من المقرر أن يتمّ إطلاق سراح جميع الأسرى المدنيّين الذين تحتجزهم "حماس" داخل غزة، خلال فترة توقّف للقتال مدتها 6 أسابيع، اقترحتها الولايات المتحدة وقطر ومصر، والتي قبلت إسرائيل أجزاء منها من حيث المبدأ ولا تزال "حماس" تدرسها، بحسب ما يقول مسؤولون مطلعون على المفاوضات لصحيفة "واشنطن بوست". ويتضمن الاقتراح إطلاق سراح السجناء الفلسطينيّين الذين تحتجزهم إسرائيل، بمعدل 3 سجناء لكلّ أسير إسرائيلي، مع إعادة تموضع مؤقت للقوات الإسرائيلية بعيدًا عن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في غزة، وزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى القطاع. وبحسب "واشنطن بوست"، يقال إنّ الاقتراحات توصف على أنها "إطار عمل"، وهي وثيقة مكونة من صفحتين أو 3 صفحات تحتوي على نقاط واضحة، كما تنصّ على فترات توقف مؤقتة بعد الأسابيع الـ6، وسيتم خلالها إطلاق سراح الأسرى العسكريّين الإسرائيليّين وجثث المحتجزين الذين ماتوا في الأسر. وبحسب إسرائيل، لا يزال هناك 109 أسرى محتجزين، بينهم مسنون وأطفال، إلى جانب جثث 27 شخصا.المفاوضات لا تزال في مراحل مبكرةوفي التفاصيل، حضر رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" ديفيد بارنيا، الذي فوّضه مجلس الوزراء الحربيّ الإسرائيليّ للتفاوض نيابة عنه، محادثات الأحد في باريس حيث تم وضع اللمسات الأخيرة على إطار العمل. وأحالت مصر الاقتراحات، إلى قادة "حماس" في انتظار الموافقة عليها، وفقًا لتقرير "واشنطن بوست". وبعد المفاوضات في باريس، توجه مسؤولون قطريون وعلى رأسهم رئيس الوزراء، إلى واشنطن لإجراء محادثات مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القوميّ للبيت الأبيض جيك سوليفان. وبحسب بيان للبيت الأبيض، فإنّ سوليفان "حثّ على بذل كل الجهود الممكنة لمساعدة (حماس) على تأمين إطلاق سراح الأسرى من دون تأخير". رغم ذلك، يقول المسؤولون المطلعون على المحادثات الحساسة لمفاوضات الأسرى، إنها لا تزال في مراحل مبكّرة، وشددوا على أنّ أيّ اتفاق فعليّ سيستغرق وقتًا ليؤتي ثماره. وفي حين وافقت إسرائيل على إطار العمل لوقف مؤقت ثانٍ للأعمال الحربية، إلا أنّ المسؤولين يقولون إنه من المؤكد أنّ خلافات كبيرة ستظهر عند التفاوض على تفاصيل والتزامات محددة. وقال أحد كبار المسؤولين: "للمضي قدُمًا، فإنّ الأمر يحتاج إلى الكثير من التفاصيل". ونوفمبر الماضي، تم الاتفاق على وقف مماثل لإطلاق النار لمدة أسبوع، مع تبادل الأسرى بالسجناء، حيث أطلقت "حماس" سراح 105 أسرى من النساء والأطفال الإسرائيليّين وبعض الأجانب. وكان من المأمول أن تؤدي مراحل التفاوض اللاحقة إلى عمليات إطلاق سراح أخرى، لكنّ القتال العنيف سرعان ما استؤنف وسط تبادل الاتهامات، وادعاءات بسوء النية وانتهاكات الاتفاق من قبل كل من إسرائيل و"حماس"، حسبما يذكر التقرير. وقال مسؤول إن المفاوضين الإسرائيليّين بدأوا في التعبير عن اهتمامهم باستئناف المحادثات مع "حماس" في أواخر ديسمبر الماضي، بعد مقتل 3 أسرى إسرائيليّين في غزة عن طريق الخطأ على يد الجيش الإسرائيلي. وبحسب "واشنطن بوست"، في بداية مفاوضات ديسمبر الماضي، كانت مدة وقف القتال هي نقطة الخلاف الرئيسية، إذ كانت "حماس" قد قالت إنها لن تقبل إلا بوقف دائم لإطلاق النار؛ وتنص المقترحات الإسرائيلية على وقف القتال لأشهر عدة.