رسميًا ستكون بطاقة هوية نساء تونس خالية ًمن التنصيص على لقب أزواجهن بعد أن صدر قبل أيّام قانون يُلغي التنصيص على هذه المعلومة في بطاقة الهوية.ويأتي هذا التعديل في إطار إقرار تونس الذهاب نحو الاستغناء عن بطاقة الهوية بشكلها الحالي واعتماد بطاقة هوية بيومترية.وصدر بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)، بتاريخ 14 مارس2420، قانون يتعلق بتنقيح وإتمام قانون بطاقة التعريف الوطنية البيومترية.وهذا أوّل تعديل لبطاقة الهوية تعرفه تونس منذ نحو 60 سنة تاريخ صدور أوّل بطاقة هوية في البلد بعد الاستقلال والتي كانت من نصيب الرئيس السابق الحبيب بورقيبة ورقمها.وحافظت تونس منذ تاريخ اصدار بطاقة هوية بعد الاستقلال عام 1968 على ذات المعطيات ولم تشهد البطاقة إلا تعديلاً وحيدا على مستوى الشكل في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وتغير اسمها حينها من بطاقة تعريف قومية إلى بطاقة تعريف وطنية.ووحدها وزارة الداخلية في تونس من يحقُ لها اصدار بطاقة الهوية أو بطاقة التعريف كما تسمى في تونس.تكريس للمساواةووفق القانون الجديد لن تتضمن بطاقة الهوية التونسية البيانات الخاصة بمهنة حاملها كما لن تنص على إجبارية التنصيص على لقب الزوج بالنسبة للنساء. وقد أثار إلغاء إجبارية التنصيص على هذه المعطيات في البطاقة الجديدة الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، واختلفت الآراء والمواقف حول جدوى هذه الخطوة. وفي حين اعتبر عدد من المعلقين أن التنصيص على هذه المعطيات لا يقلّل من قيمة حاملها ولا يقلل من قيمة الزوجة مشيرين إلى أن ذلك معتمد حتّى في دول غربية تتبنى المساواة التامة بين الجنسين، رحبّ طيف واسع من النساء في تعليقاتهم على الخبر بالخطوة.والنساء في تونس التي تمتلك ترسانة من القوانين الحامية لحقوق المرأة كن مجبرات على التنصيص على لقب الزوج في بطاقة هوياتهن. وكثيرا ما كانت إجبارية التنصيص على لقب الزوج والمهنة من المواضيع التي تطالب المنظمات الحقوقية بإلغائها مؤكدة أنها تقلل من قيمة المرأة ولا تكرس المساواة التامة بين عموم التونسيين. وعبّرت الصحافية أسماء سحبون عن ترحيبها بهذه الخطوة الجديدة معتبرة في تدوينة على حسابها الشخصي على "فيسبوك" أنها ترفض أن يقع تعريفها على أساس كونها حرم فلان مضيفة" المرأة شقت طريقها بنفسها وكونت شخصيتها بعيدا عن ارتباطاتها العاطفية والاجتماعية التي لا تعني أحدًا سواها" وتضيف" لماذا تجبر المرأة على أن تعرف نسبة لزوجها هذا شأن يخصها وحدها". ويقول المدافعون عن حقوق النساء في تونس إن إلغاء الزامية التنصيص على لقب الزوج يُعتبر خطوة نحو تكريس المساواة بين الجنسين. وتعتبر الناشطة الحقوقية ريم سوودي في تصريح لمنصّة "المشهد" أن هذا القرار جيد مؤكدة أنه "جاء متأخرًا". وترى أن المواطن يجب أن يتم تعريفه وفق بيانات تخصه وحده لا علاقة لها بعلاقاته الاجتماعية، مضيفة "أن يرتبط تعريف المرأة بزوجها فذلك تقليل من شأنها ومن مواطنتها". وفي رأيها تعتبر التعديلات الجديدة بشكل عام خطوة جيدة نحو تكريس المساواة التامة بين المواطنين والقطع مع سياسة التعامل معهم باعتماد الكيل بمكيالين لكنها كانت تفضل أن يقع أيضًا حذف البيانات المتعلقة بالعنوان. ووفق القانون الجديد لبطاقة الهوية في تونس فإنها وجوبية بالنسبة للأشخاص من ذوي الجنسية التونسية من كلا الجنسين والبالغين من العمر 15 سنة على الأقل. وتحتوي البطاقة وجوبًا وفق النص القانوني ذاته على الاسم واللقب بالحروف العربية واللاتينية واسم الأب واسم الجد والجنس واسم ولقب الأم وتاريخ الولادة والعنوان. جدل حول القاون وكان البرلمان التونسي، قد صادق الأربعاء 6 مارس 2024، على مشروعي القانونين المتعلقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ووثائق السفر البيومتريين بموافقة 107 نواب. لكن المصادقة على القانون الجديد كانت مصحوبة بجدل واسع امتد لسنوات حول مدى احترام البطاقة البيومترية للبيانات الشخصية للتونسيين وقدرة الدولة على حمايتها. وكان التوجه نحو البطاقة الجديدة مطروحًا منذ سنة 2016 لكنه ووجه بمعارضة قوية من منظمات حقوقية وعلى رأسها لجنة حماية المعطيات الشخصيات الحكومية نبهت من خطورة هذا التوجه على خصوصيات التونسيين وعلى الأمن القومي للبلد ما حال من دون تمرير القانون في أكثر من مناسبة. ووفق القانون الجديد ستكون كل البيانات الشخصية الخاصة بالتونسيين مخزنة بشريحة الكترونية توضع على البطاقة الجديدة وستتولى وزارة الداخلية تخزين كل هذه البيانات. وعارضت الأصوات الحقوقية مشروع بطاقة التعريف البيومترية بشكلها الحالي خوفًا من أن "تتحول البطاقة إلى وسيلة لملاحقة التونسيين ومضايقتهم" وفق سوودي.وعبّر عدد من الحقوقيين عن تخوفهم من عدم قدرة الدولة على حماية قاعدة البيانات الكبيرة التي ستخزن بها معطيات ملايين التونسيين. وقال الحقوقي شوقي قداس الذي سبق له أن رأس هيئة حماية المعطيات الشخصية لمنصة "المشهد" إن التجارب المقارنة أثبتت خطورة هذا الخيار مؤكدا أنه لا يمكن لأي جهة أن تضمن حماية قواعد البيانات من الاختراق، وتابع" حدث ذلك في عدد من دول عديدة وقع اختراق قواعدها وباتت بسبب ذلك المعطيات الشخصية لملايين المواطنين على قارعة الطريق". في المقابل، دافعت الأصوات التي تبنت هذا التغيير عن القانون الجديد، مؤكدة أن تونس ملزمة بمواكبة التطورات التي تحدث في العالم وتحدث البعض عن أنه يأتي في إطار إيفائها بالتزاماتها الدولية منها اعتماد الجواز البيومتري استجابة لما تشترطه المنظمة العالمية للطيران المدني إضافة إلى التوجه نحو رقمنة الإدارة. ودافع وزير الداخلية التونسي كمال الفقيه أمام البرلمان عن هذا القانون، مؤكدا في رده على أسئلة النواب أن وزارته قادرة على حماية البيانات الخاصة بالتونسيين ولا يمكن إلا للجهة المخولة لها قانونيا ذلك الاطلاع عليها. (المشهد)