كانت آز فهمي، التي تعمل لدى منظمة غير ربحية في سيدني، متطوعة مخلصة لحساب حزب العمال الحاكم في أستراليا، وتوزع منشورات من أجل إعادة انتخاب ممثلها المحلي، وهو وزير الشؤون الداخلية توني بيرك.لكن كل ذلك تغير بالنسبة لآز، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، بعدما شنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة ردًا على هجوم حركة "حماس" عليها في 7 أكتوبر 2023 والذي يقول مسؤولون فلسطينيون إنه أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني وتشريد الملايين وتدمير القطاع.وتشن آز الآن حملة ضد بيرك قبل الانتخابات المقررة في 3 مايو، بسبب ما تعتقد أنه رد "محبط" من حزبه على دعوات الطائفة المسلمة للحكومة الأسترالية لدعم الفلسطينيين في غزة.وقالت آز، وهي مسلمة ومن أصول سورية- عراقية، لرويترز، "الوقت الوحيد الذي سيستمعون فيه هو وقت الانتخابات".أما هافا ميندل، وهي ربة منزل يهودية في برزبين، فقد دعمت حزب العمال في آخر انتخابات بسبب سياساته المناخية، لكنها تقود الآن حملة تضم مئات المتطوعين للإطاحة "بحكومة حزب العمال الضعيفة التي لم تفعل ما يكفي" لوقف موجة من الهجمات المعادية للسامية.ويسلط استياء الناخبين، مثل آز وهافا، الضوء على تفتيت التأييد لحزب العمال، الذي يسعى إلى إبعاد المعارضة الليبرالية الوطنية المحافظة، والفوز بولاية ثانية في السلطة، بسبب حرب غزة.وتسير حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي منذ أواخر عام 2023 على خط رفيع بين إبداء القلق إزاء الفلسطينيين، والدعوة مرارًا إلى وقف إطلاق النار وبين دعم حق حليفتها إسرائيل في حق الدفاع عن النفس.خطر الخسارةوقال خبراء انتخابات إنّ هذا النهج أثار غضب الناخبين المناصرين للفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل، ما جعل حزب العمال عرضة لخطر خسارة 9 على الأقل من مقاعد مجلس النواب التي يحتاج إليها للحفاظ على أغلبيته في البرلمان المكون من 150 مقعدًا.وتعدّ دائرة آز واحدة من 3 دوائر انتخابية متعددة الثقافات وتسودها الطبقة العاملة في غرب سيدني، والتي كانت منذ فترة طويلة معاقل لحزب العمال، حيث هناك ناخب مسلم من كل ثلاثة ناخبين، رغم أنهم يشكلون 3.2 % فقط من سكان أستراليا.واليهود الأستراليون كذلك لا يشكلون إلا 0.5 % من إجمالي عدد السكان، لكنهم يمثلون ما يصل إلى سُدس الناخبين في الدوائر الانتخابية الثرية بالمدن الداخلية في سيدني وملبورن.ويقول خبراء الانتخابات إنّ التركيبة السكانية للطائفتين، قد تؤدي إلى تحولات كبيرة ضد المشرعين الحاليين.وقال محلل الانتخابات المستقل وليام بوي، إنّ حزب العمال قد يواجه تحولًا مدمرًا ضده بنسبة 20 % في غرب سيدني، حيث حصل المرشحون الحاليون على ما يزيد قليلًا على نصف الأصوات الأولية في عام 2022، ما يعكس خسائر حزب العمال البريطاني العام الماضي بسبب رد فعل الناخبين المسلمين بعد حرب غزة."السياسة كلها محلية"قال آندي ماركس المدير التنفيذي لمركز غرب سيدني، وهو مؤسسة بحثية، إنّ الناخبين المسلمين ليسوا "متجانسين"، وإنّ القضايا المحلية مثل الرعاية الصحية والإسكان، عادة ما تحظى بالأولوية على حساب الأحداث على الجانب الآخر من العالم.لكنّ الروابط العائلية بالشرق الأوسط أتت بحرب غزة إلى أستراليا، وتؤثر على العديد من الناخبين في هذه الانتخابات.وتابع ماركس يقول: "القاعدة السائدة في غرب سيدني هي أنّ السياسة كلها محلية".وأضاف، "سرعة (وصول) الأحداث في الشرق الأوسط، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال الروابط العائلية، تجعل هذه القضايا تبدو محلية جدًا لبعض" المسلمين.وقال زياد بسيوني، وهو طبيب مسلم يخوض الانتخابات ضد بيرك، إنه كان يشعر بالتجاهل وهو يعيش في دائرة انتخابية آمنة بالنسبة لحزب العمال لمدة 20 عامًا، لكنّ "قضية غزة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما حدثت".ولم يرد ألبانيزي أو بيرك أو وزير التعليم جيسون كلير، الذي يشكل عدد السكان المسلمين في دائرته بغرب سيدني 32 %، على طلبات للتعليق.(رويترز)