يبتّ مجلس الأمن الدوليّ الثلاثاء، في نصّ أعدّته الجزائر قبل أسابيع يطالب بوقف "فوري" لإطلاق النار في غزة، لكنّ مشروع القرار هذا مُهدّد بفيتو جديد من الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، سيكون الثالث لها منذ بداية الحرب. ويطالب مشروع القرار الذي اطّلعت عليه فرانس برس بـ"وقف إنسانيّ فوريّ لإطلاق النار يجب على جميع الأطراف احترامه". ويُعارض النصّ "التهجير القسري للمدنيّين الفلسطينيّين"، في حين أنّ إسرائيل كانت تحدّثت عن خطّة لإجلاء المدنيّين قبل هجوم برّي محتمل في رفح حيث يتكدّس 1,4 مليون شخص في جنوب قطاع غزة، ودعت إلى إطلاق سراح جميع الأسرى. وكما هي الحال مع مشاريع القرارات السابقة التي انتقدتها إسرائيل والولايات المتحدة، لا يدين هذا النصّ الهجوم الذي شنته "حماس" في 7 أكتوبر على إسرائيل، وأسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيون، وفقًا لإحصاء لوكالة فرانس برس استنادًا إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وردًا على ذلك، يشن الجيش الإسرائيليّ هجومًا خلف أكثر من 29 ألف قتيل في غزة، غالبيتهم من المدنيّين، وفقًا لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس". وحذّرت الولايات المتحدة من أنّ النصّ الجزائريّ غير مقبول. وأكّد نائب السفير الأميركيّ لدى الأمم المتحدة روبرت وود الاثنين، أنّ بلاده لا تعتقد أنّ هذا النصّ "سيُحسّن الوضع على الأرض، وبالتالي إذا طُرح مشروع القرار هذا على التصويت، فإنّه لن يمرّ". ويعتقد الأميركيّون أنّ هذا النصّ من شأنه أن يعرّض للخطر المفاوضات الدبلوماسية الدقيقة للتوصّل إلى هدنة بما في ذلك إطلاق سراح مزيد من الأسرى. وفي هذا السياق، وزّعوا مشروع قرار بديلًا اطّلعت عليه فرانس برس الاثنين، يتحدّث عن "وقف موقّت لإطلاق النار في غزّة في أقرب وقت" على أساس "صيغة" تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى."التزام أخلاقي" ويُعبّر المشروع الأميركيّ أيضًا عن القلق بشأن رفح، ويحذّر من أنّ "هجومًا برّيًا واسع النطاق يجب ألّا يُشنّ في ظلّ الظروف الحاليّة". وبحسب مصدر دبلوماسي، فإنّ هذا المشروع البديل ليست لديه أيّ فرصة لاعتماده في صيغته الحالية، خصوصًا بسبب احتمال فيتو روسي. وفي كل الأحوال، فإنّ مشروع القرار الأميركيّ "سيثير استياء إسرائيل. فالولايات المتحدة تستخدم مجلس الأمن كمنصّة لإظهار حدود صبرها في مواجهة الحملة الإسرائيلية"، وفق ما قال ريتشارد غوان، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس. ويشهد مجلس الأمن منذ سنوات انقسامًا كبيرًا بشأن القضية الإسرائيلية-الفلسطينية، وهو لم يتمكّن منذ 7 أكتوبر سوى من تبنّي قرارين حول هذه القضيّة، هما في الأساس قراران طابعهما إنساني. ورغم احتمال استخدام الولايات المتحدة الفيتو، ضغط سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور قبل أيام، من أجل التصويت لصالح النص، مشيرًا إلى أنّ المجموعة العربية كانت "أكثر من سخية في منح وقت إضافي". وعلّق غوان بالقول، "نحن نتجه نحو فيتو أميركيّ لا يريده أحد، لكنّ أحدًا لا يمكن أن يتجنبه" مشيرًا إلى المصادفة المؤسفة لذلك مع الذكرى السنوية الثانية لغزو روسيا لأوكرانيا. وأوضح، "أنا متأكد من أنّ روسيا ستستغل هذه الفرصة لاتهام الولايات المتحدة باستخدام معايير مزدوجة في ما يتعلق بمعاناة المدنيّين في أوكرانيا والشرق الأوسط". من جهته، قال السفير الروسيّ لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الاثنين، "إنه أمر محزن". وأضاف نظيره الصينيّ جون تشانغ، أنّ للمجلس "التزامًا أخلاقيًا" للتحرك "من أجل وضع حدّ لهذا الوضع المأسوي"، ساخرًا من موقف الولايات المتحدة التي "تدعو دائمًا إلى حماية حقوق الإنسان". (أ ف ب)