مع تواصل التصعيد في الشرق الأوسط وخصوصًا بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، تقف الأسرة الدولية عاجزة فيما تغرق المنطقة في حرب لم تنجح مساعيها الدبلوماسية المكثفة في منع وقوعها. وعكست الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك بمشاركة قادة دول العالم، الهوة العميقة ما بين الدعوات المتزايدة إلى الهدوء، وتكثيف الضربات الإسرائيلية على لبنان، يقابلها قصف صاروخيّ من لبنان على الدولة العبرية.عجز دبلوماسي ومع تأكيد مقتل حسن نصر الله السبت في غارة إسرائيلية عنيفة استهدفته في قلب معقل الحزب في الضاحية الجنوبية، بات الوضع داهمًا أكثر قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر في الولايات المتحدة، الحليف الأول لإسرائيل. وأوضحت برونوين مادوكس مديرة مركز تشاتام هاوس البريطانيّ للدراسات، أنّ "الغرب مطالب بإقناع إسرائيل باتخاذ بعض القرارات التي تخفض حدة التوتر، لكن هذا ليس ما شهدناه في الأيام الأخيرة". وقبل تنفيذ الضربة، حض وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مساء الجمعة إسرائيل و"حزب الله"، على "وقف إطلاق النار" بأسرع ما يمكن. وقال بلينكن، "قد يبدو من الصعب تبيان طريق الدبلوماسية في الوقت الحاضر، لكنها موجودة وهي برأينا ضرورية. سنواصل العمل عليها بكثافة". لكنّ الواقع أنّ واشنطن لم تتخذ أيّ تدابير عملية ملموسة منذ اندلاع الحرب في غزة، لإرغام إسرائيل على تبديل سياستها. ورأت برونوين مادوكس أنّ الولايات المتحدة "بإمكانها ممارسة المزيد من الضغط بالامتناع عن تسليم المزيد من الأسلحة". لكنّ إسرائيل أعلنت الخميس أنها حصلت على رزمة جديدة من المساعدات العسكرية الأميركية بقيمة 8,7 مليارات دولار. وقالت الخبيرة إنّ "الضغط شديد بالأساس على الصعيد الدبلوماسي، ولم نعد في الثمانينيات أو التسعينيات، حين كان يكفي للإدارة الأميركية أن تجري اتصالًا هاتفيًا للحصول على أمر ما".إسرائيل عادت "تبعث الخوف" فبعد نحو عام على هجوم "حماس"، عاد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو للإمساك بالوضع. ورأى مسؤول عسكريّ أوروبيّ كبير، أنّ "إسرائيل نجحت في قلب منحى الرعب تمامًا. كانوا في مأزق، مصدومين، ضعفاء، فاقدي المصداقية. أما اليوم، فعادوا يبعثون الخوف من جديد". وأشار إلى حجم الدمار الذي لحق بغزة وبات يلحق الآن بلبنان، معتبرًا أنه "كلفة باهظة سيدفع الإسرائيليون ثمنها لعقود". وحرص بعض أعضاء الائتلاف الحكوميّ الإسرائيليّ وخصوصًا من اليمين المتطرف، على أخذ مسافة عن الولايات المتحدة. ولفت جيمس دورسي من معهد إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، إلى أنّ "الحزب العماليّ كان يرفع تقليديًا شعارًا يقول بعدم الخروج أبدًا عن التوافق مع الأميركيّين. أما الليكود (بزعامة نتانياهو)، فلا يفكر على هذا النحو". ورأى الباحث أنّ السلطة الإسرائيلية تبنت "ذهنية القلعة المحاصرة" التي يصعب اختراقها، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية.وما يعزز ذلك الوزن الكبير الذي تحظى به القضية الإسرائيلية الفلسطينية في الرأي العام الأميركي. وقال دورسي بهذا الصدد، "لا أعتقد أنّ أيّ بلد يلقى الدعم الشعبيّ الذي تلقاه إسرائيل في الولايات المتحدة" معتبرًا "من غير المرجح أبدًا" أن تدخل واشنطن في خلاف مع حليفها قبل انتخابات نوفمبر.(أ ف ب)