ترقّب حذر يسود مدينة جرمانا بريف دمشق، بعد توترات أمنية تخللها اشتباكات وسقوط قتلى وجرحى، مع استمرار المساعي لنزع فتيل الأزمة خصوصًا مع دخول إسرائيل على الخط، وتهديدها بالتدخل العسكري بذريعة حماية "الدروز" في تلك المنطقة.وفي التفاصيل وفي خطوة مفاجئة، أمر نتانياهو وكاتس، الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لما أسماه الدفاع عن قرية جرمانا الدرزية الواقعة في ريف دمشق، بزعم تعرضها لهجوم من قبل القوات السورية، مضيفًا في بيان مشترك، أنهما "لن يسمحا للنظام السوري بإيذاء الدروز"، وهو التهديد الأول من نوعه من حيث نوعيته والمستهدف منه، فهو بمثابة تصعيد محتمل في السياسة الإسرائيلية تجاه الإدارة السورية الجديدة.الأزمة انتهت ولكن..وفي هذا الشأن، كشف الشيخ سميح الريشي، أحد وجهاء الطائفة الدرزية، في حديثه للإعلامية آسيا هشام في برنامج "المشهد الليلة" المُذاع على قناة ومنصة "المشهد"، عن تفاصيل ما جرى في مدينة جرمانا بريف دمشق، مؤكدًا أنّ الأزمة انتهت لكنها قد تتكرر في أيّ لحظة إذا لم يقم المعنيون بحل الأسباب الجذرية.وقال الشيخ الريشي: "أشكر الله أنّ الاشتباكات في جرمانا قد انتهت، لكن ينبغي أن نبحث عن السبب الحقيقي الكامن وراءها، إذ للأسف، بدأ الحادث عندما وقع خلاف بين شخص من عائلة قبلان في مشفى المجتهد وبين الممرضين، حيث كان من الضروري حل المشكلة بشكل ودي من دون اللجوء إلى تصعيد".وأضاف الريشي: "للأسف تصاعدت الأمور عوضًا عن احتواء الموقف، حتى وصلت الأمور إلى إطلاق نار أدى إلى مقتل شاب من عائلة الخطيب وهو من مدينة المليحة، الأمر الذي أشعل ردة فعل قوية من جهة أهله، وأدى أيضًا إلى إطلاق نار متبادل بين المليحة وجرمانا وتسجيل قتلى وجرحى، بينهم شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة".كم انتقد الشيخ الريشي طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع الاشتباكات، قائلًا: "ما جرى هو استعراض للقوة وكان ينبغي بالمقابل أن يتم ضبط الحادثة، من خلال إصدار مذكرات توقيف بحق كل من تورط في هذه الأخيرة بدلًا من اللجوء إلى التصعيد العسكري، لأنّ ما جرى كان حتمًا خارج عقل الدولة وخارج إطار القانون".موقف وجهاء جرماناوحول موقف مشايخ ووجهاء جرمانا، أكد الشيخ أنّ هناك إجماعًا على ضرورة تسليم المتورطين في الاشتباكات التي ذهب ضحيتها قتلى، للأجهزة المختصة، مشددًا على أنّ "رجال الدين يتحملون مسؤولية محاسبة أيّ فرد يخطئ، وذلك وفق القوانين والأعراف".كما أبدى الشيخ الريشي تحفظًا كبيرًا على وجود فصائل مسلحة نشأت بشكل ملحوظ بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث قال: "نحن لا نحبذ اللجوء إلى استخدام السلاح ولا نريده أن يكون الحل في سوريا، لكن للأسف، أصبح المواطنون مضطرين للاحتماء خلف هذه الفصائل المسلحة، لأنها توفر لهم حماية وأمنًا في ظل غياب الدولة".واختتم حديثه قائلًا: "ينبغي على الجميع العمل بشكل مكثف لتجنب تكرار أحداث مشابهة، لأنّ أيّ اشتباك جديد قد يؤدي إلى المزيد من الخراب والفوضى والدمار، ونحن بأمسّ الحاجة إلى إيجاد حلول عادلة وسلمية".إسرائيل تريد حماية الدروزمن جهته، قال المتحدث باسم مكتب نتانياهو، هاني مرزوق، لقناة "المشهد": "منذ إستلام السلطة الجديدة زمام الحكم في سوريا، قالت إسرائيل بوضوح وعلنية، إنّ نظام الأسد كان جزءًا أساسيًا من المحور الايراني الطويل العريض، الذي ناءت شعوب المنطقة تحت أوزاره وتحت ضغوطه وتحت شره".وأردف بالقول: "إسرائيل تريد أن تحمي حدودها الشمالية، وهي تتمتع بعلاقات وطيدة وقوية مع الكثير من الشعوب بالمنطقة، كما لها التزامات نحو شعبها ونحو استراتيجيتها، ولن تتمكن أيّ جهة بعد أحداث 7 أكتوبر من تهديد الحدود الإسرائيلية مجددًا".وعن تدخل إسرائيل في جرمانا، قال مرزوق: "هنالك الكثير من القلق والكثير من التشنجات والخوف في جرمانا، وربما قد يتدهور الوضع إلى أبعد من ذلك، خصوصًا في غياب قرار مركزي جامع لدى الفصائل السورية التي تقوم بأعمال ميليشيوية، وفي جرمانا يوجد طائفة درزية كريمة هي جزء من المنظومة الإسرائيلية السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولها حلف دم تاريخي مع إسرائيل، بالتالي إسرائيل تريد حماية الدروز في سوريا انطلاقًا من التزاماتها الأخلاقية تجاه هذا المجتمع، ولن تسمح أن يكون الدروز قلقين من أيّ خطر وجودي في أيّ مكان حول العالم".(المشهد)