منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، ارتفع بشكل كبير عدد ناقلات النفط التابعة لجهات غامضة أو التي تفتقر إلى التأمين المناسب. ويفيد خبراء بأنّ ذلك سمح للكرملين ببناء أسطول ظل أو ما يُعرف بـ"الأسطول الشبح" لتصدير نفطه رغم الحظر المفروض من الغرب، والسقف المحدد لأسعار مبيعات روسيا العالمية. ما هو الأسطول الشبح؟ تعرّف كلية الاقتصاد في كييف "الأسطول الشبح" بأنه مراكب تجارية غير مملوكة لدول ضمن ائتلاف مجموعة الـ7 مع الاتحاد الأوروبي، أو لا تستخدم تأمين الحماية والتعويض. وقالت خبيرة الاقتصاد في الكلية إيلينا روباكوفا، "إنه أمر ليس غريبًا، حتى قبل الحرب". وأفادت بأنّ "أسطول الظل يُستخدم أيضًا لتجنّب نموذج الأعمال التجارية الطبيعي" مثل تكاليف التأمين الباهظة. ويُستخدم هذا النوع من السفن التي يطلق عليها أيضًا "الأساطيل الغامضة" في دول مثل إيران وفنزويلا الخاضعتين لعقوبات نفطية أميركية، وحتى كوريا الشمالية، بحسب الباحثة لدى "المجلس الأطلسي" إليزابيث براو. وبناءً على إحصائيات خدمة "لويدز ليست إنتيليجنس"، فإنّ عدد هذه السفن تضاعف العام الماضي وباتت حاليًا تمثّل نحو 10% من ناقلات النفط التي تعمل دوليًا. ويعادل ذلك نحو 1400 سفينة، وفق ما أفاد المجلس الأطلسيّ في يناير الماضي.لماذا تستخدم روسيا الأساطيل الغامضة؟ فُرض حظر نفطيّ على روسيا وسقف على أسعار الخام الروسي، إضافة إلى حظر على تقديم خدمات لنقل النفط بحرًا لحرمانها من تمويل حربها في أوكرانيا. وللالتفاف عليها، اضطرت موسكو لخفض اعتمادها على الخدمات البحرية الغربية عبر شراء ناقلات، وتوفير تأمين خاص بها، وفق شركة "رايستاد إنرجي" الاستشارية. وتقدّر ريباكوفا بأنّ أكثر من 70% من النفط الروسيّ الذي يُنقل بحرًا يستخدم الأسطول الشبح. وفي تقريرها بشأن "تعقّب النفط الروسي" الصادر في ديسمبر، قدّرت كلية الاقتصاد في كييف بأنّ 179 ناقلة من الأسطول الشبح محمّلة بالنفط غادرت الموانئ الروسية في نوفمبر 2023. وفي أكتوبر، أتاح الأسطول الشبح الروسيّ تصدير نحو 2.3 مليون برميل يوميًا من الخام و800 ألف برميل من مشتقات البترول من إجماليّ الإنتاج الروسيّ البالغ 10 ملايين برميل يوميًا، وفق الكلية. ما هي المخاطر؟ ذكرت "لويدز ليست إنتيليجنس" في ديسمبر، أنّ "الجزء الأكبر من هذا الأسطول الغامض لم يخضع لأيّ تفتيش مؤخرًا، كما أنّ صيانة (سفنه) دون المستوى وملكيتها غير واضحة ولا تملك تأمينًا، فيما يتم تشغيلها للالتفاف على العقوبات وتكاليف التأمين الباهظة". وتحذّر كلية الاقتصاد في كييف مرارًا من أنّ السفن المتقادمة تشكّل "خطرًا بيئيًا هائلًا للاتحاد الأوروبي"، إذ تمرّ هذه السفن القديمة وذات الصيانة الرديئة من أمام سواحل عدد من الدول الأوروبية. ويفيد المجلس الأطلسي بأنّ السفن التي بُنيت قبل أكثر من 20 عامًا، يُتوقّع أن تشكّل 11% من أسطول الناقلات العالميّ بحلول العام 2025. وقبل حرب أوكرانيا، كانت النسبة 3%. ولا تملك أيُّ من السفن المنضوية في الأسطول الشبح الروسيّ تأمين حماية وتعويض مناسب، وهو أمر إجباريّ بالنسبة للمراكب التجارية لتغطية المخاطر الناجمة عن الحروب أو حوادث الاصطدام، أو الأضرار البيئية مثل التسرب النفطي. وتمثّل جهات تأمين من دول الاتحاد الأوروبيّ والمملكة المتحدة التي فرضت جميعها عقوبات على روسيا نحو 90 إلى 95% من سوق تأمين الحماية والتعويض. وبالنسبة للمجلس الأطلسي، فإنّ أسطول الظل ليس عسكريًا، ولكنه سلاح قويّ نظرًا إلى أنّ داعمي أوكرانيا سيدفعون الثمن في حال وقوع حادث في البحر مع سفينة غربية أو تسرّب نفطي. (أ ف ب)