عندما كان المعارض الروسيّ أليكسي نافالني على قيد الحياة، سعى الكرملين إلى تشويه سمعته، وتصويره كشخصية غير مهمة، ثم بعد موته، لم يقُل الرئيس فلاديمير بوتين كلمة علنية عنه خلال الأسبوعين التاليَين لوفاة ناشط المعارضة، عن عمر يناهز 47 عامًا في أحد سجون القطب الشمالي.ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا، كشفت من خلاله، كيف تعاملت المحطات الروسية الرسمية مع وفاة نافالني، وجاء في التقرير، أنّ التلفزيون الحكوميّ الروسيّ بقي صامتًا تقريبًا، حيث اقتصرت التغطية على بيان قصير أصدرته سلطات السجن يوم وفاة نافالني، بالإضافة إلى بعض التعليقات التليفزيونية العابرة، التي أدلى بها مروّجو الدعاية الحكومية لتفادي اللّوم وتشويه سمعة زوجته، يوليا نافالنايا، التي أعلنت أنها ستستمر في تنفيذ سياسة زوجها.وبينما تجمّع الآلاف في العاصمة الروسية، لحضور جنازة نافالني، وهم يهتفون باسمه، تصرفت موسكو كما لو أنّ شيئًا لم يحدث، حيث تجاهلتها أخبار الدولة تمامًا، وعندما سُئل المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين في ذلك الصباح، عما إذا كان بإمكان الكرملين التعليق على نافالني كشخصية سياسية، أجاب "لا يمكن ذلك".ورفض بوتين لسنوات ذكر اسم نافالني. كما لم يذكره التلفزيون الحكوميّ قط ّتقريبًا، منعته السلطات من الترشح للرئاسة في انتخابات عام 2018، كما منعته إلى حدّ كبير من الانخراط في سياسات التجزئة الديمقراطية على النمط الغربيّ التي كان يريد رؤيتها في روسيا.وحاول الكرملين إظهار نافالني من الحياة العامة الرسمية، على أنه لا يمكن أن يكون سياسيًا أو بديلًا شرعيًا، بل كان متطرفًا أو إرهابيًا أو عدوًا للدولة، ويعمل خارج حدود السياسة المنظمة للأمة.نافالني.. لا أهمية لهوقال غريغ يودين، عالم الاجتماع الروسي، والباحث في جامعة برينستون للصحيفة، إنّ الطريقة التي يخلقون بها تصورًا للسياسة في روسيا، هي أنّ كل ما هو غائب عن الخطاب الرسميّ لا أهمية له، لأنه ليس لديه فرصة للتجسيد على أيّ حال، مضيفًا: "إذا لم يتم الحديث عنك في التلفزيون، فأنت غير موجود". لكنّ نافالني ظهر لهم بشكل قويّ وجمّع جماهيره حوله عن طريق الإنترنت.وكشف استطلاع للرأي أجراه مركز ليفادا المستقلّ صدر يوم الجمعة الماضي، أنّ 21% من الروس لم يسمعوا عن وفاة نافالني، و 54% آخرون إنهم سمعوا شيئًا، لكن بعبارات غامضة فقط.وحظيت يوليا نافالنايا، أرملة نافالني، بحفاوة بالغة بعد إلقاء كلمة أمام البرلمان الأوروبيّ في ستراسبورغ، فرنسا، يوم الأربعاء الماضي، لكنّ المتصيّدين عبر الإنترنت المتحالفين مع الكرملين، سارعوا إلى تضخيم الانتقادات الموجهة إليها، بعد إعلانها أنها ستتولى عباءة زوجها.وكشفت نتائج بحث أجرته Antibot4Navalny، وهي مجموعة من المتطوعين المجهولين الذين يراقبون نشاط المتصيّدين الروس، ومنظمة Reset غير الربحية ومقرها لندن، أنّ ما فعله هؤلاء كان حملة منسّقة لتشويه سمعتها عبر الإنترنت، من خلال الترويج لصور تم التلاعب بها، وتقديم ادّعاءات كاذبة حولها. واستمر هذا النهج من قبل السلطات الروسية خلال جنازة السيد نافالني، حيث انخرطت المنافذ الإلكترونية الصديقة للكرملين وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، في رسائل مضادة تستهدف الجماهير الناطقة بالروسية.وحاولت قناة ريدوفكا الموالية للحكومة على تلغرام، إثارة الشكوك حول حجم الحشد، وأشارت إلى أنّ الغرب كان يستخدم نافالني، لأنّ المشيعين كانوا يطلقون النّكات باللغة الإنجليزية.(ترجمات)