كشفت صحيفة "نيوزويك" الأميركية عن تراجع عدد سكان الصين في 2023 للعام الثاني على التوالي، وفق إحصاءات وطنية نشرت يوم الأربعاء.ورأت الصحيفة في مقال لها أن هذه الأرقام الجديدة تمثّل ضربة لزعيم البلاد شي جين بينغ، حيث تسعى حكومته إلى تجنب قنبلة الديموغرافيا الموقوتة الوشيكة.الصين تعاني شيخوخة القوى العاملةويثير هذا التراجع القلق بالنسبة لحكومة الحزب الشيوعي الصيني، الذي يقيس القوة الإجمالية لدولة الحزب الواحد في القوة الوطنية الشاملة، ويأتي وسط تباطؤ اقتصادي وشيخوخة القوى العاملة. نشر المكتب الوطني للإحصاء الصيني يوم الأربعاء أحدث تقرير سنوي له حول البيانات السكانية المجمعة من 31 منطقة، بما في ذلك المقاطعات والمناطق ذاتية الحكم والبلديات. ولم يتضمن التقرير بيانات عن المقيمين الأجانب أو المنطقتين الإداريتين الخاصتين في هونغ كونغ وماكاو. كما أنها لم تتضمن بيانات عن تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي، والتي تعهدت بكين بضمها إلى المجموعة على الرغم من أنها لم تحكمها قط. وبلغ عدد سكان الصين 1.409 مليار نسمة في نهاية العام الماضي، بانخفاض قدره 2.08 مليون نسمة عن عام 2022. وهو انخفاض أكثر وضوحا من انخفاض بمقدار الفترة من 2021 إلى 2022، والذي بلغ 850 ألف شخص، والأول من نوعه منذ 6 عقود. وعلى الصعيد الوطني، تم الإبلاغ عن 9.02 ملايين ولادة و11.1 مليون حالة وفاة. وهذه هي السنة الثانية على التوالي التي تسجل فيها الصين أقل من 10 ملايين ولادة. كما انخفض معدل الخصوبة في الدولة الواقعة في شرق آسيا هذا العام، حيث بلغ 6.39 ولادات لكل 1000 شخص. وبلغ معدل النمو الطبيعي، الذي يعرف بأنه الفرق بين معدل الولادات والوفيات في بلد ما 1.48 لكل ألف شخص في العام الماضي.أول تراجع للولادات بعد المجاعة الصينية الكبرىأشارت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية المقرّبة من الدولة إلى استطلاع أجراه المركز الصيني لأبحاث السكان والتنمية أظهر أن العدد المثالي للأطفال للنساء الصينيات انخفض من متوسط 1.95 في عام 2017 إلى 1.74 في العام الماضي. تعتقد أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية أن عدد سكان الصين بلغ ذروته في عام 2021. وبالنظر إلى التاريخ الحديث للنمو الهائل في البلاد، فإن هذا يمثل تحولا تاريخيا لم نشهده منذ المجاعة الصينية الكبرى في 1959-1961. دفعت هذه المخاوف الحكومة إلى تخفيف قواعد تنظيم الأسرة الصارمة، وتغيير "سياسة الطفل الواحد" التي استمرت لعقود من الزمن للسماح بطفلين لكل زوجين في عام 2015 وثلاثة في عام 2021. كما قدّمت الحكومات المحلية إعفاءات ضريبية وحوافز أخرى في محاولة لتشجيع الناس على إنجاب الأطفال. وفي العام الماضي، قال شي إن الوقت قد حان "لتعزيز ثقافة جديدة للزواج والإنجاب وتعزيز التوجيه بشأن وجهة نظر الشباب بشأن الزواج". ومع ذلك، فإن هذا التحول يواجه معركة شاقة بالنظر إلى تغير المواقف بين الأجيال الشابة من الصينيين وتشديد المحافظ بسبب انخفاض ثقة المستهلك وسط التباطؤ الاقتصادي.كوفيد 19 ساهم في تفاقم المشكلةونقلت صحيفة "غلوبال تايمز" عن يوان شين، عالم الديموغرافيا بجامعة نانكاى في مدينة تيانجين شمال شرق البلاد، قوله إن انخفاض عدد النساء في سن الإنجاب، وعدم الاهتمام بتربية الأطفال، وتأخر الزواج، وجائحة كوفيد-19 لمدة 3 سنوات، كانت عوامل مساهمة في انخفاض عدد السكان. وفي سياق عالمي، كتب عالم الديموغرافيا بجامعة ويسكونسن ماديسون فوشيان يي على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء أنه حتى إذا استقرت الصين معدل المواليد عند 1.0، فإن عدد سكانها سينخفض إلى أقل من 400 مليون في عام 2100 مقارنة بـ366 مليوناً في الولايات المتحدة، حسب توقّعات مكتب الإحصاء الأميركي. وإلى جانب معدل المواليد الذي يتجه نحو الانخفاض، هناك شيخوخة سريعة للقوى العاملة، مما يثير المخاوف بشأن الإنتاجية المستقبلية لثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقال يي إن التغير الديموغرافي بدأ يؤثر أيضاً على نهج الصين في إدارة شؤون الدولة. "منذ وقت ليس ببعيد، طلبت السلطات الصينية من الدبلوماسيين إظهار الروح القتالية، وتحسين القدرة على القتال، من أجل إعادة بناء النظام الدولي الجديد". وأضاف "لكن الأساس الديموغرافي للتوسع الاستراتيجي للصين في السنوات السابقة لم يعد موجودا"، مستشهدا بالنبرة الأكثر ليونة نسبيا لرسائل بكين الدولية والتحركات لتشجيع السياحة كدليل على أن الصين تدرك هذا التحول. ومثلها كمثل بقية دول شرق آسيا، تواجه الصين أيضاً القضايا المتأصلة في مجتمعها الذي يتقدم في السن، حيث تشير التقديرات إلى أن أولئك الذين يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكبر سيشكلون 40% من السكان بحلول عام 2050. وأشار يي إلى أن حصة الصين من سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق ارتفعت من 16% في عام 1970 إلى 26% في عام 2023، في حين انخفضت حصتها من المواليد من 26% إلى 6.8% وستنخفض أكثر إلى 3.6% في عام 2050 و 1.3% في عام 2100. (ترجمات)