أوردت وسائل إعلام تركية باحتمال عقد لقاء بين الرئيس السوريّ بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في موسكو الشهر المقبل، وسط هواجس اللاجئين السوريّين التي تتقاطع بين التقارب بين أنقرة ودمشق، والتردد بعودتهم إليها، ووسط ضغوط متزايدة تدفعهم إلى العودة. عودة تشجع عليها الحكومة السورية، وتبعث من خلالها برسائل على شكل قرارات في ظاهرها، بينما تحمل بين طياتها مخاوف لا عودة إلى البلاد وفقًا لمنظمات حقوقيه محلية ودولية.اللاجئون السوريون في تركيامنظمة هيومان رايتس ووتش والشبكة السورية لحقوق الإنسان، نشرت تقريرًا وثقتا فيه سلسلة قرارات حجز احتياطي، أصدرتها وزارة المالية في سوريا منذ بداية عام 2024، استهدفت أملاك مئات الأشخاص وعائلاتهم في بلدة زاكية بريف دمشق على سبيل المثال، من دون أمر من المحكمة.ولا يزال السوريّ يترقب تقاربًا وشيكًا في العلاقات التركية-السورية، وسط مؤشرات على اجتماع محتمل بين الرئيسين التركيّ والسوري، بعد التصريحات بين الجانبين، والتي حملت نوعًا من الإيجابية وفق محللين. لكنها جاءت على وقع تفاقم مشاعر معادية للاجئين السوريّين في تركيا، التي تستضيف نحو 3 ملايين و200 ألف لاجئ يشكل مصيرهم قضية حساسة في السياسة الداخلية، وسط تعهدات من خصوم إردوغان بإعادتهم إلى بلادهم، فإلى متى سيبقى السوريون يراوحون مكانهم؟ضغوط داخلية وخارجيةوفي هذا الشأن، قال مدير أكاديمية الفكر للدراسات الإستراتيجية باكير أتاجان لقناة ومنصة "المشهد": تركيا ومنذ فترة طويلة تسعى لهذا التقارب مع سوريا، بهدف حل المشاكل الشائكة والتي ستكون حتمًا لصالح الشعب السوريّ والشعب التركي، ولكن إلى الآن، الطرف السوريّ يتعرض لضغوط داخلية وخارجية، والدليل على ذلك التصريحات السورية التي تتغير بين السلبية والإيجابية حول اللقاء المحتمل، ولكن لا شك أنّ هناك مصلحة كبيرة للشعبين في حال تم هذا اللقاء". وأضاف أتاجان: "هذا اللقاء سوف يحصل، لكن ليس خلال الفترة القصيرة المقبلة، خصوصًا أنّ هناك زيارة مرتقبة من وزير خارجية روسيا خلال الأيام القادمة لتركيا، لبحث الأمور التي من الممكن أن تكون وسيلة لإيجاد حلول مشتركة قبل هذا اللقاء، ولا بد لهذا اللقاء أن يثمر بنتائج إيجابية للطرفين".وفي موضوع الانسحاب التركيّ من الأراضي السورية قال أتاجان: "ينبغي تحضير الأرضية لهذا الانسحاب، خصوصًا أنّ تركيا لا تسعى للبقاء في الداخل السوري، ولكن لا بد أن تكون هناك أسس تساعد في هذا الانسحاب".وختم أتاجان قائلًا: "تركيا مصرة على محاربة الارهاب، وعلى رأسها "داعش" وحزب العمال الكردستاني، وقد صرح المسؤولون مرارًا وتكرارًا بذلك، على الرغم من الاعتراض الأميركيّ والروسيّ والإيراني، وحتى اعتراض نظام الأسد، ولكنّ تركيا تريد أن تتعامل مع هذا الملف بشفافية، وتكون جنبًا إلى جنب مع سوريا لمحاربة الارهاب، لأنّ هذه المسألة لها عواقبها على الطرفين".ألغام في وجه التقارب السوري-التركيمن جهته، قال الكاتب الصحفيّ عبد الحميد توفيق لقناة ومنصة "المشهد": "لا أعتقد بأنّ المسألة في هذه التقارب تخضع لقانون التفاؤل أو التشاؤم، لكنّ المعطيات على الأرض والمعطيات السياسية الحقيقية التي بدأت تظهر وبشكل علني، أو عملية التفاوض عبر الإعلام بين الجانبين السوريّ والتركي، وحتى على مستوى الزعيمين، توحي بأنّ هذا اللقاء يسير الطرفان باتجاهه، ولكن يبدو أنه يحتاج إلى دراسة الخطوات أولًا، وكذلك إخراجه بشكل يكون مقبولًا من قبل الطرفين ومن قبل الشعبين الجارين، وكذلك يكون ممهدًا لتليين وتذليل العقبات الناشئة، وهي عقبات ليست سهلة، بل هي ألغام هي مفخخات في طريق هذا اللقاء".وتابع توفيق قائلًا: "على مستوى الزعيمين الأسد وإردوغان، أعتقد بأنّ الأمر يميل نحو هدف واضح، وهو من الجانب التركي بأنّ الرئيس التركيّ رجب طيب إردوغان، وكذلك طاقمه الدبلوماسيّ والسياسيّ وحتى العسكري، يسعى إلى إيجاد منفذ أو طريق أو وسيلة لتجاوز مرحلة عدم الثقة بين الجانبين، والإرادة السياسية التركية تتبلور بشكل واضح وصريح من الجانب التركي".وأضاف توفيق: "من الجانب السوري، من الواضح أنّ الرئيس السوريّ في تصريحه الاثنين الماضي، أعطى إشارة واضحة باستعداده للعمل في هذا الاتجاه، ولكن هناك بعض المتطلبات كما أسماها، متعلقة بمخرجات هذا اللقاء، ومن الواضح أنّ الأسد لا يريد أن يكون هناك لقاء بروتوكوليّ فقط، ولا يريده أن يكون شكليًا، بل يسعى لكي يكون هذا اللقاء على أسس واضحة ومدروسة وتكون نتائجه مرسومة".وأكد توفيق أنّ اللقاء بين الرئيسين سيكون بهدف إعطاء سياق ومسار للجان الفنية والأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية، وسيتقدم الجانب الاقتصاديّ على مجمل الملفات الأخرى، وإعطاء هذه اللجان فسحة أكبر وهامش أكبر لكي يتمكنوا من إيجاد قواسم مشتركة بين الطرفين، للوصول إلى مراحل متقدمة في عملية عودة العلاقات إلى طبيعتها كما كانت عليه سابقًا.وفي موضوع عودة اللاجئين قال توفيق: "تركيا غير قادرة على إنهاء هذا الملف بجرّة قلم، ولا الجانب السوري أيضًا، لأنّ هناك واقعًا كبيرًا وحقيقيًا وملموسًا على الأرض، فالبنية التحتية مدمرة في غالبيتها".(المشهد)