أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنّ بغداد وواشنطن اتفقتا على تشكيل لجنة لبدء محادثات حول مستقبل التحالف العسكريّ الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، بهدف وضع جدول زمنيّ للانسحاب التدريجيّ للقوات، وإنهاء التحالف.وجاء ذلك على خلفية تصاعد الهجمات بين الفصائل العراقية المسلحة والقوات الأميركية، ما حوّل البلاد إلى ساحة للقتال، في ظل عجز الحكومة العراقية عن ضبط إيقاعها.ونقلت الولايات المتحدة، استعدادها لبدء المحادثات إلى الحكومة العراقية، عبر رسالة سلّمتها السفيرة الأميركية في العراق آلينا رومانوسكي لوزير الخارجية العراقية فؤاد حسين يوم أمس الأربعاء.وكان مستشار الأمن القوميّ في العراق قاسم الأعرجي، قد غرّد عبر موقع "إكس" قائلًا: "على أميركا الضغط لوقف الحرب في غزة بدلًا من قصف مقار العراق الوطنية". وفي المقابل قالت وزارة الدفاع الأميركية إنّ "الولايات المتحدة نفذت يوم الثلاثاء الماضي، ضربات جوية في العراق ضد 3 منشآت مرتبطة بفصائل متحالفة مع إيران".وكانت الفصائل المسلحة قد نفذت يوم السبت الماضي، ضربات جوية بصواريخ بالستية، على قاعدة عين الأسد الجوية، ما أدى لإصابة 4 جنود أميركيّين، بحسب وسائل الإعلام العراقية، لكنّ مصادر خاصة، فضّلت عدم ذكر اسمها، تؤكد لمنصة "المشهد"، أنّ عدد الجنود الأميركيّين المصابين كان أكثر من ذلك.العراقيون يؤيدون الخروج الأميركيوتعليقًا على إمكانية خروج القوات الأميركية من العراق، كشفت مصادر دبلوماسية عراقية لمنصة "المشهد"، أنّ "خروج القوات الأميركية من العراق، هو مطلب شعبيّ وحكوميّ وبرلماني، ولا يمكن لأيّ جهة أن تقف بوجه الشعب أو البرلمان".وعن الفترة الزمنية التي تتطلب لخروج قوات التحالف، قالت المصادر إنّ "الإدارة الأميركية لا تريد الإنسحاب السريع، على سبيل المثال، اتفاقية الإطار الإستراتيجي، التي طبّقها العراق في العام 2009، والتي مهّدت لخروج القوات الاميركية، استغرقت وقتًا طويلًا، لم يكن الهدف منها تحويل الولايات المتحدة لعدو للدولة العراقية، بل كانت اتفاقية تعاون علميّ وعسكري، لكن استمرت المفاوضات فترة زمنية طويلة، ثم تمت جدولة خروج القوات الأميركية من العراق".أما بالنسبة للفراغ الأمنيّ الذي سيطفو إلى السطح بمجرد خروج القوات الأميركية من العراق، فاعتبرت المصادر أنّ "الأجهزة الأمنية العراقية أعدادها كبيرة على الأرض، ولها تجربة طويلة في مقاتلة الإرهاب والمتطرفين، لذلك يمكن لهذه القوات حماية حدود العراق، والتعامل بسلاسة ومرونة مع كل أشكال القتال التي يمكن أن تواجهها"."داعش" يتربّص بالمنطقةوفي المقابل، يرى المحلل الاستراتيجيّ والسياسيّ مخلد الدرب، أنّ "خروج قوات التحالف الدوليّ سواء من العراق أو سوريا، كارثة حقيقية"، مضيفًا: "على الأراضي السورية أكثر من 20 ألف مقاتل من "داعش"، يقبعون في السجون، وفي مخيم الهول، والتحالف الدوليّ بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية يقومان بحماية هذه السجون والمخيمات، وبالتالي خروج قوات التحالف، سيعطي الفرصة لهؤلاء للسيطرة على الأراضي السورية".