كشفت تقارير إسرائيلية عن وجود مفاوضات بين تل أبيب وواشنطن تتعلق بنشر أنظمة دفاع أميركية جديدة في إسرائيل في إطار تدعيم المنظومة الإسرائيلية، خصوصًا بعد الهجوم الأخير الذي شنّته إيران عليها بعشرات الصواريخ الباليستية. وتأتي هذه الخطوة، فيما يرى مراقبون أنّ أنظمة الدفاع الجويّ الإسرائيلي فشلت في صدّ الهجوم الإيراني وتفشل حاليًا في صدّ الهجمات الصاروخية التي يُطلقها "حزب الله" من الأراضي اللبنانية، الأمر الذي يضع تل أبيب في مأزق كبير. وأشارت التقارير إلى أنّ أنظمة الدفاع الجديدة من نوع "ثاد" هي مخصصة لصدّ الهجمات الصاروخية بعيدة المدى، وسيتطلب ذلك وجود قوات أميركية في إسرائيل في خطوة تعكس تغيّر إستراتيجية الولايات المتحدة في دعمها لإسرائيل. الوجود العسكري الأميركي المباشر في إسرائيل، جرى طرحه في أبريل الماضي، حينما تحدثت تقارير صحفية عن أنّ الولايات المتحدة شرعت في بناء قاعدة عسكرية ضخمة جنوب إسرائيل وسط تكهنات بتدخل أميركيّ مباشر في مجريات الحرب في غزّة أو حتى قد تتطور الأمور بشكل أوسع وتتطلب تدخلًا عسكريًا أميركيًا في الحرب بشكل مباشر. وأشارت التقارير إلى أنّ القاعدة الأميركية الجديدة تقعُ بمحاذاة قاعدة "حتسريم" الجوية الإسرائيلية في صحراء النقب، حيث سيتم توّسيع المطار العسكريّ لهذه القاعدة لتستوعب الطائرات الأميركية وتكون قادرة على أداء مهم لوجيستيًا لاستقبال آلاف المقاتلين الأميركيين. القاعدة تستوعب نحو 23 ألف جندي. وبحسب المعلومات تم نقل الأسلحة والذخيرة لهذه القاعدة، حيث سيتم تزويد القوات الإسرائيلية بأسلحة متنوعة لم تُستخدم سابقًا في الحروب التي خاضتها تل أبيب.تغيّر ديناميكيات الصراعوفي التفاصيل، رأى الخبير الإستراتيجي المصريّ، اللواء محمد عبد الواحد، أنّ قرار الولايات المتحدة بنشر أنظمة دفاع جويّ في إسرائيل يحمل رسائل متعددة أهمها ردع إيران وأن أميركا تقف بجانب إسرائيل في حربها. وقال في حديث لمنصة "المشهد" إنّ الولايات المتحدة منذ بداية الحرب على قطاع غزّة أعلنت صراحة دعم إسرائيل في حربها ولكن ليس بهذا الشكل، لافتًا إلى أن هناك أشكال عدة لتدخل الدول في العالم : تدخل عسكري مباشر.تدخل شبه عسكري.تدخل غير عسكري من خلال عمليات استخباراتية.وأوضح أن الخطوة الأميركية الجديدة تكشف تغيرًا في ديناميكيات الصراع في المنطقة وترسّخ لفكرة وسط ما بين التدخل العسكري وغير العسكري، بمعنى أنها كانت تدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، من دون الإعلان رسميًا عن مشاركة قوات أميركية في المعارك. وأشار الخبير الإستراتيجي المصري إلى أن إسرائيل لديها أنظمة دفاع جويّ بدأت في تطويرها منذ تسعينيات القرن الماضي، حينما هاجم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين إسرائيل بالصواريخ. وقال إنّ إسرائيل دولة ليس لديها عمق إستراتيجي وبالتالي لجأت لفكرة إنشاء منظومة دفاع جوي حديثة ومتطورة بمشاركة الولايات المتحدة للتغلب على هذه المشكلة، وأضاف عبد الواحد أن إسرائيل تمتلك عدة أنظمة للدفاع الجوي: القبة الحديدية والتي تستهدف التصدي إلى الصواريخ قصيرة المدى.