في خطوة اعتبرها محللون تتويجا للحقبة الجديدة في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، تأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمصر، بعد عقد من القطيعة بين البلدين.زيارة إردوغان لمصر هي الأولى، إذ سبقتها زيارة في العام 2012 خلال حكم "الإخوان المسلمين" إلى مصر حين كان رئيسًا لوزراء تركيا.وتوّترت علاقات القاهرة وأنقرة منذ عام 2013 بشكل كبير، عقب الإطاحة بالرئيس المصريّ محمد مرسي، إلى أن دخلت الدولتان في ماراثون المفاوضات في العام 2021 تخللها لقاء للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره التركي على هامش افتتاح كأس العالم في قطر.ويرى محللون سياسيون في حديث لمنصة "المشهد" أنّ زيارة إردوغان لمصر تكتسب أهمية كبيرة ليس فقط في العلاقات المصرية - التركية، ولكن على مستوى الجغرافيا السياسية الإقليمية، لما تتمتع به الدولتان من ثقل في المنطقة.وقالوا إنّ أي تقارب مصري تركي، سيكون له انعكاس على الجغرافيا السياسية في المنطقة، خصوصا في ملفات حيوية مثل الأوضاع في ليبيا وغاز شرق المتوسط.وخلال العام 2023، أعلنت وزارتا الخارجية في البلدين، رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وتعيين سفراء بعد 10 سنوات من القطيعة.زيارة إردوغان لمصر تدشين لدبلوماسية القادةوقال الباحث في الشأن التركي محمود علوش إنّ زيارة إردوغان لمصر، بمثابة تتويج للحقبة الجديدة في العلاقات المصرية التركية، إذ ستشهد فعليًا تدشين دبلوماسية القادة بين الرئيسين إردوغان والسيسي.وأشار علوش في حديث لـ"المشهد" إلى أنّ هذه الدبلوماسية سيكون لها دور كبير في تحريك ديناميكية العلاقات في الوضع الجديد بالعلاقات في المستقبل، لافتًا إلى أن أهمية الزيارة لا تقتصر فقط على مستوى الدولتين، ولكن أيضًا على مستوى الجغرافيا السياسية الإقليمية.وأوضح الباحث في الشأن التركي، أنّ مصر وتركيا قوتان كبيرتان في المنطقة ولهما تأثيرهما في كثير من القضايا الإقليمية المُهمة سواء في منطقة شرق المتوسط أم بالصراع في ليبيا، وبالتالي فأي تقارب في العلاقات بين البلدين سيكون له انعكاس على الجغرافيا السياسية في المنطقة.تعويض أعوام الفرص الضائعةولفت إلى أنّ استباق أنقرة الزيارة بإعلانها عن تزويد مصر بطائرات مُسيّرة تشير إلى أن الأوضاع بين تركيا ومصر تتجاوز هدف إصلاحها وتصفير المشكلات إلى حد تأسيس شراكة على مستويات عدة، مضيفًا أنّ المجالات العسكرية من مجالات التعاون المهمة التي لها دور في رسم شكل العلاقات في المستقبل، خصوصا أنّ الدولتين لديهما قدرات عسكرية كبيرة.ولكن في الوقت ذاته، يرى الباحث في الشأن التركي أنّ هذه الفترة بين البلدين هي مرحلة تأسيسية في العلاقات وستحتاج إلى مرحلة إعادة بناء الثقة على مستوى القيادة السياسية، موضحًا أنّ المؤشرات مشجعة لتأسيس شراكة قوية ومحاولة تعويض الفرص الضائعة التي تسببت بها أزمة العقد الماضي.وقال علوش إنّ أي تعاون على المستوى الإقليمي بالتأكيد يساعد في دفع مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنهاء الحرب، ولكن الديناميكيات الرئيسية التي تتحكم بالحرب الإسرائيلية على غزة حاليًا تتجاوز التأثير المصري التركي. عودة إلى الوضع الطبيعيفي المقلب الثاني، يرى عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية في جامعة الإسكندرية الدكتور أحمد وهبان أنّ عودة العلاقات التركية المصرية هي عودة للوضع الطبيعي، بعد القطيعة التي دامت عقد من الزمن.وقال وهبان في حديث لـ"المشهد" إنّ مصر وتركيا دولتان محوريتان في المنطقة ولهما ثقل عسكري وسياسي وتجاري كبير وبالتالي ومن هنا تكمن أهمية زيارة الرئيس التركي للقاهرة.ولفت إلى وجود الكثير من الروابط والعوامل المشتركة بين البلدين ما يجعل تقاربهما مهمًا وتتمثل تلك الروابط في:حجم استثمارات وتبادل تجاري كبير بين البلدين.تعاون عسكري من خلال تزويد مصر بطائرات مُسيّرة تركية.تفاهمات خاصة بغاز شرق المتوسط وكذلك الصراع في ليبيا.وتحدّث وهبان عن أهمية التقارب التركي المصري على ملف الحرب في غزة بقوله :" بالتأكيد هذا التقارب سيدعم الموقف المصريّ فيما يخص موقفها من حرب إسرائيل على غزة ورفضها لتصفية القضية الفلسطينية وهو موقف متطابق مع تركيا الأمر الذي سيكون عامل ضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة".وأشار إلى أنّ الضغط الذي سوف تُشكله الدولتان ربما يكون سياسيًا من خلال محور يمتلك نفس الرؤية برفض للعدوان الإسرائيلي على غزة والمُطالب بضرورة إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولتين على حدود 1967.(مصر - المشهد)