21 نوفمبر تاريخ جديد من الدم بحقّ الصحفيّين في جنوب لبنان، إذ لا يزال أهل الإعلام في صدارة بنك أهداف الجيش الإسرائيلي، وأمام هذا الواقع هواجس عدّة تطارد الجسم الصحفيّ في تغطيته للمناوشات في جنوب لبنان بين "حزب الله" وإسرائيل.استراتيجية عمل "حذرة"مراسل المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI إدمون ساسين، أشار في حديثه مع منصة وقناة "المشهد"، إلى أنه منذ 7 أكتوبر إلى اليوم تغيّرت استراتيجية العمل الصحفيّ على الأرض، ولكنّ العنوان العريض "لم ننسحب ولن ننسحب". وتابع: "بعد استهداف الإعلاميّين في علما الشعب، كنا شهودًا على ما حصل وكنا من الناجين أيضًا، بعد استشهاد عصام بدأنا نأخذ الحذر، عدّلنا بالاستراتيجيّات، غيّرنا في توقيت البقاء في مكان معيّن، عدّلنا بالطرقات التي نسلكها، ندخل إلى نقطة معينة نصوّر التقرير في أسرع وقت ونغادر". ومن خلال طريقة وصفه للتحركات تشعر لوهلة أنك على الأرض، ويكمل سياسين: "حتى أننا نأخذ نقاطًا آمنة وأبعد كي لا نكون بعصف الاستهداف الإسرائيلي، ومع توسّع العمليّات أصبح طول الجبهة غير آمن، ولا يمكننا أن نبقى عند الخطوط الأمامية، فلا يمكن توقّع توقيت القصف والردّ على القصف، وبتنا حريصين أكثر باعتماد الطرقات الأكثر أمانًا لنحمي أنفسنا قدر الإمكان". ورأى ساسين أنّ الاستهداف الأخير للصحفيّين، شكّل صدمة جديدة ويتبيّن أنّ إسرائيل "تستهدف الصحفيّين بشكل مباشر"، خصوصًا بعد محاولة استهدافهم في يارون، و"هناك إعادة نظر طبعًا ولكن لن نتوقّف عن التغطية، ولن نتوقّف عن توثيق ما يحصل في الجنوب، ونحن شاهدون على جرائم حصلت بحقّ الصحفيّين والمدنيّين"."قد لا نعود"بدورها، مراسلة الـMTV ماريان زوين رأت أنه "على الرغم من التطمينات ومن أخذنا الحيطة والحذر، كلّما توجهنا إلى الجنوب ينتابني هذا الشعور، قد لا نعود إلى منازلنا وقد يحصل معنا كما حصل مع عصام عبد الله وفرح وربيع". وأضافت: "أسترجع قواي وأتّكل على الله وعلى وعيي، أنني لن أقدم على عمل متهوّر وأقول هذه مهنتي وفي كل مهنة هناك خطر".وشاركتنا زوين حوارًا دار بينها وبين والدتها التي أبت أن تدخل ابنتها عالم الإعلام كي لا تضطر يومًا إلى تغطية حرب، فكانت في كل مرة تردّ زوين: "ليست كل تغطياتنا حروب، عملنا يتضمن تغطيات متنوعة أخرى، أنا حاليًا في بداياتي ولا أستطيع أن أرفض تغطية أول حرب، خصوصًا أنّ ذلك يعطيني خبرة وواجبي المهني يتطلب ذلك، فلا يمكنني أن أغيب عن هكذا تغطية، لكوني إنسانة شجاعة وأحب المغامرة ولا أحبّذ أن تمرّ خبرة من دون أن أتعلّم وأستفيد وأطوّر آدائي المهني". أما بالنسبة إلى الضغط النفسي الذي نعيش، فلفتت زوين إلى أنها حزنت على مقتل عصام كثيرا، وقالت: "عكست الحادثة علي، علما أنني آنذاك لم أكن على أرض الجنوب، ولكن لم يتوقف هاتفي عن الرد على اتصالات الأقرباء والأصدقاء، وشعرت أن الخطر الآن وصل لكل صحفي ولن يستثنينا في حين لسنا طرفا في هذه المعركة". واعتبرت زوين أنه "يمكن إكمال المهمة حتى الأخير لو أنّ وجودنا في الجنوب يترافق مع وجود حماية محلية ودولية"، معربة عن عتب كبير لعدم احترام الصحفيّين، وكاشفة عن استخدامهم كدروع بشرية لهذه المعركة. وقالت: "أساس قضيتنا اليوم لبنان وحمايته من أيّ حرب قد ينجرّ لها". وكشفت أنّ "أهالي من البلدة هم من يبادرون إلى مساعدتنا على التنقل لأنهم يعرفون الأماكن، وهناك فصائل أو عناصر من "حزب الله" المشاركة في الحرب الدائرة، تقوم بجولات للإعلاميّين ما يشكّل خطرًا شئنا أم أبينا".الوقوف في المكان "الخطأ"مراسل ومصور جريدة "النهار" في صيدا والجنوب أحمد منتش، قال إنّ "استهداف الجسم الإعلاميّ بشكل واضح ومقصود، ولم يكن الحدث الأول من نوعه، سبقه استهداف فريق من المصورين والصحفيّين، معتبرًا أنّ "مهنة الصحافة كانت تُعرف بمهنة المتاعب، أما اليوم أصبحت تُعرف بمهنة المخاطر والموت، خصوصًا أنّ إسرائيل اعتادت على ضرب كل القوانين الدولية الإنسانية عرض الحائط". ورأى أنه أمام هذا الواقع علينا "أن لا نضع أنفسنا في دائرة الخطر، علينا أقلّه درء الخطر أو الحدّ منه قدر الإمكان، وباستطاعتنا القيام بذلك، من دون أن نهمل أو أن نتخلى عن القيام بواجباتنا، المهنية على أكمل وجه". وأضاف: "لا تزال في مخيّلتي صورة زميلة صحفية عندما شاهدتها قبل أيام من استهدافها وهي تقف لوقت طويل في المكان الخطأ، قبالة 3 مواقع إسرائيلية مباشرة، فيما طائرة الاستطلاع الإسرائيلية المزوّدة بصواريخ لا تفارق سماء المنطقة، كان بودي أن ألفت نظرها إلى خطورة المكان الذي توجد فيه، وكنت نادمًا لأنني لم أفعل ذلك، المكان نفسه كنت أسلكه، خلال تجوالي، في المنطقة، إلا أنني كنت أعرف تمامًا أنه لا يجوز التوقف فيه سوى لدقيقة واحدة فقط، أستطيع خلالها التقاط الصورة المناسبة لموضوعي، قبل مغادرة المكان إلى مكان أكثر أمانًا". من هنا دعا منتش إدارات وسائل الإعلام إلى إرسال مندوبين إلى المنطقة لديهم خبرة كافية وعلى دراية ومعرفة جيدة بطبيعة الأرض وما يوجد عليها، ويعرفون متى يدخلون إلى أماكن القصف ومتى يخرجون منها. وأين باستطاعتهم، التوقف لنقل الخبر والصورة. (لبنان - المشهد)