بعد مضي 333 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واستمرار المعارك الضارية والمواجهات العسكرية العنيفة التي يخوضها الجيش الإسرائيلي ضد حركة "حماس"، ظهر الاهتمام جلياً في إسرائيل خصوصًا في وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث، حول الصعوبات والمشاكل التي يمرّ بها ضباط وجنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي.وبحسب "معهد أبحاث الأمن القومي" يبلغ عدد جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي نحو 465 ألف شخص، يعانون من النواحي النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعسكرية، وخلصت أبحاث خبراء المعهد، بأنه بدأت تظهر "علامات تآكل" في حافزية جيش الاحتياط، وعلامات انهيار في منظومة علاقات عناصر الاحتياط العملية والعائلية.وفي هذا الإطار، كشف موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، اتساع ظاهرة سفر جنود احتياط في الجيش الإسرائيلي إلى الخارج خلال فترة الخدمة النشطة، دون إبلاغ قادتهم رغم أنهم خاضعون لأمر استدعائهم للخدمة، وأوضح الموقع عن شدة الإرهاق والتعب الذي يعانون منه.وأوردت مصادر صحفية إسرائيلية عن "تذمر حاد" يسود أوساط جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بفعل طول مدة الخدمة، حيث نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في تحقيق صحفي حول واقع العديد من جنود الاحتياط في قطاع غزة، الذين قالوا بأن الحرب استنزفتهم، وتسببت بمشكلات نفسية وعائلية، واشتكوا من العمل لساعات طويلة، وفترة الخدمة، والتمييز بين الجنود في تحمل الأعباء.وتحدّثت تقارير إسرائيلية، عن الانعكاسات الاقتصادية والتبعات النفسية على الجنود الذين يؤدون فترة احتياط طويلة، سواء كانوا أصحاب مصالح مستقلة، أو موظفين، وقد تم تجنيد نحو 220 ألفاً من هؤلاء في التشكيلات كافة، وتجلت الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ قدرت وزارة المالية تكلفة أيام الاحتياط في الحرب بنحو 5.44 مليارات دولار، وارتفعت التكلفة ارتفعت إلى 8.17 مليارات دولار، ناهيك عن فقدان هؤلاء الجنود لأعمالهم ووظائفهم.إحباط وتآكل الحافزية أوضح الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني لمنصة "المشهد" بأن "هناك تآكلا وحالة انكماش في الاقتصادي الإسرائيلي تسبب في إسقاطات كثيرة على المجتمع الإسرائيلي، ومع إطالة أمد خدمة جنود الاحتياط في الحرب على غزة، والذين يشكلون ركنًا أساسيًا في إسرائيل وعصب الدولة، تعمقت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، تتعلق بدافعية الالتزام والتجنيد للاحتياط، وتفضيل الإسرائيليين الانغماس بالعمل بعد إنهاء الخدمة العسكرية الإلزامية، حيث إن الاحتياط يرافقه دفع ثمن اقتصادي عال، إذ يعتبرون أن منظومة الاحتياط غير عادلة وغير متساوية لأنهم يستمرون بالخدمة".واستطرد الباحث مسلماني حديثه لـ"المشهد" قائلاً "جنود الاحتياط يعانون من العبء غير الإنساني الملقى عليهم، وتمديد خدمتهم حتى عام 2024، فجزء منهم في الجامعات، أو لديهم مصالح، وعدم وجودهم في العائلة، فيما تعفى فئة اليهود المتديّنين "الحريديم" من الخدمة العسكرية، يثير امتعاض الاحتياط بسبب انعدام العدالة في تحمّل عبء الخدمة العسكرية، والتمييز بين العلمانيين والحريديم، وعلى سبيل المثال رفض لواء المظليين الانصياع للأوامر، بسبب وحل غزة الذي سيتسبب بإعاقتهم جسدياً ونفسياً، فيما يشكي جنود الاحتياط من قلة التدريب، وعدم وجود سترات واقية للرصاص، وانعدام التنسيق مع بين الوحدات".وأشار الباحث في الشأن الإسرائيلي مسلماني إلى أن "المئات من جنود الاحتياط شرعوا بالعصيان ورفضوا الخدمة من منطلقات كثيرة، كوجودهم في الحرب وعدم مكافأتهم مع الآخرين في المجتمع، ناهيك عن العبء الذي أثر على الدولة، في مختلف القطاعات كالزراعة والتكنولوجيا وغيرها، الأزمة الاقتصادية تعمقت والأرقام متصاعدة في الخسائر، فكل جندي احتياط يكلف الدولة 100 دولار يومياً".عصب الجيش الإسرائيليمن جانبه قال موشيه إلعاد المحاضر والمحلل العسكري الإسرائيلي لمنصة "المشهد" بأنه "منذ إنشائها عام 1948، تم بناء جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل أساسي على وحدات جيش الاحتياط، في جميع الحروب تمكن الجيش النظامي من الصمود على خطوط الصراع لمدة يوم أو يومين حتى يتم تعبئة الاحتياط، وعندما وصلوا تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم وانتصر، ولا يزال جنود الاحتياط جنودًا شباباً ولكنهم أكثر خبرة بكثير من الجنود النظاميين، ويمكن الوثوق بهم في أيّ مهمة تطلب منهم فهم يشكلون عصب الدولة".وأردف المحلل العسكري إلعاد قائلاً "تعدّ قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، واحدة من أهم ركائز الأمن القومي الإسرائيلي، وتعتبر العمود الفقري للجيش الإسرائيلي في حالات الطوارئ والحروب، مثل الحرب التي تخوضها القوات الإسرائيلية في جبهة غزة".وشدد خلال حديثه لـ"المشهد" بأنه "من الواضح أن التجنيد الجماعي لمئات الآلاف من جنود الاحتياط له عواقب على الاقتصاد في إسرائيل، لكن الدولة عرفت دائماً كيفية تنظيم الميزانيات في مواجهة نقص القوى العاملة في الاقتصاد، كما أن إسرائيل لديها نظام تعويضات يتم توفيره من خلاله التأمين الوطني، وجميع أنواع المزايا الأخرى لجنود الاحتياط".وأكد على أن "إسرائيل تمكنت من اجتياز الـ 11 شهراً الماضية على الأقل، من الأضرار الاقتصادية، لأن مشاكل إسرائيل الاقتصادية لا تنبع من تعبئة الاحتياطيات بل من قضايا أخرى مثل الانخفاض في الاحتياطيات، والتصنيف الائتماني، وتحويل الميزانيات إلى قطاعات غير إنتاجية، وما إلى ذلك".(القدس - المشهد)