سلّطت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية الضوء على ما أسمته "الركيزة الأقل شهرة في القضية ضد إسرائيل" والمتمثّلة بهجومها المنهجي على البنية التحتية الطبية في غزة.منذ هجوم "حماس" في 7 أكتوبر، استهدفت إسرائيل بشكل متكرر مرافق الرعاية الصحية وسيارات الإسعاف وطرق الوصول، واعتقلت العاملين في مجال الرعاية الصحية، وحاصرت الوقود اللازم للمولدات، وحجب الإمدادات الطبية والجراحية الحيوية. كل ذلك بهدف تقويض نظام الرعاية الصحية في غزة.ورأت الصحيفة الأميركية أن القوات الإسرائيلية، أثناء قيامها بقصف غزة ومحاصرتها، تخلق حاجة ملحة للرعاية الطبية بين المدنيين بينما تحرمهم في الوقت نفسه من الوصول إليها.وقالت الصحيفة إن تدمير إسرائيل لنظام الرعاية الصحية في غزة لا يشكل فقط جزءاً مهماً من تهم الإبادة الجماعية، بل هو أيضاً جريمة حرب صارخة يجب أن تحاكم عليها المحكمة الجنائية الدولية، التي تجري تحقيقاً نشطاً في جرائم الحرب في فلسطين.مؤكّدة أن استهداف الرعاية الصحية لا يحقق سوى القليل من الناحية العسكرية، في حين يؤدي إلى تضخيم عدد القتلى والمعاناة الناجمة عن القصف العشوائي. مثل هذه الهجمات تنتهك الهدف الأساسي للقانون الإنساني الدولي، وهو تخفيف معاناة المدنيين، وبالتالي فهي في كثير من الأحيان نذير لفظائع أوسع نطاقاً مستقبلاً.استهدافات إسرائيل للمستشفيات في غزةبدأت الهجمات الإسرائيلية على مرافق الرعاية الصحية في أعقاب هجوم 7 أكتوبر مباشرة. خلال الـ36 ساعة الأولى، هاجمت القوات الإسرائيلية المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، ومستشفى ناصر في خان يونس، ومستشفى القدس في مدينة غزة، من بين منشآت أخرى.وبينما لا تقدم إسرائيل سوى القليل من الأدلة، فإنها تلوم "حماس" بشكل روتيني على القتال من المناطق والمؤسسات المدنية، ومع ذلك فإن القوات الإسرائيلية تنشر بانتظام أساليب حرب عشوائية، وتفرض تكلفة غير متناسبة على المدنيين، أو كليهما. وبحلول 24 نوفمبر، كان 30 من أصل 36 مستشفى في غزة قد تعرض للقصف، والعديد منها بشكل متكرر. وبالإضافة إلى المستشفيات، استهدفت القوات الإسرائيلية سيارات الإسعاف وقوافل المساعدات الطبية وطرق الوصول.في 30 يناير، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن وقوع 342 هجمة متعلقة بالرعاية الصحية في غزة، مما أدى إلى مئات القتلى والجرحى. وفي هذه المرحلة، فإن كل مستشفى في غزة كان إما متضرراً أو مدمراً أو خارج الخدمة بسبب نقص الوقود.إن رقم أكثر من 67,000 جريح في غزة حتى الآن لا يأخذ في الاعتبار عواقب الرعاية الطبية الروتينية التي يُحرم منها السكان المدنيون. فمن تطعيمات الأطفال إلى علاج السرطان وغسيل الكلى، توقفت الرعاية الطبية الحديثة إلى حد كبير لنحو 2.3 مليون فلسطيني في غزة، الذين يقل متوسط العمر المتوقع لديهم 10 سنوات عن الأشخاص الذين يعيشون على بعد أميال قليلة في إسرائيل، والذين ترتفع معدلات إصابتهم بحديثي الولادة والرضع، ووفيات الأمهات أعلى بنحو 5 مرات.أما المستشفيان الوحيدان في غزة اللذان يقدمان العلاج للبالغين والأطفال المصابين بالسرطان، هما مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية ومستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال، وقد تعرّضا للقصف والحصار والإجبار على الإغلاق. بالإضافة إلى ذلك، فإن آلاف المرضى الذين تلقوا سابقاً علاجاً متخصصاً في القدس، بمعدل 100 مريض يومياً، أصبحوا الآن غير قادرين على الوصول إليه.زعمت الحكومة الإسرائيلية مراراً وتكراراً أن "حماس" تحتفظ بمركز قيادة تابع لمستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهو أكبر مستشفى في قطاع غزة. ومع ذلك، عندما استولت القوات الإسرائيلية على المستشفى في نوفمبر، كان كل ما استطاعوا الإشارة إليه كدليل هو حفنة من البنادق ونفق واحد.هذه الهجمات جزء من خطة لجعل غزة غير صالحة للسكن وطرد الفلسطينيين، وهي النتيجة التي يرفضها كبار الوزراء الذين يدعمون رئيس الوزراء الإسرائيلي.(ترجمات)