تتعمق المجاعة في أنحاء قطاع غزة التي تحاصرها إسرائيل منذ نشوب الحرب، وتعرقل تدفق المساعدات الغذائية، وبات يعاني 2.4 مليون إنسان نقصًا حادًا في الغذاء، ويواجهون الجوع والحرمان بصور موجعة لا يتصورها العقل البشري.ومع بدء شهر رمضان، تتفاقم أزمة الغذاء المتصاعدة في أوضاع بالغة التعقيد والخطورة، الآلاف من الغزّيين، ليس لديهم ما يُفطرون عليه، ويواجهون مستويات غير مسبوقة من المعاناة والبؤس، هذه الأوضاع تعكسها الأرقام، نحو 2.2 مليون شخص، باتوا تحت تهديد شبح المجاعة، ومليونا شخص وصلوا إلى المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي، وقرابة 900 ألف شخص في المرحلة الرابعة، أيّ مرحلة الطوارئ. بات الجوع حقيقة ملموسة مرة يعيشها الفلسطينيون الذين أنهكتهم 6 أشهر من الحرب، في المقابل، تقيّد إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة، ما أوجد مجاعة بدأت تحصد الأرواح، وقلة في إمدادات الغذاء والدواء والوقود، ومأساة لا تُنسى بفعل مقتل مئات الغزّيين في قصف إسرائيلي، وهم ينتظرون المساعدات. مساعدات إلى شمال غزةللمرة الأولى ومنذ 4 أشهر، دخلت شاحنات المساعدات إلى شمال قطاع غزة، الذي يعاني سكانه منذ اندلاع الحرب، العازة والجوع المُحدق بالأطفال والأهالي. بدوره، أوضح الناطق باسم الدفاع المدنيّ محمود بصل، لمنصة "المشهد"، أنه "وصلت 6 شاحنات إلى مستودع تابع لوكالة الأونروا في جباليا شمال قطاع غزة، بينما وصلت 7 شاحنات أخرى إلى حيّ الشجاعية، وحيّ الشيخ رضوان، ومخيم الشاطيء في مدينة غزة، تحمل 5700 كيس طحين لتوزيعها على الأهالي". وأشار بصل إلى أنّه:تمت عملية وصول شاحنات المساعدات من منطقة دوّار الكويت للمناطق المقرر أن تصل إليها، بفعل التنسيق المسبّق بين العشائر والمخاتير ومسؤولين أمميّين.تم تفريغ حمولة الشاحنات في أحد مراكز الأونروا، من أجل تقسيمها إلى كميات صغيرة، وتمهيدًا لتوزيعها على سكان شمال غزة. قبل لحظات بدأنا في توزيع المساعدات، لكنها على الأغلب لا تكفي المواطنين في غزة وشمالها، نحن بحاجة إلى إدخال المساعدات يوميًا، لكنّ القوات الإسرائيلية تمنع وتحول دون ذلك. من جانبه، أكد الهلال الأحمر الفلسطينيّ في بيان صحفي، بأنّ "شاحنات المساعدات التي دخلت شمال القطاع الليلة الماضية قليلة، مطالبًا بدخول المزيد من المساعدات، في حين أنّ القوات الإسرائيلية تستهدف قوافل المساعدات ومراكز توزيعها في شمال القطاع. المجاعة تتربص بالغزّيين على وقع المأساة الإنسانية في قطاع غزة، تواصل المنظمات الدولية، إطلاق صيحات التحذير والمناشدات المتعلقة بالمجاعة المحدقة بأهالي غزة من كل حدب وصوب لإنقاذهم، فقد حذرت منظمة اليونيسف من مظاهر النقص المقلق في الغذاء، وسوء التغذية المتفشي، والانتشار السريع للأمراض، واعتبرتها عوامل سترفع أعداد الوفيات. فيما أعرب برنامج الأغذية العالميّ عن قلقه الشديد، من خطر الجوع، الذي لا يأخذ استراحة في رمضان، فالتجمّع حول مائدة الطعام، يعدّ عادة أساسية في رمضان، لكن