أيضًا طوّرت قبة حديدية بحرية خلال الفترة الماضية تستطيع وضع المنظومة على السفن.إسرائيل لديها أنظمة اعتراض للصواريخ الباليستية "آرو" طورت منها أكثر من جيل إذ أعلنت مسبقاً عن تطوير الجيل الرابع لهذه المنظومة.منظومة مقلاع داود وهي متوسطة المدى تستهدف الصواريخ المتوسطة والطائرات المسيّرة.ولكن في الوقت نفسه، رأى الخبير الإستراتيجي المصريّ، أن هذه المنظومة لم تستطع أن تصد كل الهجوم الإيراني عليها ووصلت الصواريخ لأماكن حساسة في إسرائيل، مبينًا أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية كشفت أنها أضعف من مواجهة الصواريخ فضلًا عن الإخفاقات التي لم تعلنها إسرائيل في الهجوم الإيراني السابق. وأوضح عبد الواحد أنّ كل هذه التطورات جعلت من الضروريّ لإسرائيل أن تقوم بتطوير أنظمة الدفاع الجوي خصوصًا في ظل التوترات الراهنة وما قد يؤديه الهجوم الإسرائيلي على إيران من ردود من جانب طهران.ما قدرات منظومة "ثاد"؟وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد أمر قبل عام بنشر بطارية ثاد و كتائب باتريوت إضافية في مواقع حول الشرق الأوسط لتعزيز حماية القوات الأميركية والمساعدة في الدفاع عن إسرائيل.ووفقا لتقرير صدر في أبريل عن خدمة أبحاث الكونغرس، لدى الجيش 7بطاريات ثاد. و بصفة عامة، تتكون كل منها من 6 قاذفات محمولة على شاحنات، و48 صاروخا اعتراضيا، ومعدات راديو ورادار، ويتطلب تشغيلها 95 جنديا.ويعتبر نظام ثاد مكملا لنظام باتريوت ولكنه قادر على الدفاع عن منطقة أوسع نطاقا، ويمكنه إصابة أهداف على على مدى من 150 إلى 200 كيلومتر (93 إلى 124 ميلا).من جانبه، قال الخبير العسكري الأردني، العقيد إسماعيل أيوب، إنّ منظومة "ثاد" - التي كشفت تقارير صحفية عن أن إسرائيل بالتعاون مع أميركا تستعدان لتركيبها - هي منظومة متطورة وتهدف إلى إسقاط الصواريخ بعيدة المدى خارج الأراضي الإسرائيلية. ولفت في حديث لـ "المشهد" إلى أنّ الولايات المتحدة لم تبع هذه المنظومة لأيّ دولة في العالم ولكنها ستعطيها لإسرائيل وسيقوم بتشغيلها جنود أميركيين، بهدف تدعيم المنظومة الموجودة في إسرائيل. وأضاف أنّ نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي حالياً هو الأقوى على مستوى العالم، رغم وصول الصواريخ الإيرانية إلى أهدافها في تل أبيب، مشيرًا إلى أنه لا توجد منظومة دفاع جوي في العالم تستطيع أن تصد جميع الصواريخ.وأوضح أيوب أنّ القبة الحديدية استطاعت أن تصد نحو 60% من الصواريخ الإيرانية وهي نسبة مرتفعة بالمقاييس العسكرية، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الأميركي المعلن بأنها ستدافع عن إسرائيل في كل الأحوال. وقال إنّ الأسلحة الإسرائيلية كلها أسلحة أميركية الصنع أو تكنولوجيا أميركية، لافتًا إلى أن هذه الخطوة ليست وليدة الهجوم الإيراني على إسرائيل ولكن تم الإعداد لها في السابق ولكن هذا الوقت هو الوقت المناسب لنشر هذه الأنظمة.(المشهد)