وتشعل الصواريخ وضربات الطائرات النيران، ما يرهق أقسام الإطفاء الإسرائيلية التي تعاني بالفعل نقص الموظفين. فقد أدى التهديد الذي تشكله الصواريخ الأرضية إلى إرباك طائرات الإطفاء الإسرائيلية، الأمر الذي ترك الفرق تكافح الحرائق بمفردها، وكثيرًا ما كانت الصواريخ تسقط حولها. (ترجمات)