اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن قضية الإبادة الجماعية في لاهاي ليست ناجمة عن رد فعل عسكري غير متناسب أو العدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين، بل هي نتيجة مباشرة لطبيعة سياسية إسرائيلية تتصف بـ"التهور والإسهاب المثير للغضب"، والذي تغاضى عنه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بل وأزكاها.وجاء في المقال "من ناحية، قدّمت إسرائيل حجة مقنعة ضد الاتهام بارتكاب "إبادة جماعية" بسبب ردها العسكري في قطاع غزة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر. ومن ناحية أخرى، ربما لم تكن لتقف هناك أصلاً لولا ساستها عديمي الذكاء". وبحسب الصحيفة "قال مالكولم شو، المحامي البريطاني الذي يقود الدفاع الإسرائيلي، إن إسرائيل لم يكن لديها النية الخاصة اللازمة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وأن قضية جنوب إفريقيا لم تقدم سوى نصف الرواية، وإن المحكمة العليا في الأمم المتحدة، في الواقع، تفتقر إلى الاختصاص القضائي فيما يتعلق بحرب غزة". لكن، المقال لفت إلى أن القضية برمتها، التي قد تستغرق أشهراً، إن لم يكن سنوات، كان من الممكن، بل وكان ينبغي، تجنبها. "تجد إسرائيل نفسها في حاجة إلى الشرح والتبرير وإقناع المحكمة الدولية بأن حرباً عادلة للدفاع عن النفس، في أعقاب هجوم وحشي وقاتل وغير إنساني شنه إرهابيو "حماس"، لم تؤد إلى إبادة جماعية".دلائل جنوب إفريقياواعتبر الكاتب أن "الطلب المقدم إلى محكمة العدل الدولية، والذي يدعي نفاقاً وكذباً أن الإبادة الجماعية تحدث أو يمكن أن تحدث، لم يكن ناجماً عن رد فعل عسكري غير متناسب، ولا عن الفظائع المزعومة، ولا عن العدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين، بل كان ذلك نتيجة مباشرة لصفة سياسية إسرائيلية: الإسهاب المتهور والمثير للغضب. مجموعة من غير الأسوياء الذين يتنكرون في هيئة الحكومة تلفظ عبارات سخيفة: اقصفوا غزة بالقنابل النووية، أحرقوا غزة، امحوا غزة، طهّروا غزة، اقضوا على غزة، هجّروا سكان غزة" وكل هذه الجمل تم تقديمها من قبل جنوب إفريقيا كدلائل". ورأى الكاتب أنه "كان من الممكن إسكات معظم هذه الحماقات لو أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو طالب بوقفها. وبدلاً من ذلك، تغاضى عنهم، بل وساهم ببعضها كذكره للعماليق". وبرأي الكاتب "كان من الممكن تجنب هذه الاتّهامات أو على الأقل التخفيف منه لو قدمت إسرائيل خططاً وأفكاراً في مجالات مثل المساعدات الإنسانية وحماية سكان غزة من غير المقاتلين". وبدلاً من ذلك، سادت التصريحات التحريضية، حيث أوضح الوزراء بخبرة أنه لا يوجد سكان غزة "غير متورطين" أو "أبرياء". ورأت الصحيفة أنه "أياً كان القرار الذي ستتخذه المحكمة العليا في الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يشكل أهمية كبيرة بطبيعة الحال، فإن الانطباع الناشئ لدى الرأي العام العالمي سيكون سلبياً. ويشكل هذا على نحو ما انقلاباً قانونياً لمبدأ الشك المعقول: لا يعني ذلك أن هناك شكاً معقولاً في أن إسرائيل ارتكبت أو تعتزم ارتكاب جريمة إبادة جماعية، بل إن هناك شكاً معقولاً في أنها لم تفعل ذلك. ومن الواضح أن هذا تصور عام ومسألة رأي، وليس رأيا قانونيا".جريمة الإبادة الجماعيةوتشدد الصحيفة على أنه عندما يتم رفع قضية إبادة جماعية، تتناول المحكمة "تفسير أو تطبيق أو تنفيذ الاتفاقية"، ويجب إثبات العتبة "النية"، وهذه مسألة بالغة الأهمية، لأنه، مهما كان الأمر قاسياً وغير إنساني، فإن عدد القتلى ليس له أهمية فيما يتعلق باتهام الإبادة الجماعية.ويشرح المقال أن المحكمة الدولية تنظر فيما إذا كانت دولة ما قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية بموجب اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ويعرّفها هذا بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".وتتضمن هذه الأفعال 5 معايير:1. قتل أفراد الجماعة. 2. التسبب في ضرر جسدي أو عقلي جسيم لأفراد المجموعة. 3. إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً. 4. فرض الإجراءات التي تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة. 5. نقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى. وتختم الصحيفة مقالها بالقول "هناك نقطة أخرى ذات صلة بقضية إسرائيل، وهي أنه عندما يتم تقديم اتهام بارتكاب جريمة إبادة جماعية، فإن المحكمة الدولية لا تستطيع النظر في مسائل أخرى تبدو ذات صلة بالموضوع مثل شرعية الغزو أو ما إذا كانت جرائم حرب قد ارتكبت. وهذا هو اختصاص المحكمة الجنائية الدولية". (ترجمات)