يغادر موفد دوليّ لبنان ليصل آخر، فيما الملفّ الحدوديّ يبقى أولوية الملفات، والشغل الشاغل للديبلوماسيّين ضرورة تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في 11 أغسطس 2006، بهدف حلّ النزاع اللبناني- الإسرائيلي آنذاك، وسط الحديث عن هدنة طويلة الأمد بين تل أبيب و"حماس" تدعمها الولايات المتحدة، ويُفترض أن تُبصر النور في الأيام المقبلة.وفي وقت تتجه فيه الأنظار نحو زيارة الموفد الرئاسيّ الأميركيّ آموس هوكشتاين الذي وصل إلى إسرائيل الأحد الماضي، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن بوادر "إيجابية" لمسار سياسيّ لوقف التصعيد مع لبنان، وعن خطة تنقسم إلى مرحلتين:المرحلة الأولى تشمل وقف الأعمال القتالية من جانب "حزب الله"، والانسحاب إلى الشمال على مسافة تتراوح بين 8 و10 كيلومترات من الحدود، ويعود السكان الإسرائيليون إلى المناطق الحدودية، مع انتشار واسع للجيش اللبنانيّ وقوات اليونيفيل للحفاظ على الاستقرار على طول الحدود.المرحلة الثانية تتضمن ترسيم الحدود البرية، بما في ذلك مناقشة نقاط الخلاف الـ13 بين البلدين، وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإنّ الولايات المتحدة تدرس إعطاء "جزرة اقتصادية" إلى لبنان. كما تذكر الصحيفة أنّ هوكشتاين حصل على الضوء الأخضر لخطته من لبنان، لكن ليس من الواضح ما إذا كان "حزب الله" قد وافق عليها أم لا.لا مردود لـ"حزب الله" من الانسحاب عضو تكتل الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي، غالط معلومات الصحيفة في حديث مع منصة "المشهد"، معتبرًا أنه لا يمكن جزم التوجه العام نسبة إلى معلومات "يديعوت أحرونوت"، ولكن يمكن الارتكاز على عناصر المعادلة كيف كانت وإذا ما تغيرت اليوم. ولفت بو عاصي إلى أنّ "حزب الله" هو حدود إيران الوحيدة مع إسرائيل، سائلًا ما هي مصلحة "الحزب" وإيران من الانسحاب 10 كيلومترات إلى الوراء؟، مضيفًا: "طبعًا لا مصلحة لهما، وإنما هذه مصلحة إسرائيلية، وكان الحديث عن 30 كلم وقد تراجع إلى الـ10 كلم، وهذه المسافة تسمح بانتهاء الاشتباك المباشر بالأسلحة المضادة للدروع وغيرها من أنواع الأسلحة بين "حزب الله" وإسرائيل، ولكنّ السؤال في المقابل، على ماذا ستحصل إيران؟". وتابع: "ليس لبنان كدولة وكحكومة وكشعب لأنّ آخر همّ لإيران و"حزب الله" على ماذا يحصل المجتمع اللبناني"، في إشارة من بو عاصي إلى التعبير الذي استُخدم في الصحيفة، "جزرة اقتصادية"، فقد اعتبر أنّ ما يهمّ إيران والحزب هو مصالحهما فقط. وكرّر بو عاصي أنّ النقطة الأولى إذًا، أنه في حال انسحب "حزب الله" من الحدود الجنوبية، يتوقف الاشتباك المباشر، أما النقطة الثانية، فإنّ إيران و"حزب الله" يسمحان للإسرائيليّين المستوطنين بالعودة إلى تخوم الجبهة بين إسرائيل ولبنان، أي إلى ضيعهم، وهنا نسأل من جديد: ما هي استفادة "حزب الله"؟ أما بالنسبة إلى موضوع ترسيم الحدود البرية، قال بو عاصي: "لا أدري مدى استعداد طرف الممانعة، لذلك لأنه يسحب ذريعة المواجهة ولو بإطار قواعد الاشتباك، وهنا أيضًا نسأل ما هي مصلحته بذلك، خصوصًا أنه من الأساس يستخدم "حزب الله" من مزارع شبعا حجة ليبقى بحالة مواجهة مع إسرائيل، وليحافظ على سلاحه، وبالتالي لا مردود لهذا الانسحاب لـ"حزب الله" ليعترف به أصلًا".