واجه الإسرائيليون خلال الأشهر الماضية، خطط الإصلاح القضائيّ التي تقدّمت بها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ونجحوا حتى الآن في منع الائتلاف الحاكم من منح نفسه سلطة تجاوز قرارات المحكمة العليا، وإلغاء القوانين وتعيين القضاة. فما هو قانون حجة المعقولية في إسرائيل؟وفي قرار مثير للجدل إلى حدّ كبير، ألغت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، قانون "حجة المعقولية" الذي تم إقراره في وقت سابق من عام 2023، والذي حدّ من الرقابة القضائية على الحكومة. وشكّل الحكم سابقة قانونية لادعاء المحكمة العليا بأنّ لها الحقّ في إلغاء القوانين الأساسية. ما هي حجة المعقولية في إسرائيل؟ ويتيح قانون حجة "المعقولية" للمحكمة الإسرائيلية مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية، وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام. وينصّ القانون على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية، سواءً في ما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها، أم قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب. جرى تمرير هذا التعديل في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) في 24 يوليو 2023، بعد حصوله على 64 صوتًا إثر انسحاب المعارضة من جلسة التصويت. ويسمح القانون وفق مؤيديه، بـ"حوكمة" أكثر فاعلية، ويترك للمحكمة في الوقت نفسه مجالًا واسعًا للرقابة القضائية. فيما يؤكد المنتقدون للقانون أنّ التعديلات ستفتح الباب أمام الفساد وإساءة استخدام السلطة.ما معنى حجة المعقولية؟إنّ استخدام "حجة المعقولية" كأساس لإلغاء قرار حكوميّ له تاريخ طويل في القانون البريطاني، وكان جزءًا من النظام القانونيّ الإسرائيلي منذ تأسيس الدولة، كما يوضح الباحث في معهد الديمقراطية الإسرائيليّ الدكتور أمير فوكس، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية.ويؤكد فوكس أنّ "حجة المعقولية" لا تنطبق إلا في القانون الإداريّ وليس الدستوري، وبالتالي لا يمكن استخدامه لإلغاء التشريعات.ووفقًا للباحث، بحكم التعريف، تشير "حجة المعقولية" إلى التوازن بين المصالح السياسية والعامة في عملية صنع القرار.وبالتالي فإنّ القرار "غير المعقول" هو القرار الذي "يركز بشكل غير متناسب على المصالح السياسية من دون مراعاة كافية لثقة الجمهور وحمايته".ومع ذلك، أكد فوكس أنّ القانون "لم يتمّ تشريعه قط"، ولكن على مر السنين "أصبح قانونًا عامًا".كيف نشأ قانون "حجة المعقولية"؟ في يناير 2023، كشف وزير العدل الإسرائيليّ ياريف ليفين، عن حزمة من التشريعات التي تشكل خطة شاملة للحدّ من سلطة السلطة القضائية في البلاد. كان معظم تركيز الاحتجاجات ضدّ الإصلاح القانونيّ خلال النصف الأخير من العام الماضي، يدور حول هذه الحزمة التشريعية، التي من شأنها أن تمنح الائتلاف الحاكم سلطة تجاوز قرارات المحكمة العليا، وإلغاء القوانين وصولًا إلى تعيين القضاة. لكن هناك نقطة رئيسية أخرى ومثيرة للجدل إلى حدّ كبير في الخطة، وهي التشريع لمنع المحكمة العليا من عرقلة قرارات الحكومة التي وجدتها "غير معقولة". واكتسبت أهمية "حجة المعقولية" مكانة بارزة، عندما استبعدت محكمة العدل العليا الإسرائيلية رئيس حزب شاس آري درعي من العمل كوزير للصحة والداخلية، بسبب إدانته في تهم التهرب الضريبي والفساد والرشوة كموظف عام. ما هي المحكمة العليا؟وتُعتبر المحكمة العليا في إسرائيل أعلى محكمة في البلاد ويقع مقرّها في مدينة القدس. وتتألف المحكمة من 15 قاضيًا ولها وظائف عدة، منها العمل كمحكمة استئناف على قرارات صدرت في المحاكم المركزية، أو أنّ القرارات الصادرة عن المحكمة تُلزم كل المحاكم باستثناء المحكمة العليا ما يمنحها مبدأ "الأسبقية". وتبتّ المحكمة العليا في القضايا التي ترى بأنّ هناك حاجة للنظر فيها، من أجل تحقيق العدل، وهي ليست ضمن صلاحيات أيّ محكمة أخرى. (وكالات)