تعد إسرائيل أكبر متلق للدعم والمساندة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وبلغ حجم الدعم السياسي والدبلوماسي الأميركي لإسرائيل ذروته، فالمواقف المتتالية ظهرت تباعاً في خضم الحرب الحالية التي تخوضها الأخيرة في قطاع غزة، من دعمها في الميدان وصولاً إلى الأروقة الدولية.ورحبت إسرائيل حكومة وشعباً بالخطوة الأميركية الأخيرة، حيث صوت مجلس النواب الأميركي لصالح فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية سعيها لإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه، ومسؤولين آخرين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وإبادة جماعية ضد الإنسانية في قطاع غزة، فهل سيحظى مشروع القانون، بموافقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن حتى يصبح قانوناً في مقبل الأيام؟ وما هي دلالات ومآلات الخطوة الأميركية الجديدة؟ عقوبات أميركية على "الجنائية الدولية"وفي هذا الصدد، أعرب الخبير القانوني والأكاديمي د. أيمن يوسف لمنصة "المشهد" بأن "هناك توجها أميركيا واضحا على صعيد البيت الأبيض السلطة التنفيذية، والكونغرس السلطة التشريعية، لعدم التعامل مع محكمة الجنايات الدولية، لأنها اقحمت بشكل مباشر اسم نتانياهو وغالانت بالمذبحة الحاصلة في قطاع غزة، ومن المرجح أن تقحم أسماء سياسيين وضباط عسكريين إسرائيليين". وشدد د. يوسف بأن خطوة مجلس النواب الأميركي دليل على أن "الولايات المتحدة ترفض أي شكل من أشكال التدويل لقضية حرب إسرائيل على غزة، سواء الذهاب إلى مجلس الأمن، أو الأمم المتحدة، أو المحاكم الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية، فالقناعة الأميركية تقول إن المفاوضات المباشرة والرعاية الأميركية، ستكفل الوصول إلى حل لإنهاء الحرب، وترتيب الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على نطاق كبير في مرحلة ما بعد الحرب على غزة". وأشار خلال حديث لـ"المشهد" قائلاً بأن تبعات الخطوة الأميركية من خلال "وقف الدعم الأميركي الاقتصادي والمالي للمحكمة، وعدم إصدار تأشيرات لبعض القضاة خصوصا كريم خان لدخول الأراضي الأميركية، ممارسة ضغوط أميركية على الدول التي يأتي منها القضاة، بهدف سحب القضاة أو عدم التعامل معها، سوف تحاول أن تجند تحالفا دوليا عريضا من بعض الدول والمنظمات لعدم الذهاب بعيداً في ملف الحرب الإسرائيلية على غزة، وسيكون بعض القضاة والمحامين والمنظمات والدول التي تلف في الفلك الأميركي جزءاً من هذا الترتيب". وحول مدى تأثير العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يعتقد د. يوسف "لن يكون هناك تأثير مباشر على عمل المحكمة الجنائية الدولية، فهناك الكثير من الدول التي تدعمها، وعلى الأرجح ستكون تحديات من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وأنصارهما في العالم، فالمحكمة بحاجة شهود وشهادات ميدانية وزيارة إلى قطاع غزة، لكن الأوضاع التكتيكية لا تسمح بهذا الشيء، يمكن أن تمارس أميركا الضغوط على القضاة لتقديم استقالتهم". سمعة أميركا على المحك بدوره، اعتبر الباحث السياسي أشرف العجرمي لمنصة "المشهد" بأن "الولايات المتحدة الأميركية تحول المؤسسات الدولية إلى وسيلة ضغط سياسي، عندما يتحدث الكونغرس الأميركي، أن الأشخاص والدول المحميين من قبل الولايات المتحدة لا يجوز استدعاؤهم، أو تقديم لوائح اتهام ضدهم، أو ملاحقتهم قانونياً، هذا يعني أن القانون يطبق على جزء من العالم وجزء آخر لا يطبق عليه القانون، ويحق له ارتكاب جرائم كما يشاء من دون أي ملاحقة قانونية دولية". ويصف الباحث السياسي العجرمي بأن خطوة مجلس النواب الأميركي "دليل بأن العالم منقسم إلى قسمين، الأول مطلوب منه أن ينفذ القانون، والثاني يخترق القانون من دون حسيب أو رقيب، وعملياً هذا يضع كل المنظومة الدولية تحت سؤال عن أي عالم نتحدث؟ تسود فيه القوة، ولا توجد فيه مساواة، ولا قانون ولا نظام عادل". وأكد لـ"المشهد" بأن "الولايات المتحدة تضع نفسها في عزلة دولية، وفي نهاية المطاف ستصبح دولة مارقة وخارج القانون، فهي تتحدى العالم وهذا سيمس بصورتها وسمعتها، ولن تتمكن من حماية أي مجرم من الملاحقة القانونية مهما اتخذت من مواقف، سواء أكان من إسرائيل أو بلد آخر، هي فقط تسيء لنفسها وتتحدى المنظومة القانونية الدولية". إنصاف ومناصرة لإسرائيل من جانبه، أشاد الأكاديمي والخبير السياسي الإسرائيلي شمعون شتيرت بالمساعي الأميركية تجاه إسرائيل وقال "هذه المبادرة من قبل مجلس النواب الأميركي، جاءت بعيد انتقادات قوية من جميع الأطراف في الولايات المتحدة ودول أخرى، تجاه طلب قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتانياهو وغيره من قادة إسرائيل، المحكمة أخطأت كونها لمحاكمة زعماء في دولة ديمقراطية، لها جهاز قضائي مستقل وجهاز تحقيق مستقل لأي خرق". واستطرد الخبير السياسي قوله إن "إسرائيل دولة ديمقراطية وعلى سبيل المثال تم تقديم دعوى إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، بالنسبة للمساعدات الإنسانية التي تقدم ويتم إدخالها إلى قطاع غزة إذا كانت كافية أم لا، والمحكمة تنظر بالموضوع، لذلك اخطأت الدعاية العامة في المحكمة الدولية، ونحن نرى بأن الإجراء من قبل مجلس النواب الأميركي، تصريح واضح وصريح ضد المحكمة وقراراتها، ولكن في انتظار الموافقة النهائية في ظل وجود تحفظات من هذه الخطوة". ونوه شتيرت لـ"المشهد" بأن "الخطوة الأميركية تكتسب أهمية كبرى في عموم إسرائيل، فهي تشير إلى انعدام الدعم الأميركي لقرارات المحكمة الجنائية ضد القادة الإسرائيليين، ورفضها جملة وتفصيلاً، والتنديد بها ومواجهتها، والخطو بمثابة دعم أميركي مطلق تجاه إسرائيل وخطواتها في مكافحة حركة "حماس" في قطاع غزة".(المشهد)