يومًا تلو الآخر، تتزايد حِدة الخلاف بين إثيوبيا والصومال، على خلفية توقيع الأولى مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي يقضي بموجبه السماح لإثيوبيا باستغلال 20 كيلو مترًا من الأراضي الصومالية كمنفذ على البحر الأحمر، فضلًا عن إمكانية عمل قاعدة عسكرية هناك.الاتفاق الذي أبرمته الدولة الإثيوبية، قوبل برفض عربي ودولي واسع، كونه اتفاقًا غير قانوني، إذ لا يجوز لإقليم أرض الصومال إجراء أي اتفاقات دولية بمفرده، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الدولة الصومالية.وكان إقليم أرض الصومال قد أعلن انفصاله عن مقديشو، عام 1991 في إجراء أحادي، ولم يعترف به أيّ من دول العالم.وأمام هذه التحركات الأخيرة للدولة الإثيوبية، والتي تبحث لها عن منفذ بحري، باعتبارها دولة حبيسة لا تطل على بحار أو محيطات، يلوحُ في الأفق شبح صراع عسكري مسلح بينها وبين الدولة الصومالية التي تعاني في الأساس ضعفا.ورأى خبراء سياسيون، في حديث لمنصة "المشهد" أنّ التوترات الجارية ما بين الصومال وإثيوبيا، تعود في الأساس إلى النزعة القبلية والعرقية التي تعاني منها الدول الإفريقية الأمر الذي يجعلها باستمرار عرضة لشبح التقسيم والنزاعات الطائفية المُسلحة.الصراع القبلي والعرقيوقال مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، السفير جمال بيومي، إنّ الأزمة الحقيقية التي تعاني منها غالبية الدول الإفريقية، هي تفضيلهم للقبيلة والعرق بديلًا عن الانتماء لدولة موحدة وهو ما يكشف حقيقة الصراع الجاري في الصومال حاليا.وأوضح بيومي في حديث لـ"المشهد"، أنّ الدولة الإثيوبية تستغل ذلك لتحقيق هدفها بفتح منفذ بحري لها يطل على البحر الأحمر، لافتًا إلى أنّ المنطقة مُهددة بشكل كبير للدخول في صراع مسلح.وأشار مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، إلى أنّ هذا الصراع المُسلح ليس بالضرورة أن يكون بين إثيوبيا والصومال بشكل مباشر ولكن من المرجح أن تلجأ إثيوبيا إلى زيادة حدة النزاعات والصراع بين إقليم أرض الصومال والدولة الصومالية الأمم لتتحول إلى حرب بالوكالة.وكشف بيومي أنّ هذا الإجراء سوف يستتبعه دعم من دول أخرى للدولة الصومالية، وبالتالي سيكون المشهد أكثر تعقيدًا بعد أن تتحول المنطقة إلى حروب بالوكالة.الحل في هذه الحالة سيكون صعبًا لأن اللعبة ستكون بيد دول خارجية، فالصومال كدولة منقسمة على نفسها منذ سنوات وتعاني ضعفا كبيرا، والضحية سيكون المواطن الصومالي، بحسب حديث السفير جمال بيومي.إقليميًا، عقدت الجامعة العربية، الأربعاء الماضي، اجتماعًا على مستوى وزراء الخارجية، بناءً على طلب الصومال، وذلك لبحث تداعيات الموقف في الصومال، وأكد فيه رفضه لمذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال، فيما ردت الخارجية الإثيوبية على البيان الصادر من الجامعة العربية بالرفض واعتبرته تدخلًا في الشأن الداخلي الإثيوبي.الملاحة في البحر الأحمرورأى مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، أنّ التوترات الجارية في الصومال، ستؤثر على المنطقة بأكملها لأنها سوف تهدد أيضًا حركة الملاحة في البحر الأحمر، لافتًا إلى أنّ المنطقة تعاني أيضًا بسبب الأوضاع المُضطربة في مضيق باب المندب على خلفية الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية.وقال إنّ الدخول في صراع مسلح لن ينتهي إلا بدخول قوى إقليمية كبرى تستطيع السيطرة على الأوضاع هناك، وهو أمر يجب تجنبه.بدورها استبعدت الباحثة بالمركز المصريّ للفكر والدراسات الاستراتيجية، رحمة حسن، دخول الصومال وإثيوبيا في صراع مسلح بسبب الاتفاق الذي أجرته الثانية مع إقليم أرض الصومال.وقالت في حديث لـ"المشهد": "لكي نفهم ما يجري علينا أولًا فهم الأهداف الإثيوبية بوجود منفذ بحري لها"، مُشيرة إلى أنّ الدولة الإثيوبية لجأت إلى هذا التصرف بعد أن توترت العلاقات بينها وبين إريتريا والتي كانت هدفًا إثيوبيًا لفتح منفذ على البحر الأحمر.وبحسب حديث رحمة حسن، التوتر بين إثيوبيا وإريتريا بدأ بعد اتفاق آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي مع إقليم التيجراي، لافتة إلى أنّ طموح إثيوبيا في فتح منفذ بحري من خلال إريتريا تبخر ولم يتبق لها سوى اللجوء إلى عقد اتفاق مع إقليم أرض الصومال بالمخالفة للقوانين الدولية.رفض دوليّدوليًا، تواجه مُذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال، رفضًا دوليًا واسعًا، إذ أكدت دولٌ ومنظمات دولية وإفريقية على ضرورة احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه، ودعوا إلى ضرورة خفض التوتر بين إثيوبيا والصومال.ورأت الباحثة بالمركز المصريّ للفكر، أنّ دول العالم لن يسمح بإتمام هذا الاتفاق لأن هناك اتفاقا دوليّا حول ضرورة بقاء الأراضي الصومالية موحدة، فضلًا عمّا سوف تثيره هذه الاتفاقية من قلاقل في البحر الأحمر وهو ما سيؤثر على حركة التجارة العالمية.وأشارت حسن، إلى أنّ الوضع قد يصل إلى توترات قبلية على الحدود ولكن لن يتطوّر الأمر إلى حرب مباشرة بين الصومال وإثيوبيا.(المشهد)