قالت مصادر مطلعة لرويترز إن في أعقاب مقتل قادة كبار في غارات جوية إسرائيلية كانت تستهدفهم، لجأت جماعة "حزب الله" اللبنانية المدعومة من إيران لاستخدام بعض التقنيات القديمة مثل استخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة البيجر لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لإسرائيل.وبدأت الجماعة أيضا في استخدام التكنولوجيا الخاصة بها، منها الطائرات المسيّرة، لدراسة ومهاجمة قدرات إسرائيل على جمع المعلومات الاستخبارية، فيما وصفه زعيم "حزب الله" حسن نصر الله بأنه إستراتيجية "إعماء العدو وصم آذانه باستهداف التجهيزات الفنية والرادارات والمناطيد".يتبادل الجانبان إطلاق النار منذ أن دخلت حركة "حماس"، في حرب مع إسرائيل في أكتوبر. وفي الوقت الذي لا يزال فيه القتال على الحدود الجنوبية للبنان تحت السيطرة نسبيا، فإن تصاعد حدة الهجمات في الأسابيع القليلة الماضية يزيد من المخاوف من إمكانية تحوله إلى حرب شاملة.ومع تزايد الضغوط الداخلية في إسرائيل بسبب هجمات "حزب الله"، سلط الجيش الإسرائيلي الضوء على قدرته على ضرب عناصر الجماعة عبر الحدود. تكنولوجيا المراقبةوتلعب تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية دورا حيويا في هذه الهجمات. وقال الجيش الإسرائيلي إن لديه كاميرات مراقبة أمنية وأنظمة استشعار عن بعد على المناطق التي ينشط فيها "حزب الله"، وإنه يرسل بانتظام طائرات استطلاع مسيرة عبر الحدود للتجسس على خصمه.ويعتبر التنصت الإلكتروني الذي تقوم به إسرائيل، منه اختراق الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، على نطاق واسع من بين أكثر العمليات تطورا في العالم.وقالت 6 مصادر مطلعة على عمليات "حزب الله" لرويترز، طلبت عدم الكشف عن هوياتها لحساسية المسألة، إن "حزب الله" تعلم من خسائره وقام بتعديل تكتيكاته ردا على ذلك.وقال اثنان من المصادر إن الهواتف المحمولة، التي يمكن استخدامها لتتبع موقع المستخدم، تم حظرها من ساحة المعركة واستبدالها بوسائل الاتصال القديمة، مثل أجهزة البيجر والسعاة الذين يبلغون الرسائل شفهيا.وذكرت 3 مصادر أن "حزب الله" يستخدم أيضا شبكة اتصالات أرضية خاصة يعود تاريخها إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21.وأفاد مصدر آخر مطلع على المسائل اللوجستية للجماعة بأنه في حالة سماع المحادثات، يتم استخدام كلمات مشفرة للأسلحة ومواقع الاجتماعات. وقال المصدر إن الكلمات المشفرة يتم تحديثها يوميا تقريبا وتسليمها إلى الوحدات عن طريق سعاة ينقلون الرسائل.وقال قاسم قصير المحلل اللبناني المقرب من "حزب الله" "نواجه معركة تشكل المعلومات والتكنولوجيا جزءا أساسيا فيها... لكن عندما تواجه بعض التقدم التكنولوجي، فإنك تحتاج إلى العودة إلى الأساليب القديمة.. الهواتف.. الاتصالات الشخصية... أيا كانت الطريقة التي تسمح لك بالتحايل على التكنولوجيا".إجراءات مضادة بتقنيات قديمةويقول خبراء أمنيون إن بعض الإجراءات المضادة التي تستخدم فيه تقنيات قديمة يمكن أن تكون فعالة للغاية ضد قدرات التجسس عالي التقنية. فإحدى الطرق التي أفلت بها زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، من الاعتقال لما يقرب من عقد من الزمن، كانت من خلال قطع الاتصال بخدمات الإنترنت والهاتف، واستخدام السعاة بدلا من ذلك.وقالت إيميلي هاردينغ المحللة السابقة بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) والتي تعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "مجرد استخدام شبكة شبكة خاصة افتراضية(في.بي.إن)، أو أفضل من ذلك، عدم استخدام الهاتف المحمول على الإطلاق، يمكن أن يزيد من صعوبة العثور على الهدف وإصلاحه".وأوضحت "لكن هذه الإجراءات المضادة تجعل قيادة "حزب الله" أقل فاعلية بكثير في التواصل بسرعة مع قواتها".