من المتوقع أن يزور العاصمة الفرنسية هذا الصيف أكثر من 15 مليون زائر لحضور الألعاب الأولمبية والبارالمبية، ومن المتوقع أن تشكل هذه الفعاليات الحدث الرياضيّ الأهم لهذا العام.ولكن مع احتدام الصراعات في جميع أنحاء العالم، سيتصدر الموضوع الأمنيّ المشهد في بلد له تاريخه الخاص في الهجمات الإرهابية المدمرة. الأمن يتصدر المشهدوفي هذا الإطار، يقول المتخصص في الجغرافيا السياسية الرياضية جان بابتيست غيغان في تقرير نشرته صحيفة "The Times of Israel": "لم نواجه مسائل جيوسياسية في الألعاب منذ الحرب الباردة. لكن هذه المرة، قد يكون الأمن هو المشكلة الأكبر حيث إنّ جميع التوترات الحالية، مثل الصراع بين إسرائيل و"حماس"، ستنعكس على الألعاب الأولمبية. فالقول السائد بأنّ الرياضة والسياسة لا تلتقيان مجرد أسطورة. وكانت الدوافع السياسية في دائرة الضوء يوم الأربعاء عندما أكد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، أنّ إسرائيل لا تواجه أيّ تهديد بالنسبة لوضعها الأولمبيّ قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس، على الرغم من الصراع في غزة. فبعض الدعوات المتفرقة التي واجهتها تل أبيب لفرض عقوبات رياضية عليها منذ أكتوبر الفائت، جاءت من روسيا المعزولة أساسًا عن العالم الرياضي بسبب غزوها لأوكرانيا". وردًا على سؤال يوم الأربعاء حول عدم مشاركة الفرق والرياضيّين الإسرائيليّين في باريس، قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: "لا، الموضوع غير مطروح".ماذا ينتظر إسرائيل؟وتأخذ إسرائيل في الاعتبار بالفعل العديد من الأحداث الطارئة التي قد تتكشف في الألعاب: كيف يمكن أن تكون ردة فعل أيّ رياضيّ إسرائيلي على العروض العلنية المؤيدة للفلسطينيّين؟ ماذا لو واجه أحدهم رياضيًا أو فريقًا فلسطينيًا – أو واحدًا من إندونيسيا مثلًا، الدولة التي حاولت منع إسرائيل من المشاركة في كأس العالم للرجال تحت 20 سنة. هل سيزور رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو باريس؟ ماذا لو رفض أيّ لاعب أولمبيّ التنافس ضد إسرائيلي؟ ماذا لو تم حرق العلم الإسرائيلي؟ هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه سيتعين على الرياضيّين المتنافسين البالغ عددهم 10.500، أن يضعوا التوترات الدولية جانبًا، وأن يتعايشوا معًا في القرية الأولمبية. لكنّ غيغان يقول إنّ الأمر لن يكون بهذه البساطة. ويضيف: "سيكون الرياضيون رهينة الواقع الجيوسياسيّ الذي يتجاوزهم. فبمجرد أن نضع اللاعبين وجهًا لوجه، ستظهر المواقف، كما رأينا مؤخرًا في تركيا"، في إشارة إلى لاعب كرة القدم الإسرائيليّ ساغيف جيهزكيل، الذي تم اعتقاله في تركيا لمناسبة مرور 100 يوم على اختطاف الأسرى من قبل "حماس".باريس - ميونيخولطالما ترددت أصداء الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني في فرنسا، موطن أكبر الجاليات اليهودية والمسلمة في أوروبا. ويقول غيغان: "إنّ خوفي الأكبر، والكثيرون يشاركون الشعور، هو أنّ هناك استعدادًا لإعادة إحياء ذكرى ميونيخ، ورغبة بعض الجهات الفاعلة في جعل باريس ميونيخ جديدة". فخلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1972 في ميونيخ بألمانيا، تسلل 8 أعضاء من منظمة أيلول الأسود الفلسطينية المسلحة إلى القرية الأولمبية، وقتلوا 11 إسرائيليًا. وقدمت اللجنة المنظمة لباريس 2024 بالفعل تأكيدات بأنه سيتم تنفيذ إجراءات "غير مسبوقة" لتأمين الألعاب، بما في ذلك نشر 30 ألف من رجال الشرطة والدرك الذين سيتم تعزيزهم بنحو 20 ألف جندي.بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يوجد ما بين 17.000 إلى 22.000 من الحراس الخاصّين في المواقع الأولمبية ومناطق المشجعين.وأعلن قائد شرطة باريس، لوران نونيز، أنه سيكون من الضروريّ تقديم رمز QR للتنقل بحرية، سواء سيرًا على الأقدام أو في مركبة آلية، في مناطق معينة ستقام فيها الأحداث الأولمبية. ويقول غيغان: "التهديد معقّد. يمكننا أن نتخيّل أن تقوم جهات فاعلة معزولة بمهاجمة الحشود، أو أن ترصد وتستهدف المؤيدين الإسرائيليّين أو حتى الممثلين الإسرائيليّين على الأراضي الفرنسية". ويضيف غيغان أنّ التهديد الآخر الذي لا ينبغي إهماله هو المعلومات المضللة مثل الشائعات والجهود عبر الإنترنت، التي ستنتشر لزعزعة استقرار الرياضيّين وزرع الاضطراب في نفوسهم قبل المنافسات، أو حتى الحملات بأكملها المخصصة لزرع الفتنة بين الرياضيّين والحاضرين. مخاطر وضغوط عاليةوأحد التحديات المهمة هو حفل الافتتاح في 16 يوليو الذي سيقام في الهواء الطلق على نهر السين، بالقرب من برج إيفل، مع وفود رياضية ستقدم عروضًا أمام ملايين المتفرجين على أرصفة النهر وخلف الشاشات.وستكون هذه المرة الأولى التي يقام فيها حفل افتتاح أولمبيّ خارج الملعب الأولمبي، وقد تمت مناقشة مسألة الأمن لأشهر عدة - خصوصًا منذ الهجوم الإرهابيّ الذي وقع بالقرب من برج إيفل في ديسمبر، والذي خلّف قتيلًا واثنين من الجرحى. (ترجمات)