قبل ساعات قررت موسكو تصنيف "فيلق حرية روسيا" الذي يضم متطوعين يقاتلون إلى جانب أوكرانيا على أنه منظمة "إرهابية"، في الوقت الذي تكافح فيه مجموعة "فاغنر" المسلحة الروسية للسيطرة على مدينة باخموت شمال شرقي كييف، حيث تشير الأنباء إلى معارك طاحنة. وفيلق "حرية روسيا" لم يكن معلنا أو معروفا بشكل كاف منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عام، حيث كانت التقرير تشير إلى مجموعة منظمة واحدة من المتطوعين تقاتل إلى جانب أوكرانيا تعرف باسم "كتيبة آزوف" والتي تشكلت عام 2014، وتضم مجموعة من اليمينيين المتطرفين، وذلك قبل أن تتناول وسائل إعلام أوكرانية وغربية تقارير تتحدث عن مقاتلين روس إلى جانب كييف خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي.مكتب المدعي العام الروسي في بيان له قال إن المحكمة العليا أصدرت هذا التصنيف بناء على طلبه، حيث بموجبه تحظر أنشطة المنظمة في روسيا ويعرّض أفرادها ومناصروها لخطر عقوبات تصل إلى السجن المؤبد. ما هو فيلق حرية روسيا؟ وفق وكالة "فرانس برس" فإن "فيلق حرية روسيا" تأسس مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وهو يضمّ متطوعين دوليين يقاتلون إلى جانب الجيش الأوكراني وشعاره يمثل قبضة تحمل عبارتي "روسيا و"حرية". وبالبحث على منصات التواصل الاجتماعي حول هذه المجموعة، تم العثور على حساب يحمل اسم "Freedom of Russia Legion" على "تويتر"، تم إنشاؤه في أبريل 2022، حيث ينشر بعض الصور والمقاطع المصورة الخاصة بأعضاء المجموعة الذي يحملون أعلاما بيضاء يتوسطها خط أزرق اللون، كما ينشر أرقام حسابات بالعملات المشفرة من أجل التبرع. وتضمن الحساب الموجود على "تويتر"، والذي لم تتأكد منصة "المشهد" من ارتباطه بشكل وثيق بما يدعى "فيلق حرية روسيا"، مقطع فيديو مصور منشور بتاريخ 30 أبريل وكتب عليه: "بعد ما يقرب من شهرين من التدريب، انتقلت فرق فيلق حرية روسيا إلى ساحات القتال في شرق أوكرانيا(..) نشكر القوات المسلحة الأوكرانية لثقتها بنا". وخلال مقابلة في يناير الماضي، قال المتحدث باسم المنظمة الذي يطلق على نفسه اسم "قيصر" لمراسلي وكالة "فرانس برس"، إن الفيلق يضم "مئات عدة" من المتطوعين الروس. الخبير السياسي والدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف، أكد في حديثه مع منصة "المشهد"، وجود ما يسمى بـ"فيلق حرية روسيا"، قائلا: "هناك الكثير من المنظمات والحركات الأخرى، التي دفعها النظام الاستبداد الروسي للقتال بجوار الجيش الأوكراني.. هناك الكثير من الشعوب داخل الاتحاد الروسي تعاني من الاضطهاد وترفض الحرب إلى جانب موسكو".وبعد ساعات من قرار المدعي العام الروسي، نشرت قناة المنظمة الإرهابية وفق التصنيف الروسي، الموجودة على تطبيق "تلغرام" تقول: "تم الاعتراف بالفيلق غير الموجود كمنظمة إرهابية في الاتحاد الروسي (..) مضحك أن روسيا تكافح بعناد أي تعبير عن التفكير الحر (..) دعونا ننظر إليكم عندما يدخل الفيلق غير الواقعي، كما يزعم الكرملين، إلى موسكو"."بوتين تسبب في ظهور العديد من الحركات داخل روسيا، وأعتقد من وجهة نظري هذا طريقا نحو انهيار موسكو. هناك الكثير من الشعوب التي تضغط عليها روسيا، وهذه الحركات تشكلت ضد نظام الرئيس البوتين"، بحسب الدبلوماسي الأوكراني السابق. هل أصبحت حرب عصابات؟ وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس" في يناير الماضي، فإن هناك مقاتلين من فيلق "حرية روسيا" يحاربون في مدينة باخموت التي تشهد معارك ضارية منذ أشهر، وذلك في مواجهة "فاغنر"، فهل ينذر ذلك بتحول المعارك نحو ما يسمى بحروب العصابات؟ الخبير السياسي من لندن عمار وقاف يقول في حديثه مع منصة "المشهد": "حرب فاغنر في باخموت (أرتيموفسك)، لا تصنف على أنها حرب عصابات. هي حتى الآن حرب نظامية، وتشكيلات القوات فيها واضحة، وإن كانت تدور ضمن المدن". وحرب العصابات "Guerilla War" هي أحد أنواع الحروب التي تقوم بها مجموعات صغيرة في مناطق العدو، ويصعب كشفها والتنبؤ بهجماتها، وهي تختلف عن الحرب النظامية التي تكون فيها الفرق والألوية واضحة الانتشار والتسليح، حسبما أشار وقاف. من جهته يقول الأكاديمي الروسي أندريه تشوبريغن لمنصة "المشهد": "لا أعتقد أن هذه الحرب يمكننا أن نطلق عليها اسم حرب العصابات، على الأقل ليس الآن"، ليضيف: "هناك معارك بين الجيش الأوكراني والجيش الروسي على خط الجبهة، لكن اسم حرب العصابات مناسب لوصف الاحتمالات المختلفة في المستقبل القريب". وخلال هذا الأسبوع، اعتبر القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية أن الدفاع عن باخموت أساسي للحفاظ على "الاستقرار على الخطوط الأمامية" لجبهة القتال في شرق البلاد، إذ قال فاليري زلوجني: "العملية الدفاعية في هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية قصوى لردع العدو. إنها أساسية لاستقرار عملية الدفاع عن الجبهة بأكملها". وتكبدت أوكرانيا في الأيام الماضية خسائر فادحة في الدفاع عن المدينة فيما تعلن القوات البرية التي تقودها مجموعة "فاغنر" عن مكاسب وإمكانية تطويق المدينة قريبا. لكن، الخبير السياسي الأوكراني في حديثه، اعتبر ما يحدث في باخموت على أنه استنزاف للقوات الروسية ومجموعة "فاغنر"، قائلا: "كييف تقوم باستنزاف في باخموت، بصراحة حققنا ذلك بنجاح. نحن نشاهد أن وتيرة الهجوم الروسية تراجعت في الكثير من الجبهات". لكنه عاد ليقلل من معارك مباشرة بين فاغنر و"فيلق حرية روسيا" على الأقل في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن الفيلق الذي يحارب إلى جانب بلاده "لا يمتلك قوة كبيرة، هو الآن ضعيف، لكن في المستقبل قد يكون هناك معارك مباشرة بينهما". تحولات خلال المستقبل منذ أشهر عدة، تتناول وسائل الإعلام الأميركية والغربية تقارير تفيد باستعداد أوكرانيا لهجوم مضاد خلال فبراير أو مارس أطُلق عليه "هجوم الربيع"، حيث تزايد دعم الحلفاء لكييف من الأسلحة والمعدات الثقيلة من بينها دبابات دفاعية متطورة من طراز "ليوبادر2" الألمانية وأنظمة صاروخية ودفاع جوية متطورة منذ يناير الماضي، وصولا إلى أسطول من الطائرات المقاتلة تعود إلى الحقبة السوفيتية من طراز "ميج-29" أعلن عنها قبل ساعات. ويشكك الخبراء والمحللون في حديثهم مع منصة "المشهد" حول هذه المعركة أو الهجوم المزعوم، حيث يقول عمار وقاف: "هجوم الربيع، يتم طرحه من قبيل التكهنات، ولا معلومات حوله، ولا ينبغي أن يكون هناك معلومات من الأساس". "هناك توقعات حول هجوم أوكراني مضاد أو هجوم روسي جديد. أظن أن هناك احتمالا كهذا لكنه ليس بالضرورة أن يحدث"، حسبما يقول الأكاديمي الروسي، والذي يضيف: "يبدو أن الطرفين ليست لديهما إمكانات واحتياطات ضرورية لتنظيم الهجوم والقيام به، على الأقل في المستقبل القريب". وكشفت تقارير إعلامية خلال الأسابيع الأخيرة، عن أزمات لوجستية تواجه القوات الروسية والأوكرانية على حد سواء، واعترف بذلك رئيس مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين في مطلع مارس قائلا إن قواته لا تحصل على الذخيرة الكافية التي تحتاجها للقتال على جبهة باخموت. من جهته أشار شوماكوف إلى استعداد بلاده للهجوم الماضي، ليقول الخبير الأوكراني: "الجيش يستعد للهجوم، ولكن ليس الآن لأن هذه الفترة تشهد ذوبان الجليد وأصبحت كل الأراضي والحقول مستنقعات مياه، كما الخنادق مليئة بالماء والطين". بينما يضيف تشوبريغن: "في هذا الأثناء نواجه إمكانية كبيرة لتحويل هذه الحرب إلى حرب استنزاف وحرب خنادق (..) في هذا الحال علينا أن نتوقع حربا طويلة المدي ترافق حرب عصابات متجولة حتى خارج خطوط المواجهة الأساسية". ويتفق شوماكوف مع الأكاديمي الروسي حول مستقبل هذه الحرب قائلا: "نعم في المستقبل ستتحول إلى حرب عصابات وميليشيات (..) وهذا أيضا سيكون بداية حرب أهلية في روسيا نفسها، وداخل روسيا، خصوصا أن الأوليغارشية تسعى لتأسيس مجموعة على غرار فاغنر في الفترة المقبلة". ويعتبر المراقبون والسياسيون أن الحرب الروسية الأوكرانية ستمدد لفترة طويلة في المستقبل، حيث نقلت صحيفة يومية ألمانية قبل ساعات عن المستشار الألماني أولاف شولتس قوله إنه لا يتوقع انتهاء الحرب قريبا و"يجب أن نكون مستعدين لحرب ممتدة حتى لو كنا نتمنى انتهاءها قريبا". (المشهد)