رغم المخاوف من توسع رقعة الصراع في المنطقة، يتفق المسؤولون والمحللون في إسرائيل بأن عملية عسكرية واسعة ضد "حزب لله" في جنوب لبنان أصبحت "ضرورية ولا مفر منها"، بعد تصاعد الهجمات على المدن والبلدات الإسرائيلية في الشمال.وخلال الأيام الماضية، تصاعدت هجمات "حزب الله"، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أن إن 40 مقذوفًا انطلقت من لبنان صوب إسرائيل وجرى اعتراض بعضها وسقط البعض الآخر في مناطق مفتوحة. وأضاف الجيش "لم ترد تقارير عن وقوع إصابات".وفي رده على دعوات غاضبة من سكان شمال إسرائيل بسبب تدهور الوضع الأمني هناك مع قيام "حزب الله" بهجمات يومية، أكد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، أن الوضع الحالي في شمال إسرائيل "لن يستمر"، وأنه عازم على بذل كل ما في وسعه لإعادة النازحين من المناطق الشمالية إلى ديارهم."حرب وجودية"من جانبه، يرى رئيس مركز موشيه ديان للدراسات الإستراتيجية في القدس عوزي رابي، أن "إسرائيل تخوض حربًا وجودية في الشمال على الحدود اللبنانية، وأن ما يحدث في هذه المنطقة ليس له مثيل قط في تاريخ إسرائيل والصهيونية".وذكر رابي في تصريحات لمنصة "المشهد" أن إسرائيل ستعمل على الانتهاء من الحرب في غزة وتدمير "حماس" والإعداد لليوم التالي للحرب خلال الشهر المقبل، ثم بعد ذلك ستركز جهودها على الحدود مع "حزب الله".لكن أكد أن هذا الهجوم لن يكون قبل الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها في 5 نوفمبر المقبل.وأكد أن "الجميع في إسرائيل يروون ضرورة شن ضربة موجعة لـ"حزب الله" حتى يكون درسًا لإيران وميليشياتها في المنطقة سواء في العراق أو اليمن، مشيرا إلى أنه رغم الجهود الأميركية للتوصل لاتفاق فإن الإسرائيليين لن يقبلوا بذلك وسيصرون على شن عملية عسكرية ضد "حزب الله" في لبنان قبل التوصل لاتفاق.من جانبه، قال الخبير العسكري اللبناني رياض قهوجي، إنّ إسرائيل أصبحت لديها قناعة بأن هناك إمكانية لقيام "حزب الله" بتنفيذ عملية مماثلة لهجوم 7 أكتوبر الذي نفذته حركة "حماس" من غزة، لافتًا إلى أنهم يعتقدون أنها قد تكون أكبر من عملية "حماس" نظرا للقدرات العسكرية الكبيرة التي تتمتع بها الجماعة اللبنانية.وأضاف القهوجي في حديث لـ "المشهد" أنّ إسرائيل تعتقد أن بقاء "حزب الله" بالقرب من حدودها في الشمال كما كان قبل 7 أكتوبر أصبح أمرًا غير مقبول، وبالتالي هناك رغبة إسرائيلية في خلق واقع مختلف على حدودها. وأشار إلى أنّ دخول "حزب الله" في الحرب كداعم أو ما يسمى بقوة إسناد بعد 7 أكتوبر أعطى لتل أبيب مبررًا إضافيًا لاستمرار العمليات العسكرية على لبنان.وحول احتمالية اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل و"حزب الله"، أوضح قهوجي أن هذا الأمر يتوقف على الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب وطبيعتها أيضًا."حان وقت الشمال"وقالت القناة 13 الإسرائيلية، مساء السبت، إن نتانياهو قد قرّر توسيع العملية العسكرية على الجبهة الشمالية مع "حزب الله". وكشفت مصادر مقربة من نتانياهو أنه لم يتم تحديد أيّ موعد لعملية عسكرية، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يحدث خلال أسابيع أو حتى أشهر.وقال عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي السابق لشؤون الحرب بيني غانتس إنه "حان وقت الشمال". وتابع غانتس أن "حكومة نتانياهو المشلولة والمنفصلة تواصل إهمال سكان الشمال. لقد حان الوقت لممارسة القوة والقوة ضد "حزب الله" وإعادة السكان سالمين إلى منازلهم".ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع أكتوبر، يتبادل "حزب الله" وإسرائيل القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.ومن ذلك الحين يستهدف "حزب الله" بشكل رئيسي مواقع عسكرية إسرائيلية، في هجمات يشنّها من جنوب لبنان "دعمًا" لغزة. وترد إسرائيل باستهداف ما تصفها بأنها "بنى عسكرية" تابعة للحزب، إضافة إلى مقاتليه.وأدت هذه المواجهات إلى نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين والإسرائيليين، وأثارت المخاوف من اتساع رقعة الحرب المستمرّة منذ أكثر من 11 شهرا في قطاع غزة.ومنذ بدء التصعيد، قتل 623 شخصًا على الأقل في لبنان، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس"، بينما قُتل 50 شخصًا على الجانب الإسرائيلي، وفق الجيش.ضربة مختلفةويقول رابي إن الضربة هذه المرة ستكون مختلفة جدا وخارج الصندوق وقد تستهدف منشآت الطاقة والمياه في لبنان. وعن رد "حزب الله" الذي قد يكون قويًا أكد رابي أن إسرائيل ليس لديها خيار وعليها توجيه هذه الضربة العسكرية.ويتفق المنسق السابق للشؤون الأمنية بين إسرائيل والفلسطينيين موشيه إليعاد، مع هذا الرأي، وقال "سيتلقى لبنان ضربة قوية من إسرائيل من أجل تغيير المعادلة في شمال إسرائيل، وحتى يفهم "حزب الله" أن إسرائيل لن تتسامح بعد الآن مع هجماته".وأشار إليعاد في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن إسرائيل "استعادت قوة الردع على كافة الجبهات باستثناء لبنان حيث ستعمل قريباً".وقال القهوجي "لا نعرف حتى الآن هدف إسرائيل من هذه الحرب ولا طبيعتها هل تكون مجرد قصف للمدن والقرى اللبنانية لإلحاق أضرار كبيرة بها أم ستكون هناك عملية برية أيضا"، ولكن يرى أن إسرائيل تريد أن تتوسع في العمق اللبناني من أجل إبعاد خطورة "حزب الله" عن حدودها.وتحدث قهوجي عن السيناريوهات الإسرائيلية المتوقعة والتي قد تشمل:عمليات برية تبدأ من الأراضي السورية ثم تلتف إلى لبنان من منطقة البقاع .قد يكون هناك عملية برية عبر الأراضي اللبنانيةأو قد تكتفي بضربات جوية وصاروخية لإحداث تدمير كبير في المدن اللبنانية.وفيما يخص رد "حزب الله"، أشار قهوجي إلى أنّ الحركة اللبنانية لديها قدرات كبيرة للرد على إسرائيل، لافتا إلى امتلاك الجماعة لصواريخ باليستية بعيدة المدى لم يتم استخدامها حتى الآن وقادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي وإحداث أضرار مادية وبشرية.وأشار إلى صعوبة توقع نهاية هذه الحرب، قائلا:" إذا نظرنا إلى ميزان القوى بين الجانبين فالطبع الميزان في صالح إسرائيل ولكن من الصعب أن نتوقع نهاية الحرب"(المشهد)