الاستيطان.. العقيدة الراسخة في السياسة الإسرائيلية، كثابت من ثوابتها، والعقبة الكأداء أمام المبادرات الدولية لتسوية القضية الفلسطينية، فالمستوطنات في القدس والضفة الغربية تتضخم على حساب معيشة وأراضي الفلسطينيين، وجميع المعطيات تفضي بأن الاستيطان هو عنوان المرحلة الحالية والمقبلة في سياسة إسرائيل.تترامى المستوطنات على قمم الجبال وتحاصر محيط المدن والمخيمات، وتحول الأرياف إلى سجن له بوابة ومفتاح مع الجيش الإسرائيلي، المشهد الجغرافي والديمغرافي يؤكد بأن إسرائيل قلبت الواقع لصالحها.عمليات استيطان جديدةفقد أوضح تقرير "حركة السلام الآن" الإسرائيلية، عن نشاط استيطاني محموم منذ اندلاع الحرب في غزة، فيما أظهر تقرير ميداني آخر، لهيئة "مقاومة الجدار والاستيطان"، عن شروع إسرائيل بإنشاء مناطق عازلة حول مستوطنات الضفة، صادرت مساحات شاسعة، وأحكمت القبضة على المفاصل الجغرافية، وربطت المستوطنات ببعضها. يعتبر الاستيطان الإسرائيلي مخالفاً للقانون الدولي، وتاريخياً أكدت الإدارات الأميركية على عدم شرعية الاستيطان، إذ يقف في طريق السلام ويعطل قيام دولة فلسطينية، هذا الموقف شهد تحولاً منذ ولاية الرئيس باراك أوباما، أن الاستيطان لا يؤثر على عملية السلام.ومؤخراً، بعد أن أعلنت إسرائيل عزمها إقامة 3500 وحدة استيطانية، أعربت إدارة بايدن عن رفضها معتبرة إياها تتعارض مع القانون الدولي. فهل تضغط إدارة بايدن على إسرائيل لوقف الاستيطان أم أنها تصريحات عامة لا تغير من الوقع؟ وماذا عن المخططات الاستيطانية، هل تقوض قيام الدولة الفلسطينية الموعودة؟ أيديولوجيا الاستيطان الإسرائيلييشير عضو المجلس الثورة لحركة فتح محمد الحوراني لمنصة "المشهد" بأن "الرفض الأميركي للوحدات الاستيطانية الجديدة، سيكون له تأثير هامشي، لأن إدارة بايدن تتحرك على أكثر من صعيد، فهي رفضت الاستيطان، لأنها تشعر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته، وضعت الإدارة والحزب الديمقراطي في كمين، فالحزب بدأ يخسر ولاية تلو الأخرى، في استطلاعات الرأي في الانتخابات المقبلة". وتابع الحوراني قائلاً: "من هذا المنطلق تحاول الإدارة الأميركية، بفعل ضغط الرأي العام الأميركي والعربي أمام هول الحرب الإسرائيلية على غزة، من تعديل موقفها لكن التعديل جاء بشكل متأخر، حيث فقدت القدرة على التأثير اللازم على حكومة نتانياهو، التي لا تأبه بإيقاع الأذى بإسرائيل أو عزلها دولياً".وحول تأثير المخططات الاستيطانية الإسرائيلية على مستقبل قيام الدولة الفلسطينية يوضح الحوراني لـ"المشهد"، أنه "في حقيقة الأمر، جوهر سياسة إسرائيل يقوم على منع إقامة دولة فلسطينية في يوم من الأيام، ونلاحظ ذلك من خلال سياق السياسة الإسرائيلية العلنية من التوسع الاستيطاني المتنامي، وبناء الجدار، ومصادرة الأراضي، ترافقها العديد من المخططات اليومية ضد حياة الفلسطينيين، والتي تحول خيار قيام الدولة الفلسطينية عملياً وموضوعياً يتعذر تنفيذه".وختم قوله: "خطة الحسم، والتصعيد متعدد الأشكال تجاه الفلسطينيين، نراها تنفذ على الأرض في سلوك إسرائيل، لمصالحها غير آبهة بالمواثيق الدولة ولا الحلول السياسة". خيبة أمل أميركيةأما من وجهة نظر الباحث والمحلل السياسي إيلي نيسان حول خيبة الأمل الأميركية تجاه الإعلان الإسرائيلي بإقامة وحدات استيطانية جديدة بالقدس والضفة، فيقول لـ "المشهد"، "هذه سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل منذ سنوات، باستثناء عهد دونالد ترامب الذي اعترف بشرعية المستوطنات، حيث إن قضية الاستيطان من القضايا الشائكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومثار خلاف بينهما".وأردف نيسان قائلاً: "لا أعتقد خلال هذه المرحلة الحساسة التي تخوض فيها إسرائيل معركة مصيرية مع حركة "حماس"، وتتم فيها المحادثات من أجل التوصل إلى هدنة وصفقة للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، أن يحدث ضرر في العلاقات بين البلدين، والأهم من ذلك، هو تداعيات التصريح الأميركي حول الاستيطان الإسرائيلي، أن لا تقوم الولايات المتحدة بالتصويت ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي فيما يخص موضوع الاستيطان". ولفت نيسان إلى أن "قضية المستوطنات يمكن أن يكون لها حل في المستقبل، في حال تم الاتفاق على قيام الدولة الفلسطينية، لكن هناك الكثير من القضايا المتعلقة بقيام هذه الدولة كالقدس، واللاجئين، لكن طالما أن الجانب الفلسطيني امتعن ولا يقبل بالشروط الإسرائيلية، ويتوجه إلى المنابر الدولية ضد إسرائيل، ويرفض التفاوض، أعتقد أن قيام دولة فلسطينية أمر مستعص".تقوض قيام فلسطينبدورها، أدانت الخارجية الفلسطينية الخطة الإسرائيلية بوصفها، تحديا لجهود وقف الحرب والتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإمعاناً إسرائيلياً رسمياً في ضم الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وتقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، فيما تعهد قادة الحكومة الإسرائيلية بالمزيد من الوحدات الاستيطانية، وبرزت تصريحات على لسان وزراء إسرائيليين تفند حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته. ومنذ نشوب الحرب في السابع من أكتوبر، تمكنت جماعات المستوطنين من تشييد 9 بؤر استيطانية ستتحول فيما بعد إلى مستوطنات ضخمة، حيث تجاوزت أعداد المستوطنين بالضفة الغربية إلى أكثر من نصف مليون، يسكن 42% من مجملهم في المستوطنات الأكبر بالضفة وهي: موديعين عيلين، بيتار عيليت، ومعاليه أدوميم، وبلغت المستوطنات الإسرائيلية 144 بالضفة، و12 بالقدس. (المشهد - القدس)