أرسل تحالف "متحدون" السني في العراق، بزعامة أسامة النجيفي، المقرّب من حكومة أحمد الشرع، تحذيراً من تورط عراقي في الأحداث الدايمة التي يشهدها الساحل السوري منذ 8 مارس 2025، تزامن ذلك مع رسالة وجهتها الحكومة السورية الجديدة إلى السلطات العراقية، حملت هذه الرسالة مضمونا أمنيا بحتا، حيث بلّغ الجانب السوري الجانب العراقي أنه على العراق ألا يجعل أراضيه منطلقاً لتهديد استقرار سوريا.وطالبت الحكومة السورية، السلطات العراقية بالتعاون في الجانبين الأمني والاستخباراتي والمعلوماتي، لمكافحة أي نشاط ضد استقرار سوريا، إضافة إلى تحذير العراق، من وجود غرفة عمليات مشتركة تتألف من 4 أطراف (الفصائل العراقية المسلحة، ماهر الأسد وضباطه، حزب الله اللبناني، فيلق القدس الإيراني) تعمل على زعزعة الأمن في سوريا، وإسقاط الحكومة السورية الجديدة.ويشهد الساحل السوري أحداثاً دامية وعمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي، راح ضحيتها مئات المدنيين السوريين بينهم نساء وأطفال، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.رسالة أمنية وبعد تلقي السلطات العراقية لرسالة الحكومة العراقية، أعلنت وزارة الخارجية العراقية في بيان لها عن ضرورة حماية المدنيين في سوريا، معربةً عن قلقها من التطورات الأمنية الجارية في مناطق الساحل السوري وتداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي السياق ذاته، انطلق في العاصمة الأردنية عمّان يوم أمس الأحد، اجتماع دول الجوار أو ما يسمى التحالف الرباعي، الذي ضم العراق، تركيا، الأردن، سوريا، شارك من العراق، وزير الخارجية فؤاد حسين، وزير الدفاع ثابت العباسي، ورئيس جهاز المخابرات الوطني حميد الشطري.وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال الاجتماع، عن الاتفاق على وضع مبادئ أساسية للعمل على محاربة تنظيم داعش، وتأسيس غرفة عمليات مشتركة لتبادل المعلومات بشأن داعش بمشاركة القيادة السورية.وتعليقاً على الأحداث التي تشهدها سوريا، قال النائب في البرلمان العراقي والقيادي في حزب تقدم (حزب سياسي عراقي تابع لرئيس مجلس النواب العراقي السابق محمد الحلبوسي) يوسف فرج السبعاوي، إن حزب تقدم يدعم الدولة السورية الجديدة وللشعب السوري، ويرفض أي تدخل خارجي، ويؤكد حرصه على السلم الأهلي في سوريا.وأوضح السبعاوي لمنصة "المشهد"، أن "سوريا دولة مجاورة، عندما تشهد زعزة في الأمن السلمي، سيؤثر ذلك على الدول الإقليمية، لذلك نؤكد أن الدولة العراقية تشعر بالقلق حيال ما يجري في سوريا، ونؤكد أن عمليات القتل الجماعي مرفوض تماماً بالنسبة لكتلة تقدم".ورفض النائب السبعاوي التعليق على نشاط غرفة العمليات المشتركة التي أشارت إليها الحكومة السورية في رسالتها للسلطات العراقية، قائلاً: "ليس لدينا أي معلومات عن وجود غرفة عمليات تضم فصائل عراقية موالية لإيران وضباط سوريين تابعين لماهر الأسد، متورطة في أحداث الساحل".وكان العميد الركن أعياد الطوفان صرّح لمنصة "المشهد" سابقاً، عن وجود نحو 473 جنديا سوريا، دخلوا العراق عبر معبر القائم الحدودي بين البلدين في 8 ديسمبر الماضي، ليلة سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، تم تقسيمهم إلى مجموعات، ونقلهم إلى معسكرات تدريبية، حيث يتلقون دعماً وتدريباً عسكرياً.أجندات فاعلةوفي السياق، يقول عضو تيار الحكمة رحيم العبودي، إنه ربما توجد أجندات فاعلة على الأرض السورية لكنها ليست عراقية، متسائلاً: "من يستطيع أن يؤكد وجود غرفة عمليات مشتركة في العراق تعمل ضد الحكومة السورية الجديدة؟ كما أن ماهر الأسد ليس موجوداً في العراق، والعراق لا يبحث عن التدخل في الشأن السوري".