ويؤكد الدرب لمنصة "المشهد"، أنه "في حال خروج التحالف الدوليّ، سيكون لـ"داعش" سطوة على الأراضي السورية، خصوصًا في شمال شرق سوريا، سيتمكن من التوغل داخل الأراضي العراقية، وسيعاد ما حدث في أفغانستان، عندما انسحبت القوات الأميركية في العام 2021، ما أدى إلى عودة طالبان إلى استلام زمام الأمور، بالتالي احتمالية عودة "داعش" إلى العراق في حال الانسحاب الأميركي، كبيرة جدًا، وفي المقابل، ستقوم إيران بملء الفراغ الأميركي، وتسيطر على الساحة السياسية والعسكرية في العراق".ومن الناحية العسكرية والاقتصادية، يرى الدرب أنّ "الوجود الأميركيّ في العراق يحافظ على الاستقرار، لأنّ العراق ما زال عاجزًا عن السيطرة على الأجواء، ويعاني نقصًا في التسليح، وعدم امتلاكه لقوة صاروخية و منظومات ردع، إضافة إلى اعتماده اقتصاديًا على البنك الفدراليّ الأميركي، وخروج القوات الأميركية يعني إضعاف العراق من كل هذه النواحي".أميركا لن تخرج من العراقوفي المقلب الكردي، يرى المحلل السياسيّ محمد زنكنة، أنّ القوات الأميركية لن تنسحب من العراق، لأنّ أنسحابها من العراق يعني خروجها من الشرق الأوسط بالكامل، هذا ما تعتبره من المحرّمات، لذلك حتى وإن كانت هناك بعض التعديلات على مهامّ القوات، إلا أنّ الخروج لن يكون بهذه السهولة.ويؤكد زنكنة لمنصة "المشهد"، أنّ قوات التحالف الدولي، وخصوصًا أميركا لم تكتمل مهمتها بعد، لأنّ "داعش" ما زال موجودًا، مضيفًا أنّ "المليشيات أيضاً تهدد الاستقرار، فهي تهدد إقليم كردستان ودول الجوار، لذلك انحساب التحالف الدوليّ يُعتبر انتحارًا عسكريًا، في ظل عدم وجود منظومة دفاعية مكتملة".وفي ما يخص إقليم كردستان، يرى زنكنة أنّ:الفصائل المسلحة لن تدع الإقليم وشأنه، سواء انسحبت أميركا أم لم تنسحب.هدفهم القضاء على التجربة الناجحة التي حققها الإقليم، والتي لن تستطيع الفصائل تحقيقيها. التجربة الكردية تدفع دائمًا المواطن العراقي إلى المطالبة بالمزيد من الإصلاحات والقضاء على الفساد، هذا ما يقف ضد مصلحة المليشيات والأطراف التي تعمل معها. وكشف زنكنة أنّ:حكومة إقليم كردستان في حال استمرت الهجمات على القواعد الأميركية في أربيل، ستلجأ إلى الطرق القانوينة لتلافي شبح الحرب. هناك اتفاق عسكريّ بين الولايات المتحدة و إقليم كردستان، بتزويده بالسلاح والمعدات الخفيفية، وإعادة هيكلة وجدولة قوات البيشمركة، وإعادة ترتيب الألوية.هذا الاتفاق قيمته نصف مليار دولار سنويًا، ومدد حتى العام 2026، بالتأكيد من الممكن أن يأخذ مناحيَ أخرى إن استمرت المليشيات بتهديد أمن إقليم كردستان.وتعرضت القواعد العسكرية التي تضم قوات أميركية سواء في العراق أو سوريا، إلى أكثر من 150 هجومًا من قبل الفصائل المسلحة منذ بدء الحرب في غزة، في 7 أكتوبر الماضي.(المشهد)