عملية النصيرات التي وُصفت بأنها واحدة من أكثر الهجمات الدموية في الحرب الإسرائيلية على غزة، بدأت تتكشف تفاصيلها وتداعياتها. فالقصف الإسرائيليّ العشوائيّ جوًا وبرًا، نجح في تحرير الأسرى، لكنه خلّف مجزرة أودت بحياه أكثر من 280 شخصًا، وإصابه نحو 800 شخص بحسب آخر حصيلة. ولا يزال المئات منهم ينتظرون إجراء عمليات لهم في مستشفى الأقصى، المستشفى الوحيد العامل وسط قطاع غزة، فيما لا تزال جثامين القتلى تتناثر أمام ثلاجات الموتى الممتلئة.عملية النصيراتعملية النصيرات التي أعلنت إسرائيل عنها، دارت حولها الكثير من الشبهات، خصوصًا أنّ وسائل إعلام أميركية أكدت أنّ واشنطن ولندن شاركتا في استعاده المحتجزين الإسرائيليّين تخطيطًا وتنفيذًا.ورغم نفي أميركا أنّ القوات الإسرائيلية دخلت عن طريق الرصيف العائم الأميركيّ وبسيارات إغاثة مدنية، فما زالت أصابع الاتهام موجهة إليها، حيث دعا المرصد الأورومتوسطيّ للتحقيق في استخدام الرصيف العائم لأغراض عسكرية، وشن الهجوم على النصيرات.كما بددت عملية النصيرات مصداقية المؤسسة العسكرية الأميركية وجهود وساطتها لإنهاء الحرب في غزة، وبحسب خبراء، فقد قضت مجزرة النصيرات على أيّ فرص أخرى من شأنها تحرير الأسرى أحياء. الهلال الأحمر الفلسطينيوفي هذا الشأن، قالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطينيّ نبال فرسخ لقناة "المشهد": لقد مررنا بيوم عصيب جدًا وسط القطاع، إذ تفاجأنا بسلسلة من القصف العنيف والاستهداف الذي طال مناطق مختلفة وسط قطاع غزة في المحافظة الوسطى، ولكنها تركزت على كل من مخيم النصيرات ودير البلح".قصف إسرائيلي عنيفوأضافت فرسخ: "سلسلة الاستهدافات كانت عنيفة بالقصف الجوّي والقصف المدفعي، وهو ما شكل صعوبة كبيرة لطواقم الإسعاف وفرق الإنقاذ في الاستجابة السريعة لهذه الاستهدافات والوصول إلى الجرحى والمصابين، وتمكنت طواقمنا من انتشال أعداد كبيرة من المصابين، ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة، فقد وصل عدد الشهداء الى 274 من بينهم 64 طفلًا و57 امراة".وتابعت فرسخ قائلة: "هذا الاستهداف للمدنيّين جاء عقب إجبار المدنيّين على الخروج من رفح، الذين توجهوا نحو المحافظة الوسطى، على اعتبار أنها ستكون ملاذًا آمنًا، ومنهم من نزح لسبع مرات وذهب إلى هذه المنطقة كسبيل وحيد للنجاة، خصوصًا مع منع الاحتلال المدنيّين من العودة إلى بيوتهم".دمار كبير وقالت فرسخ: "في محافظة خان يونس حلّ دمار كبير، والركام في كل مكان، بالتالي لا يمكن أن تستوعب هذه المحافظة مليون نازح الذين اضطروا إلى مغادرة رفح، فالكثير منهم توجهوا إلى المحافظه الوسطى، ولكن تم استهدافهم، وهذا يؤكد أنه لا يوجد أيّ مكان آمن في قطاع غزة".وأكدت فرسخ أنّ الأوضاع الإنسانية تتدهور في كل ساعة في المنطقة المستهدفة، والمشهد لا يمكن وصفه، إذ إنّ عددًا كبيرًا من الجرحى والمصابين، توافدوا في الوقت ذاته إلى المستشفيات، وتحديدًا إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع، ونُقل عدد منهم إلى أحد المستشفيات الميدانية.مستشفيات غزةوأضافت فرسخ: "للأسف، لا قدرة للمستشفيات التي تعمل أصلًا بشكل جزئيّ على التعامل مع كل هذا العدد من الجرحى والمصابين، وهناك الكثير من الجرحى الذين لم تستطع المستشفى إجراء عمليات جراحية لهم، كما أنّ عدم قدرة الطواقم الطبية على تقديم العلاج اللازم من جرّاء شحّ المستلزمات الطبية والأدوية يُنذر بوضع كارثي".وقالت فرسخ إنّ الوضع على الأرض يزداد تدهورًا في ظل استمرار إغلاق الاحتلال المعابر، وبالتالي منع وصول الإمدادات الطبية إلى المستشفيات، ولا إمكانيه لإجلاء الجرحى من أجل تلقي العلاج في الخارج، وفي الوقت ذاته لا قدرة للمستشفيات المتبقية على تقديم الرعاية اللازمة لهذا العدد الهائل من الجرحى والمصابين".(المشهد)