بعد طول انتظار، أسدل الستار اليوم عن التشكيل الوزاري الجديد في مصر لتنتهي حالة جدل في الأوساط المصرية، عقب شهر كامل من تكليف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المستقيلة بإجراء تغييرات موسعة في الحقائب الوزارية.التغيير الحكوميّ الجديد طال عدداً كبيراً من الوزارات المختلفة وخصوصًا الخدمية والسيادية والمجموعة الاقتصادية، بالإضافة إلى دمج وزارات واستحداث أخرى في إطار توجيه القيادة السياسية بتطوير السياسات الحكومية لمواكبة التحديات التي ما تزال تواجه البلاد، فضلاً عن تعيين نائبين لرئيس الوزراء.التشكيل الحكومي الجديد23 وزيراً جديداً أدوا ظهر اليوم اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية الواقع شرقي القاهرة، أبرزهم الدفاع والخارجية والعدل والكهرباء والتعليم والزراعة والطيران.وعقب حلف اليمين، استطلعت منصة "المشهد" آراء عدد من البرلمانيين والسياسيين حول هذا التشكيل الجديد، والذي يعدّ وبحسب وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري إيهاب منصور أوسع تعديل وزاريّ في تاريخ الحكومة المصرية بعدما شهد تغيير 23 حقيبة وزارية.وأوضح منصور أن التعديل جاء متوافقاً مع تطلعات الكثير من البرلمانيين الذين كانوا يطالبون دائماً بحتمية الدفع بشخصيات جديدة قادرة على تحمل المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الحكومة في وقت بالغ الصعوبة تشهده الدولة، وأوضح أيضاً أن هذه أول حكومة تأتي استجابة لنداءات المواطنين بعد فترات عانوا فيها من مشكلات أثقلت كاهلهم.وأشار منصور إلى أن أعضاء الحكومة القديمة لم يقصروا في أداء مهامهم الذين كلفوا بها، لكن مع كل فترة زمنية هناك مسؤوليات ومتطلبات جديدة تطفو على السطح تتطلب وجود أشخاص جدد يكونوا قادرين على تنفيذ تلك المتطلبات ولديهم رؤي شاملة لكافة العراقيل التي تطرأ ما بين الحين والآخر.اليمين الدستوريةوتزامن التشكيل الحكومي الجديد مع مرور 11 عاماً من القضاء على حكم جماعة الإخوان المحظورة داخل مصر، عقب بيان "3 يوليو " الذي ألقاه الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الدفاع، حيث أعلن في هذا البيان عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي وتعطيل العمل بالدستور، مع تكليف رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد. في السياق، ينظر المحلل السياسي الدكتور محمود حسين إلى هذا الأمر بأنه لم يأت صدفة، وهناك عوامل تم اختيارها عن عمد لهذا التوقيت الذي يحمل دلالات عديدة، من أهمها أن الفترة الرئاسية الجديدة للسيسي لابد وأن تبدأ بضخ دماء جديدة في الحكومة، كما يشير إلى تغييرات واسعة على مستويي السياسات والأشخاص.وزارات جديدةوشهد التغيير الحكومي عودة وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي ويتولاها المستشار محمود فوزي، رئيس حملة السيسي الانتخابية، وإحياء حقيبة الاستثمار بعد إلغائها لسنوات وتعيين حسن الخطيب وزيرا لها.كما شهد التشكيل الحكومي دمج وزارتي النقل والصناعة في وزارة واحدة برئاسة وزير النقل الحالي كامل الوزير، مع تعيينه نائباً لرئيس الحكومة فضلاً عن دمج وزارتي التخطيط والتعاون الدولي وتتولاها وزيرة التعاون الحالية الدكتورة رانيا المشاط. وفي هذا الشأن يصف وكيل لجنة القوآ العاملة بمجلس النواب المصري إيهاب منصور دمج بعض الوزارات مع بعضها البعض بالجيد، من أجل التغلب على مشكلات وتحديات زيادة عدد الوزارات، حيث يساعد ذلك في عملية خفض تداخل اختصاصات الوزارات مع بعضها البعض، وعدم وضوح الأهداف، وتضارب الصلاحيات والمسئوليات بين الوزارات، فضلاً عن تعظيم كفاءة استخدام الموارد المالية، وتقليل الإهدار والإنفاق على أكثر من كيان حكومي.