وحول مصير الضباط السوريين من الفرقة الرابعة التابعين لماهر الأسد، الموجودين في العراق، يوضح العبودي في حديثه مع منصة "المشهد" أن هؤلاء الضباط لا يتجاوز عددهم 30 ضابطاً، محتجزين في معسكرات خاصة، وهنالك قوة أمنية عراقية مسيطرة على المكان، لا يدخلها أحد، ولا يتفاعل مع هؤلاء أي شخص عراقي، وهي محصّنة تحصين جيد، بالتالي هؤلاء ليس لهم أي دور في أحداث الساحل السوري، كما أنه سيتم تحديد مصيرهم في القريب العاجل مع الجانب السوري ومع المنظمات الدولية.وتعليقاً على اجتماع التحالف الرباعي، يؤكد العبودي أن العراق حذر جداً في التعامل مع الملف السوري، وعبّر عن موقفه الواضح خلال مؤتمر عمّان، وهو رفض العنف ودعم الشعب السوري والسلم الأهلي، وحضر الاجتماع شخصيات عراقية مهمة وفريق أمني كبير جداً، إذا العراق ليس له أي مصلحة أن يكون الواقع الأمني في سوريا متردياًوتساءل العبودي عبر منصة "المشهد": "من يقول إن الجهات التي تحركت ضد الحكومة السورية هي جهات شيعية بحتة؟ ربما هنالك من تضررت مصالحهم، لكن العراق لا يقبل أن تحقق هذه الدول مصالحها انطلاقاً من أرضه، لأن ما تشهده سوريا اليوم، تحديداً الساحل السوري مررنا به سابقاً، وعلى أيدي ذات الجماعات الإرهابية وتحديداً تنظيم داعش، لذلك ليس من مصلحة العراق إعادة التاريخ أو الانخراط في أعمال عسكرية ضد الحكومة السورية".وختم العبودي حديثه بالقول: "نعتقد أن الإدارة السورية ربما بدأت تخطئ أخطاء جسيمة بحق الأقليات في سوريا، هذه الأخطاء سيكون لها ارتداد على المشهد في مناطق تواجد هذه الأقليات، لذلك نحن نؤكد أن هنالك جماعات مصنفة عالمياً تنشط في الداخل السوري، ونرى أن الحكومة السورية يجب أن تركز على الأفعال، وتمنع تمدد الجماعات الإرهابية في سوريا وصولاً إلى الشريط الحدودي مع العراق".رأي دولة القانون وكان رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، صرّح في بيان صحفي أن التصفيات والقتل العشوائي الجماعي للأبرياء في مدن الساحل السوري يهدد السلم الأهلي والاستقرار ووحدة الشعب السوري، داعياً السلطات الحاكمة في دمشق إلى محاسبة المتورطين دون التمييز بين السوريين.ويقول مستشار ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي إنه "من خلال فهمنا التاريخي القريب والبعيد، لطبيعة الفكر الذي تحمله الجماعات الإرهابية، أدركنا جيداً وحذرنا سابقاً أن سقوط النظام السوري بالطريقة التي رأيناها، سيخلّف حالة التطهير العرقي التي نشهدها اليوم في مدن الساحل السوري، خصوصا أن المجتمع السوري متعدد الطوائف والأديان، ومن وصلوا إلى سوريا ليسوا مجموعات مدنية بل هم جماعات مصنفة على لوائح الإرهاب العالمي".ويوضح الموسوي في حديثه مع منصة "المشهد" "أن ما يجري في مدن الساحل السوري، يشبه ما جرى في الموصل وبغداد عندما دخلت هذه المجموعات الإرهابية، وشهدنا القتل على الهوية والتصفية العرقية".ويؤكد الموسوي أن "ائتلاف دولة القانون لا يملك أي فصيل عسكري أو مسلح، ولا يسعى للتدخل في الشأن السوري، مضيفاً أن الفصائل العراقية لم تتحرك ولم تكن جزءا من المعركة في سوريا، لأن القضية السورية أصبحت قضية إقليمية، وفي حال تدخلت الفصائل سيكون تدخلها لوجستياً لدعم العائلات بالغذاء والمواد الطبية واللوجستية".وتعليقاً على رسالة الحكومة السورية، يقول الموسوي: "إنها رسالة خطيرة من القيادة السورية من أجل أن تفتح باب للتدخل في الشأن العراقي، مؤكداً أن ماهر الأسد ليس له أي وجود في العراق، إنما هذا تبرير لمحاولة تدخلهم في الشأن العراقي، والكتل السياسية العراقية لن تقبل بذلك".وأعلن الموسوي أن العراق بمجمل كتله السياسية تحرك تجاه ما يجري في الساحل السوري، فقط من خلال وزارة الخارجية العراقية ومنظمات المجتمع المدني، من خلال الدعوة للسلم الأهلي، وبعد مؤتمر عمّان تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة لدعم السلم والحفاظ على الأمن في سوريا والعراق. (المشهد- بغداد)