استبعاد ترسيم الحدود البريةوأشار بو عاصي إلى نقطة إضافية، تقول إنه إذا انسحب "حزب الله" من الجنوب اللبنانيّ، عليه أن يضمن إعادة تمركزه هناك، لذلك هو يرفض رفضًا باتًا تحويل القرار 1701 إلى الفصل السابع بدل الفصل السادس، فهو حتى لو نظريًا انسحب إلّا أنه لم يعترف يومًا أنّ انسحابه يأتي تنفيذًا للقرار 1701، الذي يقضي بأن لا يكون هناك سلاح جنوب الليطاني، وهو انتشر في هذه المنطقة ضاربًا بعرض الحائط قرار مجلس الأمن من دون الالتزام به يومًا.وختم بو عاصي: التموضوع الإيرانيّ ليس تموضع "تنفيس الاحتقان"، ونحن ننتظر لنرى إلى أين مقبلون، ولكنني أشك أن تسعى إيران إلى تنفيس الاحتقان، وخصوصًا عند جبهة الجنوب عبر أداتها الأساسية في المنطقة "حزب الله".الفصل السادس يُعنى بتدخل الأمم المتحدة في فضّ النزاعات المهددة للأمن والسلم الدولىّ (بالطرق السلمية) مثل الدمج والتسريح، إعادة الإعمار إعادة توطين النازحين. أما الفصل السابع فيعني بالإجراءات التي يمكن للأمم المتحدة اتخاذها في حال فشلت الطرق السلمية في حل النزاعات، ومنها غير المسلح مثل الضغط الاقتصاديّ والتدخل المسلح.محاولات بائسة عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم المقرّب من رئيس مجلس النواب اللبنانيّ نبيه بري، قرأ بدوره في حديث مع منصة "المشهد"، المعلومات التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، معتبرًا أنه في الأيام الأخيرة كثُر الحديث عن بعض الأفكار التي يطرحها بعض الموفدين، لإرساء قواعد لاستقرار الوضع في الجنوب والهدف منها طمأنة إسرائيل وإعطاء ضمانات للمستوطنين، وهذا أساس تُبنى عليه كل الأفكار التي يحملها الزائرون. وأوضح هاشم أنّ لبنان أكّد لكل من وفد إلى لبنان، أنّ "البداية للحرب الدائرة في المنطقة كانت غزة، وإذا كانوا حريصين على الاستقرار والأمن الدوليّين، فما عليهم إلا الضغط على إسرائيل لوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ولبنان ملتزم بالقرارات الدولية وخصوصًا 1701، داعيًا المنظمة الدولية والمجتمع الدوليّ إلى العمل على إلزام إسرائيل بتنفيذ القرار". وأكد هاشم أنّ "أيّ توجّه منطلقه الانسحاب من كل شبر محتل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر، وصولًا إلى آخر نقطة في بحر صور، وعدا ذلك، فهي محاولات بائسة لن تجد مكانًا لها عند المسؤولين اللبنانيّين"، مشددًا على أنّ "لبنان عاش سياسة التهويل طوال العقود الماضية وتمسّكه بحقه في أرضه وسيادته كان من الثوابت الوطنية التي اثبتت جدواها وأثمرت".إشارة إلى أنه يصل أيضًا وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الى المنطقة، ويحطّ في لبنان اليوم، وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورني، مختتمًا جولة يقوم بها في المنطقة تشمل مصر والأردن وإسرائيل ورام الله. وفي بيروت، سيدعو الدبلوماسيّ الفرنسيّ أيضًا، إلى وقف عمليات الأشغال التي يقوم بها "حزب الله"، لأنها تعرّض لبنان للخطر، وسيدعو، كما فعل نظيره البريطانيّ جايمس كاميرون منذ أيام، إلى التطبيق الفوريّ لمندرجات القرار 1701، ومنها تراجع "حزب الله" إلى شمال الليطاني، لردع إسرائيل ومنعها من تطبيق تهديدها ووعيدها بشن حرب مدمرة على لبنان، لضمان أمن شمالها. يُذكر أنّ "حزب الله" فتح جبهة على الحدود بين لبنان و"إسرائيل" منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، مستخدمًا بعض صواريخه النوعية مثل "بركان" و"فلق"، فيما حصيلة قتلى الحزب وصلت إلى 182. (المشهد)