على وقع القصف المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله"، تستعد بلدة القليعة للاحتفال بعيد الميلاد بمن بقي في البلدة التي لم يعد إليها المغتربون من أبنائها هذا العام. في كنيسة البلدة، يحض الأب بيار الراعي المؤمنين على الحفاظ على روح عيد الميلاد على رغم التوترات التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة. ويقول الراعي أثناء ترؤسه القدّاس في كنيسة مار جرجس القليعة أمام عدد من المؤمنين وغالبيتهم من المسنين والأطفال: "طالما أخذنا القرار بالصمود في البلدة، وفي القرى الحدودية بالجنوب، يجب أن نعيش فرحة العيد". يطال القصف المدفعي والغارات الجوية الإسرائيلية أطراف القليعة الواقعة على مسافة أقل من 5 كلم من الحدود، وتحيط بها السهول الخضراء وأشجار الزيتون. لكن البلدة نفسها تبقى إلى حد كبير في منأى عن القصف، حالها كحال قرى أخرى مسيحية مجاورة. يؤكد الأب أنطونيوس فرح في الكنيسة حيث أقيمت مغارة ميلادية كبيرة أن سكان المنطقة الحدودية اعتادوا على "الأوضاع غير السليمة"، مضيفا أنه رغم "الصعوبات التي نمر فيها هذه الأيام، وصعوبة الحرب التي نحن فيها، قررنا هذه السنة عيش الميلاد كالعادة". متابعا "نحنا ملتزمون عيش العيد، ومن خلال الصلوات والاحتفالات التي نقيمها ولو كانت أقل من كل السنوات.. نصلي من أجل السلام"."نحاول عيش الميلاد بمحبة وسلام"عاشت القليعة، كغيرها من مناطق واسعة في جنوب لبنان، تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي امتد من العام 1978 حتى 2000. كما كانت من القرى التي تأثرت بفعل حرب 2006 بين الدولة العبرية و"حزب الله".شوارع القليعة التي تكون عادة مكتظة في مثل هذه الفترة من الأعياد، تبدو شبه مقفرة عند حلول الليل. يقول الأب فرح إن "تقريبا 60% من سكان البلدة ما زالوا موجودين فيها"، مشيرا الى أن "المغتربين لم يعودوا إلى القليعة لتمضية فترة الأعياد". ويؤكد أن السكان اعتادوا أصوات القصف ويمضون في أعمالهم اليومية خلال النهار. ويضيف "نحن لا نحب الحرب أبدا".وتأمل سوزي سلامة البالغة من العمر 47 عاما التي نصبت شجرة ميلاد كبرى في منزلها في القليعة، في أن يحمل العيد الأمل والسلام إلى هذه المنطقة التي لطالما عرفت التوترات. تقول لفرانس برس: "نحاول عيش عيد الميلاد بكل معانيه، نحاول عيشه بمحبة وبسلام، رغم كل الظروف المحيطة بنا". مصرّون على البقاءلكن في البلدة، لا يشاطر الجميع سوزي سلامة تفاؤلها. في منزلها القريب من الكنيسة، تقول ليلى ونّا وهي ربة منزل تبلغ 67 عاما وتجلس مع زوجها قرب شجرة الميلاد الكبيرة المزينة "لا نشعر بالعيد أبدا". وتضيف "إنما من عاداتنا أن نضغ المغارة"، مشيرة إلى أن أيا من أولادها الذين يقيم قسم منهم في بيروت وقسم آخر خارج لبنان، لن يمضي العيد في القليعة. وتقول: "نحن باقون في منزلنا، لن نغادر حتى لو كنا سنموت في منزلنا"."علما الشعب" تحيي الميلاد تحت القصفوفي بلدة "علما الشعب"، كما "القليعة"، على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يصرّ الأهالي على الاحتفال بعيد الميلاد رغم أجواء الخوف والتوتر بسبب القصف الإسرائيلي، ورغم نزوح معظم سكان البلدة.ويقول إلياس قنصل أحد سكان البلدة "نحن بلدة على الحدود تعرضت للقصف في هذه المعركة، لكنا متمسكون بأن نحتفل مع القلائل الموجودين هنا".مضيفاً "وضعنا الزينة لكي نشعر بالبهجة قليلا مع كل الموجودين على أمل أن يرجع الناس كلهم إلى البلدة في هذا العيد وأن يفرحوا كلهم".ويذكّر أهالي القرية بأنها صنّفت العام الماضي كواحدة من أجمل 20 قرية لبنانية لكن عيد الميلاد يأتي هذا العام وسط الحرب وأزمة اقتصادية يُعاني منها الشعب.منذ بدء التصعيد الحدودي، قتل حوالى 150 شخصاً في لبنان بينهم حوالى 100 من عناصر "حزب الله"، و12 شخصا على الأقل من الجانب الإسرائيلي بينهم 8 جنود. (المشهد - ا ف ب)