مع تصاعد التّوترات على الحدود الجنوبية للبنان، وتبادل القصف بين إسرائيل و"حزب الله"، خسر الأخير عددا من أفراده، وهو ما أثار تساؤلات مراقبين عن سبب هذه الخسارة الكبيرة في مقاتلي التنظيم رغم محدودية القتال، وهل سيوسّع الحرب على إسرائيل مع تصاعد الضغط على غزة؟وبحسب بيانات "حزب الله" يوم الخميس، فقد وصل عدد قتلى الجماعة إلى 46 منذ تبادُل الاشتباك والقصف مع إسرائيل.وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري الجنرال خليل الحلو أن الاحتراف لا يعني عدم الخسارة. وأشار إلى أن الجيوش الأكثر احترافًا لديها خسائر بالآلاف، وعندما تكون جبهة الجنوب مشتعلة على طول 70 كلم وبوجود التقنيات الموجودة لدى الطرف الإسرائيلي لا عجب أن يكون الحزب قد خسر هذا العدد من المقاتلين.وقال الحلو في حديثه مع "منصة المشهد" إن الحزب بدوره أنزل بعض الخسائر بالجيش الإسرائيلي، و"لكننا لا ندري العدد إلا أن الجيش الإسرائيلي اعترف بـ7 أو 8 عناصر ولكن لا يمكن الجزم بهذا العدد".ويرى الحلو أن التقنيات الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي تدل على أن المهارة في القتال لا تكفي إنما التقنيات مهمّة جدًا للإسرائيليين فلديهم أجهزة رصد والردود باتت استباقية والرصد لديهم ليس فقط بالكاميرات التي أعماها "حزب الله" وإنما أيضًا بالمسيّرات الاستطلاعية والمسلحّة والتي ترصد وتسمع.وأضاف: "الحزب مموه ومخبأ ولكن عند إطلاقه أي نوع من الصواريخ المضادة أو أرض-أرض تظهر هذه الصواريخ بالرصد الإسرائيلي والإسرائيليون يردون بصواريخ من المسيّرات أو قذائف مدفعية كلاسيكية، وبالتالي كثافة النيران والاشتباكات لا تؤدي للعجب من عدد ضحايا "حزب الله".ويعتبر حلو أنّ الصورة التي رسمها "حزب الله" بالأذهان أنه لا يقهر ولا يهزم هذه المهارات القتالية موجودة طبعًا، ولكن هذا كلّه لا يكفي لمواجهة التقنيات الإسرائيلية."توسيع رقعة الحرب"ويؤكد الحلو أن توسيع رقعة الصراع والحرب في لبنان بين إسرائيل و"حزب الله" إذا ما حصلت فلن تكون حربًا على شاكلة الاشتباكات التي نراها اليوم، وستكون شاملة أكثر من العام 2006، هذا يعني دخول إيران المعركة وليس فقط في لبنان بوساطة الحزب إنما في العراق وسوريا. وقال: "نحن رأينا استهداف أكثر من 13 مرة لمراكز أميركية وردود على مصادر النيران، وكيف أعلن البنتاغون استهدافًا مباشرًا لمراكز إيرانية في دير الزور وفي منطقة شرق الفرات".ويتابع الحلو: "عندما تعلن وزارة الدفاع الأميركية ذلك وتقول إن إيران لا يمكن أن تختبئ خلف وكلائها وهي مسؤولية عن استهداف المراكز الأميركية فهذه رسالة شديدة اللهجة لإيران وإرادة أميركية بعدم ورود أي فكرة برأس الإيرانيين بتوسيع الصراع ليس فقط تجاه العراق وسوريا إنما تجاه الخليج لأنه يجب ألا ننسى أنّ الولايات المتحدة لديها 50 ألف جندي في الخليج، وتمركزهم لا يبعد عن إيران بين 150 كلم -250 كلم ضمن مدى رمايات الصواريخ الإيرانية وطبعًا إيران ضمن مرمى الرمايات الأميركية".