في غزة يكافح الأشخاص للعثور على شيء يأكلونه. من جانبها اعتبرت وكالة "الأونروا"، أنّ ما يحدث في قطاع غزة، مجاعة تلوح في الأفق، حيث إنّ سوء التغذية ينتشر بسرعة بين الأطفال، ويصل إلى مستويات غير مسبوقة، ويفتك بأهالي القطاع على المدى القريب والبعيد. يقول المستشار الإعلاميّ لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة لمنصّة "المشهد"، إنّ:انتشار المجاعة في قطاع غزة ظاهرة خطيرة وآخذة بالتفاقم، وأوضاع الأهالي سيئة للغاية. مئات آلاف الجوعى من كل الفئات، في ظل دخول كميات محدودة وضئيلة من المساعدات وعدم تنوعها.لا يمكن لمجتمع أن يعيش على المعلبات مثل الفول والفاصولياء، للشهر السادس على التوالي. وأكد أبو حسنة لمنصة "المشهد"، أنّ المجاعة وصلت لمراحل قاتلة، وأنّ فئة الأطفال هي الأكثر تضررًا، "ارتفعت حالات سوء التغذية عند أطفال غزة من دون السنتين، إلى نسبة 31%، أي بنسبة طفل من بين 3 أطفال يعاني الجوع والجفاف، كذلك بقية الأطفال بفعل الحرب والحصار، يعانون من انهزال شديد، فيما الأطفال حديثو الولادة يولدون قصار القامة وناقصي الوزن". ولفت أبو حسنة إلى أنّ "المجاعة لها تبعات خطيرة وتأثيرات كارثية، وأضرار لا يمكن العودة عنها، وسوف تصاحب أهالي غزة مستقبلًا، على المستوى العقليّ والجسدي، وباتت تعرّضهم لانتشار الأوبئة والأمراض المُعدية أيضًا".إعاقة تدفق المساعدات يشكو أهالي قطاع غزة شحّ المساعدات التي تدخل إليهم، بفعل الحصار الإسرائيليّ والحرب، فيما تعرقل القوات الإسرائيلية دخول شاحنات المساعدات، وتتحكم بها، وتمنع تدفقها نحو القطاع، ونفذت تلك القوات أكثر من 20 هجومًا داميًا على الغزّيين وهم ينتظرون دخول المساعدات، عند دوّارَي الكويت والنابلسي، المدخلين الجنوبيّين الرئيسيّين لمدينة غزة، حيث تصل من الجنوب شاحنات المساعدات الإنسانية القليلة التي تدخل شمال غزة. يقول أشرف عبد العال لمنصة "المشهد": "نحن بحاجة لتأمين الطعام لأسرنا وأبنائنا الذين يعانون الجوع الحقيقي، منذ بداية شهر رمضان باتت ظروفنا سيئة للغاية، ونعيش ساعات طويلة من الصيام والجوع، وربما تطول لأيام في كثير من الأحيان، إسرائيل تستهدف من ينتظرون المساعدات التي لا تسمح بعبروها أصلًا، نحتاج كميات غذائية كبيرة ومنوعة من الطعام، كباقي شعوب الأرض". من جهته، أكد الناشط الحقوقيّ شعوان جبارين لمنصة "المشهد"، أنّ "إسرائيل تحارب أهالي غزة بالتجويع، ومنع دخول المساعدات إليهم، وبلغة القانون هذه جريمة حرب، تندرج في إطار الإبادة الجماعية، وما يجري سيكون له تداعياته على المنظومة الدولية".وأوضح جبارين أنه "مع ارتفاع المستويات الكارثية لإنعدام الأمن الغذائيّ الحادّ في أرجاء غزة، يتزايد أعداد الأُسر التي تكافح من أجل إطعام أطفالها، والوفيات بسبب الجوع، حيث إنّ أكثر من نصف شحنات المساعدات التي تنوي التوجه إلى جنوب وشمال غزة، تمنعها القوات الإسرائيلية من الدخول، وتتحكم في كيفية ومكان تسليمها، ما يجعلها شحيحة بل معدومة".(المشهد)