بعد اغتيال يحيى السنوار تكون إسرائيل قد قضت على أكبر خصومها في المنطقة بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله.اغتيال يحيى السنوار، وإن كان بمحض الصدفة وفق المعلومات المتداولة، إلا أن تداعياته السياسية والعسكرية تتجاوز أهمية الحدث بحد ذاته، خصوصا لجهة الانتكاسة التي ستلحق بحركة "حماس" المنهارة مقابل تراكم المزيد من الرصيد الجماهيري والشعبي لرئيس الوزارء بنيامين نتانياهو في الداخل الإسرائيلي.هذا وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الاشتباك مع يحيى السنوار وقع بتل السلطان برفح وكان يرتدي جعبة عسكرية ومعه قيادي ميداني آخر. وأعلنت الإذاعة في وقت سابق أنه تم قتل السنوار وأن الحادث كان عرضيا وليس مبنيا على معلومات استخباراتية.بعد اغتيال يحيى السنوار.. من سيخلفه؟ سيشكل مقتل السنوار هزة قوية للحركة، الذي يعتبر من أقوى قاداتها على الإطلاق منذ تأسيسها بحسب التقارير الإسرائيلية، الأمر الذي سيدفع الحركة بكل تأكيد إلى ترتيبات داخلية. في هذا الإطار، قال الخبير العسكري والإستراتيجي صالح المعايطة في حديث إلى قناة ومنصة "المشهد" إن "خليفة السنوار سيقرره مجلس الشورى والحكومة في الحركة، التي لديها قيادات من الصف الأول والثاني والتي قد تكون ممكنة لقيادة الحركة، التي تقول إن إدارة المعركة من داخل القطاع هي من المستوى العملياتي المخطط له". وبحسب المعايطة "قد تتصرف الحركة كما "حزب الله" لجهة عدم تحديد من هو القائد الجديد، وذلك خوفا من الاغتيالات الإسرائيلية". في المقابل، قال المحلل والباحث السياسي د. عامر سبايلة في حديثه إلى قناة ومنصة "المشهد" إنه "على المستوى العسكري لم يبق هناك قيادات حقيقية تستطيع أن تلعب دور القائد في هذه المرحلة، لأن إسرائيل وفقا للمعلومات التي بثت في الفترات الماضية معظم القيادات التي تتمتع بكاريزما وبحضور داخل غزة تم قتلهم، وبالتالي ليس هناك خيارات حقيقية الآن". ويضيف السبايلة: على المستوى السياسي كان قرار الذهاب إلى السنوار خطأ كبيرا لأنه في النهاية هو محصور في غزة، وإسرائيل تريد قتله وبالتالي وليس لديه حرية سياسية. خالد مشعل هو الخيار الوحيد سياسيا المطروح الآن من أجل إيجاد تسويات سياسية، بدلا من إبقاء فكرة الجبهة المفتوحة والحرب مشتعلة. مسار الحرب في غزة ويشرح الخبير المعايطة إنه "قد تقول السلطة الفلسطينية بعد اغتيال السنوار إنها تريد العودة إلى القطاع بحكومة وطنية، خصوصا بعد الاجتماع الذي حصل قبل أيام بين "فتح" و"حماس"، إذ اتفقا على الخطوط العريضة واختلفا على التفاصيل". ويؤكد المعايطة: مقتل السنوار قد يقود إلى اجتماع آخر بين الحركتين، في ظل وجود أطراف إقليمية تؤثر على كل منما مثل مصر وقطر. قد تقوم "حماس" بإطلاق صواريخ على الداخل الإسرائيلي، لتقول للإسرائيليين وللوزراء المتطرفين إنه لا يزال هناك أمور في جعبة "حماس" يمكن استخدامها.بدوره يبين سبايلة أن:مقتل السنوار ليس عامل تغيير في مسار الحرب، الذي أخذ بعده الطبيعي بعد الاستحقاقات التي قامت فيها إسرائيل وتخفيض جبهة الحرب في غزة والانتقال إلى جبهات أخرى، فمقتل السنوار هو مهم جدا بالنسبة لإسرائيل، لكن على مستوى الحرب لن يكون له تأثيرا قويا.يمكن أن يؤدي ذلك إلى بدء إسرائيل بتقديم بعض التنازلات على المستوى الإنساني، تسمح لها الاستفراد بجبهات أخرى، خصوصا أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل إعطاء أولوية لموضوع الجانب الإنساني في غزة.على مستوى الحرب ستستمر الأمور كما هي، على العكس قد تصعد إسرائيل في بعض الهجمات للاستفادة من حالة الإرباك التي يمكن أن يخلقها مقتل السنوار.من هو يحيى السنوار؟ وُلد يحيى السنوار في عام 1962بمخيّم خان يونس للاجئين الفلسطينيّين جنوب قطاع غزة وتلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بالقطاع، حيث درس وتخرّج بدرجة البكالوريوس في اختصاص الدراسات العربية. وانضم في عام 1987 لحركة "حماس" بعد أن كسب تجربة في العمل السياسيّ أيّام دراسته الجامعية. وفي عام 1988 أنشأ السنوار الجهاز الأمنيّ لحركة "حماس"، وعُهدت له بمهمة ملاحقة وكشف شبكة المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل. اعتُقل السنوار للمرة الأولى في عام 1982 حين كان طالبًا بالجامعة قبل أن يُطلق سراحه ليُعتقل مرّة أخرى بعد إنضمامه لـ"حماس" في عام 1988 من أجل اختطاف وقتل جنديّين إسرائيليّين، واعترف خلال التحقيق معه من قبل الأجهزة الإسرائيلية بخنقه بالكوفية حتى الموت، في مقبرة في خان يونس، وحُكم عليه بالمؤبد 4 مرات. وفي عام 2011 وبعد 23 عاما قضّاها داخل السجن وحاول فيها الهرب منه في مناسبتَين كان السنوار من بين 1027 فلسطينيًا أفرجت إسرائيل عنهم ضمن صفقة التبادل التي أبرمت مقابل إطلاق سراح الجنديّ الإسرائيليّ جلعاد شاليط. وبعد خروجه من السجن أصبح السنوار قائدًا بارزًا في "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكريّ لـ"حماس"، قبل أن يصبح زعيم الحركة في القطاع في عام 2017.(المشهد )