ويشير الحلو إلى أن أميركا لا تريد فتح جبهة في الشرق الأوسط وتبقى أولويتها أوكرانيا والدليل الأموال التي طلبها بايدن من الكونغرس 106 مليارات دولار، من بينهم 62 مليارا دولار لأوكرانيا و14 مليارا لإسرائيل، هذا يدل أين الأولوية.ولفت إلى أن واشنطن تريد تفادي توسيع الصراع، وإيران مترددة، و"حزب الله" بدوره لا يريد توسيع الصراع لأنه يعرف أنّ الثمن الذي سيدفع سيكون باهظًا جدًا عليه وسيخسر كثيرًا في لبنان.من جانبه، يقول الكاتب اللبناني إبراهيم بيرم إن ما حصل الجمعة في غزة من تصعيد للقتال سينعكس على مسار الوضع في الجنوب اللبناني.وذكر بيرم في حديثه مع منصة "المشهد" إن "حزب الله" سيستفيد من الهجمة الإسرائيلية ليثبت أن حركة "حماس" تحتاج إلى حلفاء في لبنان والجبهة التي فتحها في الجنوب هي شرعية وردة فعل على الهجمة الإسرائيلية، وبالتالي ستتعزز نظرية الردع أو الدفاع أو الهجوم الذي يشنه التنظيم على الحدود والتي هي عبارة عن تصعيد وتسخين ضمن قواعد لعبة مألوفة"."التدخل المضبوط"وأشار إلى أن "إسرائيل حاولت شن هجوم بري تحت توسيع العمليات، لكنه غزو بري ولو نجح لكان قام بالغزو، وأعلنه إلا أنّ قوة المقاومة نجحت في صده"، ووصف بيرم ما حدث بـ"اختبار النار".ويؤكد بيرم أنّ "حزب الله" لن يغيّر طبيعة المواجهة عند الحدود الجنوبية، مضيفًا: "هو شريك نصير ويناصر ويحرك الجبهة ويجند قسمًا من الجيش الإسرائيلي عند الحدود الشمالية الإسرائيلية وهو لا يبدو أنه ينوي فعلًا أن يقوم بهجوم تجاه إسرائيل، وأن ينخرط بشكل أوسع بالمواجهة إلا بناءً على إشارات من حركة "حماس"، وبناء على مسار الأوضاع في غزة، يعني إذا فلتت الأوضاع في غزة أن يبقى على ما هو عليه الوضع على الحدود الجنوبية".وتابع: "ما يقوم به الإسرائيلي في غزة يبرر نظرية "حزب الله" بالتدخل المضبوط أي أنه يتدخّل على توقيته على ساعته وتوجهاته وحساباته وليس على توقيت حركة "حماس" أو حساباتها".ويرى بيرم أنّ الوضع سيبقى على ما هو عليه في الجنوب بطريقة الرد المحدود والمضبوط بحيث لا تدحرج الأمور تجاه مواجهة شاملة، مشيرًا إلى أن "حزب الله" بهذا الإطار يعتمد نظرية الاطمئنان بأنّ الوضع في غزة صامد، وأن "حماس" قادرة على المواجهة، وقادرة على توجيه ضربات للإسرائيلي، وبالتالي النظرية تعززت بالجمعة".ويؤكد بيرم أن "حزب الله" مرتاح للوضع بحسب ما يقول لأن التطورات في غزة تخدم توجهاته في الجنوب وهو يستثمرها ويبني عليها وفي حال هدأ الوضع في غزة، وصار هناك تسوية سياسية ويظل الوضع في لبنان كما هو عليه ويكون الحزب قد أدى واجبه بالتشارك مع العمليات المشتركة أو وحدة الساحات وفي الوقت نفسه حافظ على الوضع في لبنان من دون تفجيره.(المشهد)