يستقل مئات اللبنانيين سفنا من مدينة طرابلس في شمال البلاد والتي لا تزال بمنأى من القصف الإسرائيلي حتى الآن، بدلا من المخاطرة بالسفر عبر مطار بيروت القريب من الضاحية الجنوبية حيث تتكرر الغارات الإسرائيلية. وحذّرت إسرائيل الشهر الماضي من أنها لن تسمح لإيران بنقل الأسلحة إلى حليفها "حزب الله" عبر مطار بيروت، ما أثار مخاوف من استهدافه. ونفت السلطات اللبنانية هذه الاتهامات، وعزّزت من وجود العناصر الأمنية داخل المطار وفي محيطه. ومنذ ذلك الحين، ارتفع الطلب على رحلات السفن بشكل كبير، فقد فضّل كثيرون الرحلة إلى جنوب تركيا التي تستغرق 13 ساعة على متن سفن نقل البضائع، بعد أن تم تعديلها بشكل سريع لتلائم استقبال الركاب الراغبين في تجنب مطار بيروت. وسبق أن استهدف المطار خلال الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006، الأمر الذي أدى إلى إغلاقه مؤقتا. قال حسن عليق (31 عاما) المتحدر من ضاحية بيروت الجنوبية التي تعتبر أبرز معاقل "حزب الله" وتتعرض لقصف عنيف: "أسافر من هنا لأنني أخاف السفر عبر المطار، وقد أخسر تذكرتي إذا ما تعرّض للقصف". وبعد عام من تبادل القصف بين "حزب الله" وإسرائيل، غداة اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة "حماس" في قطاع غزة، صّعدت تل أبيب في 23 سبتمبر من وتيرة غاراتها على معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب لبنان وشرقه، قبل أن تعلن نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري عبر الحدود. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 1454 شخصا في لبنان، بحسب تعداد أجرته فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية، بينما أرغم أكثر من مليون شخص على ترك بيوتهم وفق السلطات اللبنانية.350 دولاراقال القبطان سالم جليلاتي "كانت البواخر تنقل البضائع 5 مرات في الأسبوع، لكن منذ نحو سنة، باتت تنقل الركّاب أيضاً" بتذكرة تناهز قيمتها 350 دولارا للشخص الواحد. وأشار جليلاتي إلى تزايد الطلب منذ اشتداد الحرب أواخر سبتمبر، إذ كان عدد الركاب قبل ذلك نحو 150 أسبوعيا، ليلامس اليوم 900 راكب بشكل أسبوعي. بدوره، لم يخف معمّر ملص (52 عاماً) مخاوفه من السفر عبر المطار، قال "اخترت الذهاب عبر الباخرة لصعوبة الوصول إلى المطار، ولأن أسعار التذاكر مرتفعة للغاية". وأكد "اضطراره" إلى استخدام هذه السفن رغم علمه بأنها غير مخصّصة أصلا لنقل الركاب، مضيفا "لا أمان في محيط المطار لأنه قريب جداً من الضاحية الجنوبية". أرغم الشاب محمّد حوار (22 عاماً) على النزوح من مدينة النبطية الجنوبية، والتي تعرضت بدورها لسلسلة غارات إسرائيلية لم توفر حتى مقر بلديتها ما أدى إلى مقتل رئيسها. فرّ حوار مع زوجته بداية من النبطية إلى الضاحية الجنوبية، قبل أن ينزح مرة أخرى بسبب كثافة الغارات. وقال وهو يستعد للصعود إلى السفينة المتجهة من طرابلس إلى تركيا: "الحل الأنسب بالنسبة إلينا كان مغادرة لبنان ريثما يهدأ الوضع"، لافتا إلى أن السفر عبر مرفأ طرابلس أكثر أمانا وكلفته أقل مقارنة بمطار العاصمة. وأكدت المسافرة إسراء سويدان، وهي فلسطينية متحدرة من مخيم البداوي المجاور لمدينة طرابلس والذي نال نصيبه من الضربات أيضاً، أنها اختارت طريق البحر باتجاه مدينة مرسين التركية "لأنه الخيار الأكثر أمانا حاليا".(أ ف ب)