ويعتقد "حزب الله" ومسؤولون أمنيون لبنانيون أن إسرائيل تقوم أيضا بتجنيد مخبرين داخل لبنان أثناء قيامها بمراقبة الأهداف. وقالت 3 مصادر إن الأزمة الاقتصادية في لبنان والمنافسة بين الفصائل السياسية خلقت فرصا لعملاء إسرائيل بتجنيد أفراد في لبنان، لكن ليس كل المخبرين يدركون مع من يتحدثون.وفي 22 نوفمبر، تلقت امرأة من جنوب لبنان مكالمة على هاتفها المحمول من شخص يدعي أنه مسؤول محلي، وفقا لمصدرين على علم مباشر بالواقعة. وقالت المصادر إن المتصل كان يتحدث بلغة عربية قوية، وسأل عما إذا كانت الأسرة في المنزل. أجابت المرأة: لا، موضحة أنهم سافروا إلى شرق لبنان.وأضاف المصادر أنه بعد دقائق، ضرب صاروخ منزل المرأة في قرية بيت ياحون، ما أسفر عن مقتل 5 من مقاتلي "حزب الله"، من بينهم عباس رعد، نجل أحد كبار نواب "حزب الله" وعضو في وحدة الرضوان.وذكرت المصادر لرويترز أن "حزب الله" يعتقد أن إسرائيل تعقبت المقاتلين إلى الموقع وأجرت اتصالا للتأكد مما إذا كان هناك مدنيون قبل الهجمة دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.منع الهواتف المحمولةوقال الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت إنه قصف عددا من أهداف "حزب الله"، منها "خلية إرهابية".وفي غضون أسابيع، كانت جماعة "حزب الله" تحذر أنصارها علنا عبر أثير محطة إذاعة النور التابعة لها من عدم الثقة في المتصلين الذين يزعمون أنهم مسؤولون محليون أو عمال إغاثة، قائلين إن الإسرائيليين ينتحلون شخصياتهم للتعرف على المنازل التي يستخدمها "حزب الله".وقال مصدران مطلعان على نهج التفكير داخل الجماعة ومسؤول استخباراتي لبناني لرويترز إن جماعة "حزب الله" بدأت تشتبه في أن إسرائيل تستهدف مقاتليها عبر تتبع هواتفهم المحمولة وكاميرات المراقبة المثبتة على المباني في البلدات الحدودية.وفي 28 ديسمبر، حث "حزب الله" سكان الجنوب في بيان نُشر على تليغرام على فصل أي كاميرات مراقبة يمتلكونها عن الاتصال بالإنترنت.وبحلول أوائل فبراير، صدرت توجيهات أخرى لمقاتلي الحزب بعدم استخدام هواتف محمولة في أي مكان قريب من ساحة المعركة.وقال مصدر لبناني كبير مطلع على عمليات الجماعة "اليوم، إذا وُجد أي هاتف مع أي شخص على الجبهة، فسيتم طرده من حزب الله".وأكدت 3 مصادر أخرى التوجيه الذي عممته الجماعة. وقال أحد المصادر لرويترز إن المقاتلين بدأوا يتركون هواتفهم عند تنفيذ عمليات.وذكر المسؤول الاستخباراتي اللبناني أن "حزب الله" كان يجري أحيانا عمليات تفتيش مفاجئة على الوحدات الميدانية بحثا عن هواتف.وأفاد مسؤول أمني لبناني سابق ومصدران آخران مطلعان على عمليات جماعة "حزب الله" بأن الجماعة اتخذت إجراءات لتأمين خطوط التواصل الهاتفي الخاصة بها بعد الاشتباه بخرق إسرائيلي.ووفقا لمسؤولين حكوميين آنذاك، فإن الشبكة الواسعة التي يزعم أنها ممولة من إيران أُنشئت قبل نحو عقدين باستخدام كابلات ألياف ضوئية ممتدة من معاقل "حزب الله" في الضواحي الجنوبية لبيروت إلى بلدات في جنوب لبنان وشرقها إلى وادي البقاع.المراقبة باستخدام طائرات مسيرةتتباهى الجماعة بقدرتها على جمع معلومات استخباراتية خاصة بها عن أهداف العدو ومهاجمة منشآت المراقبة الإسرائيلية باستخدام ترسانتها من الطائرات المسيّرة الصغيرة محلية الصنع.وفي 18 يونيو، نشرت الجماعةمقطع فيديو مدته تسع دقائق قالت إنه التُقط فوق مدينة حيفا الإسرائيلية بواسطة طائرات مراقبة تابعة لها، وتضمن منشآت عسكرية وموانئ. كما نشرت اليوم الثلاثاء الجزء الثاني منه للمناطق العسكرية الإسرائيليىة في الجولان.وذكر سلاح الجو الإسرائيلي أن أنظمة الدفاع الجوي رصدت الطائرة المسيرة، لكن القرار اتُخذ بعدم استهدافها لأنها لا تمتلك قدرات هجومية، ولأن استهدافها قد يعرض السكان للخطر.وتضمن مقطع فيديو آخر نشرته جماعة "حزب الله" صورا جوية قالت إنها جمعتها لمنطاد مراقبة إسرائيلي ضخم يُعرف باسم سكاي ديو في اليوم السابق لاستهدافه في هجوم بطائرة مسيرة في 15 مايو.(رويترز)