أقدمت الحكومة الإسرائيلية في اليوم الـ86 للحرب على غزة، على تنفيذ اتفاق التناوب بين وزير الطاقة الإسرائيليّ يسرائيل كاتس، للانتقال إلى وزارة الخارجية، ليحلّ محل الوزير الحاليّ إيلي كوهين، الذي سيتولى حقيبة الطاقة والبنى التحتية، وجاء هذا الإجراء ضمن اتفاق التناوب على المنصب بين الوزيرين المنتميَين لحزب الليكود، لكنه لاقى انتقادات اسرائيلية سياسية وشعبية لاذعة وحادة، فالكثير من وجهات النظر ترى بأنّ تبديل وزير الخارجية حاليًا لا يخدم مصلحة إسرائيل.ونصّ الاتفاق الائتلافيّ الذي وُقّع في أعقاب انتخابات الأول من نوفمبر عام 2022 للحكومة الإسرائيلية، أن يتولى كوهين حقيبة الخارجية في العام الأول من ولاية الحكومة، على أن ينتهي عمله يوم 29 من الشهر الجاري، لتذهب حقيبة الخارجية إلى كاتس لمدة عامين، قبل أن يعود كوهين للمنصب لمدة عام. وأوضحت مصادر إسرائيلية أنّ تبادل المناصب مشروط بالتصويت الذي سيتمّ أيضًا في وقت لاحق في الهيئة العامة للكنيست الإسرائيليّ من دون ذكر تاريخ محدد، مشيرة إلى أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اختار التمسك بهذا الاتفاق وإنهاء ولاية كوهين في الخارجية، رغم التوقيت السياسيّ الحساس في خضمّ الحرب التي تخوضها إسرائيل على غزة، ويأتي هذا التطور اللافت، في ظل الدعوات المتتالية من المعارضة والشارع الإسرائيليّ إلى إقالة الحكومة فورًا وإجراء انتخابات مبكّرة، بسبب الإخفاقات العسكرية في الحرب على قطاع غزة.الإجراء لن يغيّر الحال.. معركة إسرائيل الحقيقية في الميدانومن وجهة نظر المحلل السياسيّ يوني بن مناحيم في حديث خاص مع منصة "المشهد"، حول هذا التبادل الوزاريّ الإسرائيليّ قال: "إنه غير مهمّ وإجراء بروتوكوليّ تم الاتفاق عليه قبل الحرب، فمعركة إسرائيل اليوم في الميدان عسكرية في قطاع غزة، وهذا هو المهمّ أن تحقق أهدافها العسكرية بالقضاء على "حماس" وإعادة الأسرى الإسرائيليّين، أما هذا التبادل بين وزيرَي الخارجية والطاقة، يأتي في إطار ترتيب متفق عليه عندما تم تشكيل الحكومة قبل نحو عام". ويتابع بن مناحيم قائلًا: "الوزير يسرائيل كاتس له تجربة مميزة وواسعة في مجال السياسة، ويُعتبر أفضل من من الوزير إيلي كوهين، الذي أفشل إقامة علاقات مع ليبيا، وكوهين أيضًا عبر عن اعتقاده أنه يجب بعد نهاية الحرب، إنشاء لجنة تحقيق حكومية مستقلة، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصّرين".وحول التغييرات والتبعيات لهذا التبادل الوزراي الإسرائيليّ وأثره على المجتمع الإسرائيليّ، يجيب بن مناحيم، "في حقيقة الأمر، وفي ظل الحرب التي تعيشها إسرائيل على قطاع غزة، أتوقع بأنّ وزارة الخارجية بالوزير كاتس، دورها سيكون منوطًا بالإعلام وليس الميدان، بمعنى سيكون دورها إعلاميًا أكثر لشحذ همم الإسرائيليّين، وتعزيز المواقف الدولية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة".التناوب .. نتانياهو يجيّر الأمور لمصالحه الشخصية والسياسيةوبخصوص التبادل الوزاريّ الذي قامت به الحكومة الإسرائيلية والتناوب على وزارة الخارجية الإسرائيلية، يعلق الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيليّ أنطوان شلحت لمنصة "المشهد"، "هذا التعديل مستحق، وإجراء بروتوكولي، وجزء لتنفيذ اتفاقية متفق عليها، عندما تمّ تشكيل هذه الحكومة الإسرائيلية قبل عام، بأن يتولى إيلي كوهين منصب وزير الخارجية في العام الأول للحكومة، ثم يتولى يسرائيل كاتس هذا المنصب بعد نهاية العام الأول". ويضيف قائلًا، "من المتوقع أن يكون لهذا التناوب تداعيات على مستوى سياسة إسرائيل الخارجية، وعلى مستوى الأداء الخاص للحكومة في هذا الظرف الخاص الذي تمرّ به إسرائيل إثر الحرب في غزة". وأوضح خلال حديثه حول الأهمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، في ظل الظرف الراهن، "هناك دور مهمّ لوزير الخارجية، بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي تحظى بدعم ومشاركة من الولايات المتحدة الأميركية والدول الرئيسية في أوروبا، ولكن باحتجاج دولي كبير بالحرب وخصوصًا بالشارع العالمي، لذلك هذا المنصب مهمّ في ظل الظرف الخاص الذي تعيشه إسرائيل، لذلك هذا التناوب لفت الأنظار اليوم". وحول ردة فعل الساسة الإسرائيليّين والشارع الإسرائيليّ إزاء هذا الإجراء، يوضح شلحت، "الانتقادات نابعة من الانتقادات التي توجّه لرئيس الحكومة نتانياهو بالأساس، وهذه الانتقادات لها أول وليس لها آخر، تعود لأسباب عدة أبرزها، ما تسبب به من انقسام عموديّ في المجتمع الإسرائيلي، بفعل خطة الإصلاح القضائيّ التي اعتُبرت خطة للانقلاب على الجهاز القضائيّ من أجل خدمة مصالح نتانياهو السياسية الشخصية، وما تسبب به من خسائر فادحة لإسرائيل في خضمّ الحرب الحالية، حيث يتهمونه بالوقوف وراء اتّساع رقعة هذه الحرب لكي يبقى في الحكم أي لمصالحه الشخصية والسياسية".مصادر إسرائيلية، أوردت أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، اختار التمسك بالاتفاق وإنهاء ولاية كوهين في الخارجية، رغم التوقيت السياسيّ الحساس في خضمّ الحرب الإسرائيلية على غزة، وقبل هذا الإجراء الحكوميّ صرّح الوزير كوهين، بأنّ الحكومة الإسرائيلية تحمّل المسؤولية الكاملة عن فشل هجوم السابع من أكتوبر، مشيرًا بضرورة تشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المقصّرين، كما وعلّق على تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بشأن غزة، قال كوهين: "الحديث عن الاستيطان في قطاع غزة سابق لأوانه، فاستعادة الأمن تأتي في المقام الأول". (المشهد)