مع دخول الحرب على غزة يومها الـ110، تحتد فصول الخلافات في داخل الحكومة الإسرائيليّة بزعامة بنيامين نتانياهو، فيما تعالت الأصوات الشعبية بمطالبته بالتنحي، وتشهدُ مدن تل أبيب والقدس وحيفا تظاهراتٍ حاشدةً تدعو لانتخابات مبكرة، وإبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، ووقف الحرب التي استنزفت القطاعات في إسرائيل كافة. في خضم ذلك تطرقَ الإعلامُ الإسرائيلي مؤخراً، إلى النزاعاتِ المستمرة بين وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، ورئيس الحكومة نتانياهو، آخرها تتعلق بكيفية إدارة الحرب على قطاع غزة، وما بعد الحرب، ومحاولات نتانياهو المتكررة لتحميل الجيش مسؤولية الحرب على غزة. ووصلت الخلافاتُ لدرجة أن غالانت هدد الأخير باقتحام مجلس الحرب بقوة غولاني، ما أثار تساؤلات جمّة بشأن انهيار حكومة نتانياهو في ظل الحرب، وتأثير ذلك على مستوى الحرب وحدة المعارك والقتال في غزة. انهيار الحكومة بات وشيكاً ومؤخراً بدا واضحاً حدوث تباين كبير بشأن توقعات الخبراء والمحليين حول مستقبل الحكومة الإسرائيلية في ظل الحرب، خاصة في ظل إصرار حكومة نتانياهو على مواصلتها، وتصريح الأخير بأن الحربَ ستستمر حتى العام 2025. ويرى الكاتبُ والمحللُ السياسي الحنان ميلير، أن فرصَ انهيار الحكومة الإسرائيلية ازدادت في الأسابيع الماضية، في ظل الخلافات الحادة داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية، بين من يؤيد إعداد خطة لليوم التالي بعد "حماس" في غزة.وأوضح ميلير في حديثه مع منصة "المشهد" أن "هذ الخطة يتبناها الوزيران في الحكومة بيني غانتس وأيزنكوت، وبين نتانياهو الذي يعارض هذه الخطة". وأضاف: "غالانت أيضاً تحدث عن ضرورة عودة السلطة، تلك المعطيات تفضي بأن الشرخَ العميقَ في هذه الحكومة، بمعنى لو قرر نتانياهو وقف الحرب، ستنسحبُ على الفور من الحكومة كل الأطراف اليمينية مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية سموتريتش، فحينها سوف تنهار الحكومة على الأرجح".من جانبه، يقول المختصُ في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، إنَ فرصَ انهيار حكومة نتانياهو كبيرة، وذلك يعود للأسباب الآتية: الحكومة فيها تناقضات جدية والجمهور بالأساس لا يريدها وهذا الأهم. الموضوعُ الأساسي الذي يجمعُ بين أعضاء الحكومةِ اليمينية قبل أن يدخلَ إليها غانتس، كان الحرصُ على قواعد اليمين المتطرف، التي تريدُ أن تحدثَ انقلابًا في إسرائيل، في منظومة الحكم وفي الجهاز القضائي، جاءت الحربُ فأوقفت هذه العملية ودخل غانتس لكي يحاولَ أن يظهرَ الوحدةَ الوطنيةَ في إسرائيل.تصاعد حدة المعاركوأضاف مجلي في حديثه مع مِنصة "المشهد": "لكن الحرب جاءت بطريقةٍ فاشلة بسبب إخفاقات سابقة، وترافقت مع أهداف غير واقعية للحرب، فجعلت إدارة الحرب تنطوي على إخفاق كبير، ولم تحققْ إنجازات جدية، كل الشعارات والأهداف التي وضعوها تبينت أنها فارغةُ المضمون ولا يمكن تحقيقها، ولذلك يوجد أزمة، إلى أي مدى من الممكن أن تنفجر هذه الأزمة".لكنه أكدَ أن من الصعب على إسرائيلَ أن تسقط َحكومة في وقت الحرب. وتابع: "لهذه المعركة الأساسية الآن هي وقف الحرب، في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب مع (حماس) ستنشب حرب أخرى في داخل إسرائيل من أجل إسقاط الحكومة، لأنها حسب كل استطلاعات الرأي غالبية الإسرائيليين يعتقدون أنها فاشلة بكل شيء، وأدت إلى شرخٍ كبيرٍ في المجتمع الإسرائيلي، ولهذا المسألة في اللحظة التي يتوقف فيها إطلاق النار، الاحتمال سيرتفعُ كثيراً بمنسوب كبير لسقوط الحكومة".بدوره يرى ميلير أن "الأوضاعَ غيرُ مستقرة، بصورة يصعب معها التكهن بشأن ما سيحدث غداً، فعلى الرغم من الخسائر فإن الجيشَ الإسرائيليَّ مسرورٌ من إنجازات القتال الذي يستمر ببطء وحذر، فلا مؤشرات بأن (حماس) قريبة من الانهيار، وهذا يعني بأن هدفَ تفكيك قدرات (حماس) التنظيمية والعسكرية في غزة، يمكن تحقيقُه على المدى الطويل".وختم قائلاً " حكومة نتانياهو تواجهُ مشاكل جوهرية تهدد مستقبلها، فهناك ضغوط مستمرة من الحلفاء بحكومة الحرب، ومن الشارع قد تدفع رئيس الوزراء للدعوة لانتخابات مبكرة، إلا أن ذلك مرتبط بحدة الحرب والمعارك في غزة، وفي الشمال على الحدود مع لبنان، كلها عوامل ستكون مصيرية، بشأن رحيل حكومة الحرب الطارئة، ومعها مصير مستقبل الحكومة اليمينية، أو استمرارها".وأضاف مجلي: "تصاعد حدة المعارك، تخلق نقاشا جديا وعميقا، عندما يكون هناك سببٌ وجيه، وطبعاً سقوط كميات كبيرة من الإسرائيليين في الحرب، هو أحد الدوافع التي ستعمق النقاش لكن لا تسقط حكومة، عادة من يسقط حكومة في مثل هذه الأوضاع يصبح متهماً بأنه غير وطني، هذه حكومةٌ من المفترض أن تقودَ حربًا، ومن يخرج منها أو يحاول زعزعتها، في الوقت الذي يسقطُ فيه عدد كبير من القتلى فهذا أمر يصبح مضراً". (المشهد)