يحكى أنه في عام 950 قبل الميلاد، احتدمت معركة تاريخية على ضفاف نهر النيل بين الفراعنة والأمازيغ انتهت بانتصار الملك الأمازيغي شينشق فتولى سدة الحكم.هذه التجربة السياسية كانت تأريخا لبداية السنة الأمازيغية التي تدخل ليلة 12 من يناير عام 2973، ليلة يقال إن من يحتفي بها يعيش سنة سعيدة.لكن فرحة رأس السنة الأمازيغية تنغصها مشاكل تعيق ترسيم الهوية الأمازيغية وتعزيزها في دول شمال إفريقيا، حيث احتدم النقاش في المغرب مثلا حول عدم اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية. رأس السنة الأمازيغية ويقول الباحث في الثقافة الأمازيغية أحمد عصيد، إنه من غير المفهوم عدم اعتماد السنة الأمازيغية عطلة في الوقت الراهن رغم توفر الشروط لهذا القرار وترسيم الأمازيغية في الدستور. ويتابع في حديثه لمنصة "المشهد": "الحكومة الحالية ليس لديها مشكلة مع الأمازيغية، بل من ضمن مطالبها، على عكس الحكومتين السابقتين اللتين ترأسهما حزب إخواني معاد للأمازيغية وكنا نعلم أنه لم يفعل أي شيء". وأعلنت الحكومة المغربية أمس الثلاثاء، عن مشروع يعزز استخدام اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية لتسهيل الخدمات للمواطنين غير الناطقين بالعربية. فيما اختارت الجزائر شعار "يْناير يجمعنا في جزائر واحدة موحدة" لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية لهذا العام، حيث ستحتضن مدينة غرداية جنوبي الجزائر غدا الخميس احتفالات رسمية، ستسلم خلالها جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية في نسختها الثالثة. وكانت الجزائر قد أقرت رأس السنة الأمازيغية إجازة رسمية عام 2018، إلى جانب ترسيم اللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية في الدستور الجزائري 2016. رمزية الاحتفالات ويقول عصيد إن هذه المناسبة لها رمزية قوية للدولة والشعب، "مناسبة نعود فيها إلى ذواتنا، زيارة إلى التاريخ العريق ولا يمكن لأي بلد أن ينهض من بلد آخر، بل انطلاقا من مقوماته الحضارية ومصالحته مع تاريخه وجذوره". ويلخص الكاتب المغربي أهمية الاحتفالات في رمزيتين: الرمزية الأولى هي ارتباط الإنسان بالأرض، حيث يتم طبخ خلال هذه المناسبة جميع الخضر والحبوب التي تنتجها الأرض والهدف منها انتظار سنة إيجابية ومحاصيل جيدة، فالإنسان الأمازيغي مرتبط بأرضه ويبعث رسالة إلى البشرية فحواها تدارك الأخطاء التي دمرت البيئة. الرمزية الثانية تتمثل في العراقة التاريخية والعمق التاريخي لدول شمال إفريقيا، فمثلا يتم اختزال المغرب في 12 قرنا فقط، والمقصود هنا هو بداية الدولة منذ وصول العرب، لكن تاريخ المغرب ممتد لآلاف السنين منذ أقدم العصور وهذا ما يؤكده اكتشاف أقدم جمجمة في العالم بالمغرب في عام 2017. مطالب الأمازيغ ويشير الناشط الأمازيغي إلى تزايد الاحتفالات الشعبية التي تمثل سندا مهما لمطالب سكان شمال إفريقيا، مؤكدا أنه "لا يمكن أن يحتفل الشعب بهوية تتجاهلها الحكومة، يجب ردم الهوة بين المجتمع والحكومة". ويوجد الأمازيغ في جزر الكناري، المغرب، مالي، الجزائر، تونس، ليبيا وواحة سيوة في مصر، جميع هذه الدول تجمعها في 11 يناير احتفالات شعبية، لكن لا تزال هناك الكثير من المطالب التي لم تتحقق بحسب عصيد، مثلا: في الجزائر هناك تعثر في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، هناك اعتراف رمزي فقط. ما لم يتحقق في المغرب هو تعميم اللغة الأمازيغية في المدارس رغم تفعيلها منذ 20 عاما. يُعتبر الأمازيغ في تونس أقلية بدون حقوق والدستور التونسي لا يعترف بالهوية الأمازيغية. ليبيا تعاني من معضلة صعبة وهي بناء الدولة لا يمكن أن نتحدث عن وضعية الأمازيغية ما لم يتفق الليبيون على حكومة ودستور وبرلمان. (المشهد)