هدّد تصاعد هجوم "الحوثيّين" حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، في الوقت الذي تشنّ فيه الولايات المتحدة ضربات وغارات جوية عليهم. وتتلقّى الميليشيات المدعومة من طهران والمتمركزة في العراق، ضربات أميركية بعد استهدافها قوات الولايات المتحدة في الأردن أو سوريا. ومن هنا، طرحت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية تساؤلًا حول "ماذا بعد؟ هل هو تكرار لحرب الناقلات التي اندلعت في الثمانينيات بين إيران والعراق ضد السفن التجارية في الخليج ومضيق هرمز؟". وفي الفترة التي سبقت الضربات الجوية الأولية التي نفذتها بريطانيا والولايات المتحدة على "الحوثيّين"، أشارت واشنطن إلى تحركها المحتمل. وكان وزير الدفاع البريطانيّ غرانت شابس، ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، قد حذّرا قبل أيام من ضربات محتملة. وأشارت تسريبات لمجلس الوزراء البريطاني، إلى أنّ الضربات ستكون على بُعد ساعات فقط. ولفت التقرير إلى أنّ كل هذا أعطى "الحوثيّين" فرصة كبيرة لإعادة إخفاء الأسلحة والمعدات الأخرى، حيث لم يكن توقّع المكان الذي قد تصل إليه الضربات مهمة شاقة. خسائر في قدرات "الحوثيّين"ووفقًًا للتقارير، تركت الضربات إلى حدّ كبير، قدرة الجماعة المدعومة من إيران على استهداف حركة المرور البحرية في البحر الأحمر سليمة، ما أدى إلى إضعاف نحو 20-30% من القدرات الهجومية لـ"الحوثيّين" في أحسن الأحوال، مع بقاء معظم الباقي مخفّيًا. علاوة على ذلك، مع هذه الحلقة الأخيرة من الأعمال الانتقامية، أشارت الولايات المتحدة مسبّقًا إلى حدود انتقامها لمقتل 3 جنود أميركيّين في غارة بطائرة بدون طيار على قاعدة في الأردن. قبل مغادرة البيت الأبيض لحضور حدث انتخابيّ الأسبوع الماضي، قال الرئيس جو بايدن إنه قرر كيفية الرد، قبل أن يضيف بشكل حاسم: "لا أعتقد أننا بحاجة إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط. هذا ليس ما أبحث عنه". وفي إيران، كان هذا بلا شك يعني أنه لن يتم استهدافها بشكل مباشر. وفي الفترة التي سبقت الردّ الأميركي، أفادت التقارير بأنّ الجيش الإيرانيّ سحب بعض قواته من العراق وسوريا، معتقدًا بشكل صحيح أنّ الضربات الأميركية ستكون مخصصة للميليشيات المدعومة من إيران هناك، أو للقواعد التي من المعروف أنّ الإيرانيّين يتمركزون فيها أيضًا.ويشير هذا الخوف من التصعيد من جانب الولايات المتحدة إلى التوتر والحذر على حدّ سواء، لكنّ الردع لا ينجح إلا إذا مُنع "الحوثيون" والميليشيات المتحالفة مع إيران في سوريا والعراق من مواصلة إثارة أعمالهم. إنّ أكثر من 150 هجومًا على أهداف أميركية في العراق وسوريا منذ أكتوبر الماضي، هو دليل واضح على فشل إدارة بايدن في الردع حتى الآن، وفق الصحيفة.تصعيد في المنطقةوبحسب الصحيفة، لدى إيران غرضان في ذهنها من كل هذه الهجمات، الأول هو الضغط على الغرب للحدّ من الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة من أجل إنقاذ "حماس". والهدف الثاني هو الهدف طويل المدى المتمثل في إرهاق الولايات المتحدة ودفعها إلى الاستسلام والانسحاب إلى حدّ كبير من الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى تضخيم نفوذ إيران في المنطقة. ووفقًا لمحلل المجلس الأطلسيّ قتيبة الإدلبي، فإنّ المقاومة في العراق "زعمت أنّ الهجوم (على الأردن) كان ردًا على الحرب الإسرائيلية على غزة"، فإنه "لا يمكن إنكاره كجزء من تصعيد أكبر يقوده وكلاء إيران ضد المواقع الأميركية في سوريا والعراق منذ أواخر عام 2022". وقال الإدلبي: "يمكن للولايات المتحدة أن توجّه ضربة استراتيجية لقدرات إيران في شرق سوريا، ما يؤدي إلى قلب الممر البرّي الاستراتيجيّ بين العراق وسوريا ولبنان"، وهو النهج الذي أكد أنه "قد يكون مفيدًا للتمركز الأميركيّ في المنطقة، ولدعم إيران".(ترجمات)