تنطوي الدموع على أهمية بالغة للحفاظ على سلامة العيون. ويذرف البشر والثدييات والزواحف والطيور الدموع من غدد دمعية داخل العين، وتختلف مكوناتها الحيوية والكيميائية وتركيزاتها باختلاف كل فصيلة، و بحسب تطور هذه المخلوقات والبيئات المتنوعة التي تعيش فيها.وعادةً ما تنقسم الدموع إلى 3 أنواع، الدموع الأساسية التي تفرزها العيون بشكل تقليدي، لحماية القرنية بغلاف واق، ثم الدموع الانعكاسية التي تفرز في حالة التعرض لمؤثرات خارجية مثل الأتربة والغبار وتساعد في تطهير العين وتنظيفها، وأخيرا الدموع الانفعالية التي يفرزها الانسان في حالات الحزن أو الخوف أو الألم. ويتفق العلماء في الوقت الحالي على أن ذرف الدموع الانفعالية يقتصر على الانسان على وجه التحديد، وإن كانت قد ظهرت بعض المؤشرات على حالات ذرف دموع لدى الحيوانات في حالات انفعالية بعينها. أما عن الفائدة الحقيقية للدموع في هذه الحالة، فهناك العديد من الفرضيات العلمية التي تبررها، حيث يرى العلماء أن البكاء بالدموع يساعد على مجابهة التحديات عن طريق التعبير عن الألم الانفعالي والتوتر والضعف، كما أن الدموع تؤثر على المحيطين بالشخص، وتعزز الروابط الاجتماعية وتشجع السلوك التعاوني، وتقلل من النزعات العدوانية وتستحث المشاعر اللازمة لتوفير العناية وتقديم العون وتوفير الحماية. هل تبكي الكلاب؟وأشارت الباحثة المتخصصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة أدويسي للعلوم التطبيقية في بلجيكا هيلده فيرفاكي، إلى تقارير عن وجود حيوانات تبكي حزناً بالدموع مثل أفيال وغوريلات وذئاب في حالات معينة مثل الإرهاق البالغ أو التخلف عن القطيع، وخلال دراسة نشرت عام 2022، رصد باحثون أن عيون الكلاب والجراء الصغيرة تغرورق أحياناً بالدموع في حالات انفعالية معينة، ووجدوا أن الكلاب تذرف الدموع أيضاً عندما تكون في حالة نفسية إيجابية مثل الالتقاء مع أصحابها بعد فترة غياب طويلة على سبيل المثال، ويقول العلماء إن هرمون الأوكسيتوسين الذي يعزز الروابط بين الكلب وصاحبه، هو الذي يحرك مثل هذه النوعية من ردود الفعل.وقام العلماء بتوثيق حالات لخنازير تبكي بالدموع عندما تتواجد في ظروف معيشية سيئة، حيث تم رصد نزول إفرازات من عيونها، فضلاً عن أحمرار أسفل عيونها. وتبين للعلماء أن هذه الإفرازات ليست دموعاً بقدر ما هي سوائل تفرزها غدد هاردر، وهي غدد دمعية إضافية توجد أسفل العين لدى كثير من الفصائل، وتوصل العلماء إلى أن الخنازير تفرز هذه الدموع أيضاً في حالات الشعور بالتوتر. وتقول هيلدة فيرفاكي إن إفراز الدموع لدى بعض الحيوانات يقترن مع انخفاض نبضات القلب، وهو من المؤشرات الفسيولوجية التي تدل على التوتر، أو في حالات الألم البالغ مثل بتر الذيول، أو الخوف عند اقتراب الانسان منها على سبيل المثال. وشوهدت هذه الظاهرة أيضاً لدى الفئران، وهي تعرف في بعض الأحيان باسم الدموع المخضبة بالدماء لأنها تأخذ شكل إفرازات داكنة مشربة بالحمرة في أركان العيون، وتحدث استجابة لضغوط بيئية أو بسبب تقدم العمر أو تراجع الحالة المعيشية بشكل عام.كيف يتأثر البشر ببكاء الحيوانات؟أما عن رد فعل البشر حيال بكاء الحيوانات الأليفة مثل الكلاب، فقد أثبتت بعض التجارب أن الانسان يتفاعل بإيجابية عند رؤية صور كلاب أليفة وعيونها مغرورقة بالدموع مقارنة بالكلاب ذات العيون الجافة، ومن المعروف أن الكلاب من الحيوانات التي يمكنها التواصل مع أقرانها بلغة العيون، ومن المحتمل أن الكلاب تفرز الدموع كشكل من أشكال التواصل لتحفيز مشاعر الحب والحماية من البشر، وتعزيز الروابط معها.وخلال تجربة علمية، كان يطلب من متطوعين التطلع إلى صور لـ5 فصائل من الحيوانات، وهي قطط وكلاب وخيول وقرود شامبنزي وفئران هامستر، وكان المتطوعون يعتبرون مشهد الدموع في عيون الحيوان باعتبارها دليل على الحزن على غرار البشر، كما أن مشهد الحيوانات التي تبكي بالدموع يجعلها تبدو أقل عدوانية وأطيب في أنظار المشاركين في التجربة. وذكر المشاركون أيضاً أن هذه الحيوانات كانت تبدو مفعمة بالمشاعر القوية. (د ب أ)