دمج المجموعة الاقتصاديةوبيّن منصور أهمية هذا الدمج في الحقائب الوزارية الاقتصادية من أجل تحقيق التكامل الحكومي بين ملفات تلك الوزارات، مما يسهم في وضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة حتى عام 2030، بالإضافة إلى ضمان حسن استغلال أصول الدولة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية، وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين، لجذب التمويل الدولي للمشروعات التي تساهم في تحقيق خطط وأهداف التنمية الاقتصادية.التشكيل الوزاري الجديد ضم وبحسب وكيل لجنة حقوق الإنسان مجلس النواب المصري الدكتور أيمن أبو العلا، العديد من الشخصيات التي تمتلك كفاءات وخبرات دولية كبيرة، لكن في الوقت ذاته يجب وأن يكون هناك ترتيباً للأولويات وأن يكون لدى الوزراء قدرة على التعامل مع المواطنين بشكل يلبي احتياجاتهم وطموحاتهم. وطالب أبو العلا بضرورة أن يكون التغيير في الفكر والسياسات وليس في الأسماء فقط، لأنّ السياسات الخاطئة لبعض الوزراء السابقين ساهمت في وجود أزمات عديدة ما يزال يعاني منه عموم المصريين، مطالبًا الوزراء الجدد بوضع برامج واضحة ومحددة لكل وزارة لكي يتمكن النواب من محاسبة كل وزير.أخطاء الحكومة السابقةوحذّر أبو العلا الوزراء الجدد من الوقوع في أخطاء زملائهم السابقين، وشدّد على أهمية معالجة تلك الأخطاء من خلال الحرص على امتلاك الرؤية الشاملة والمستقبلية لكافة المشكلات الموجودة من خلال وضع برامج محددة برؤية واقعية لمختلف التحديات.نصائح عديدة وجّهها البرلماني إيهاب منصور للوزراء الجدد حتى يكونوا قادرين على تحقيق الآمال والطموحات العريضة التي يضعها المواطنون على عاتق الحكومة الجديدة، ولعل من أهم هذه النصائح هو التأني وعدم الاستعجال في الإقدام على اتخاذ القرارات التي تضر بمصالح الدولة، وتعمل على تفاقم أكثر للمشكلات الموجودة حالياً، إضافة إلى أخذ الوقت الكافي لوضع حلول ناجعة وجذرية تلبي المطالب المشروعة لعموم المصريين.دور مجلس النوابووفق المادة "146" من الدستور، فمن المنتظر أن تعرض الحكومة الجديدة برنامجها على مجلس النواب، للحصول على ثقة أغلبية أعضاء المجلس في غضون "30 يوماً" على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة.وفي هذا الإطار، أوضح عضو مجلس النواب أحمد الشيشيني أنه من المقرر أن يعقد مجلس النواب المصري جلسة عامة خلال الأسبوع القادم لاستعراض برنامج الحكومة والذي من المقرر أن يعرضه رئيس الوزراء مصطفي مدبولي على المجلس للحصول على ثقة النواب على برنامج الحكومة أو رفضها له".وكشف الشيشيني أنه بعد إلقاء البيان ستُشكل لجنة من أعضاء المجلس برئاسة أحد الوكيلين لمناقشة البرنامج، ثم بعد ذلك يتم عرضه على المجلس لمناقشته، وبعد ذلك يرفع المجلس جلساته ليعود في شهر أكتوبر المقبل.وتنتظر الحكومة المصرية الجديدة التي أدت اليمين الدستورية ظهر اليوم تحديات عديدة في مقدمتها المشاكل الاقتصادية نتيجة للظروف الإقليمية المحيطة بمصر، والانقطاع المتواصل للكهرباء والذي تسبب في غضب عارم لدى المصريين.(المشهد)