تفاصيل قد تُعرقل اتفاق الهدنةومن بين التفاصيل العديدة التي يمكن أن تعرقل الاقتراح الجديد، لا يزال من غير الواضح عدد الجنود الإسرائيليّين المحتجزين كأسرى في غزة. وتقول إسرائيل إنّ "حماس" احتجزت 253 أسيرًا عندما شنت هجومها عبر الحدود في 7 أكتوبر، ولا تتصور المحادثات الحالية أنّ الجنود الإسرائيليّين سواء من النساء أو الرجال، سيكونون من بين الأسرى الذين ستطلق "حماس" سراحهم. ومن غير المعروف من سيختار الأسرى الفلسطينيّين الذين ستطلق إسرائيل سراحهم، وكيف سيتم اختيارهم، خصوصًا أنّ "حماس" اتهمت إسرائيل خلال فترة التوقف الأخيرة، بخرق اتفاق إطلاق سراح السجناء الأكبر سنًا المحتجزين لفترة طويلة، بدلًا من إطلاق سراح عدد من الشباب الذين اعتُقلوا خلال المناوشات الأخيرة في الضفة الغربية. فيما اتهمت إسرائيل "حماس" بخرق الاتفاق بإطلاق صواريخ على أراضيها. وقد طرح الجانبان بالفعل ما يقولان إنها مواقف عامة غير قابلة للتفاوض خلال المحادثات.وقال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو الثلاثاء: "لن نُخرج الجيش الإسرائيليّ من قطاع غزة ولن نطلق سراح آلاف الإرهابيّين. ولن يحدث شيء من هذا"، متعهدًا بالنصر المطلق. وهدد أعضاء يمينيون متطرفون في حكومة نتانياهو الائتلافية بالاستقالة إذا تم التوصل إلى أيّ اتفاق، مما قد يؤدي إلى سقوط حكومته. وكانت "حماس" على القدر نفسه من التشدد، إن لم يكن أكثر، إذ يقول أحد المسؤولين إنه في حين أنّ القادة السياسيّين للمنظمة يعملون ويسافرون في المنطقة بشكل علني، وتمكنوا من التواصل مع الموجودين داخل غزة، إلا أنهم "مجرد رسل". ومن الواضح أنّ القادة العسكريين الموجودين في غزة هم من يتخذون القرار، وعلى رأسهم يحيى السنوار، الذي يتصدر قائمة المستهدفين في إسرائيل، ويُعتقد أنه يختبئ في أنفاق تحت جنوب غزة، بحسب ما جاء في تقرير "واشنطن بوست". غير أنه ليس من الواضح كيف يتواصل القادة خارج غزة وداخلها مع بعضهم البعض، لكنّ طول الفترة الزمنية قبل اتخاذ القرار يختلف، وكثيرًا ما يتم حجب إشارات الهواتف المحمولة وشبكات الإنترنت في غزة."الشيطان يكمن في التفاصيل"وبحسب التقرير، وضع ممثلو "حماس" السياسيون شروطًا علنية للتوصل إلى اتفاق تتجاوز بكثير ما يحتمل أن يكون مقبولًا بالنسبة لإسرائيل، التي قالت إنها لن تفكر في وقف حقيقيّ لإطلاق النار أو وقف الهجمات حتى تنتهي "مهمتها" المتمثلة في تدمير "حماس" واسترداد جميع الأسرى. وقال طاهر النونو، وهو مسؤول كبير في "حماس" ومستشار الزعيم السياسيّ إسماعيل هنية، في تصريحات صحفية: "أيّ اتفاق بالنسبة لنا يجب أن يتضمن نقاطًا عدة: النقطة الأولى هي ضمان الوقف الشامل للعدوان على قطاع غزة". كما دعا النونو إلى "انسحاب قوات الاحتلال من أنحاء قطاع غزة كافة، من دون أيّ مناطق عازلة"، وإتاحة تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية. وقال إنّ هذه هي الشروط المسبّقة لإجراء مفاوضات جادة بشأن إطلاق سراح الأسرى، وإنّ "حماس" منفتحة على القيام بذلك على مراحل، ولكن "بغضّ النظر عن التوقيت، يجب أن يشمل وقف إطلاق النار. ولن تكون هناك مفاوضات بشأن الأسرى في ظل إطلاق النار". وأضاف: "يبدو أنّ الإدارة الأميركية بدأت تقتنع بذلك". وردًا عن سؤال حول التفاصيل، قال النونو إنّ من بين أسباب جهود واشنطن لتأمين وقف القتال، التهديدات التي تتعرض لها المصالح الأميركية في البحر الأحمر والعراق وسوريا والأردن و"الحدود الشمالية لفلسطين". ويستخدم الوسطاء أيضًا المفاوضات بشأن صفقة إطلاق سراح الأسرى لمناقشة الإطار الأساسيّ لاتفاق بشأن غزة ما بعد الحرب. لكن تقول "واشنطن بوست": كما هو الحال مع المفاوضات بشأن الأسرى، فإنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، إذ يؤكد الدبلوماسيون أنّ تلك المحادثات تجري على مسار منفصل وتتقدم بشكل أبطأ بكثير من مناقشات تبادل الأسرى. وبينما ينتظر المفاوضون الجولة التالية من المحادثات، قال مسؤول مطّلع إنّ الوسطاء قدموا حجة للإسرائيليّين، مفادها أنّ ما يقرب من 4 أشهر من القتال، لن يُعيد جميع الأسرى، مضيفًا: "ومن أجل إقناعهم سألنا ما هو البديل الذي لديهم؟". (ترجمات)