يقول العاملون في المجال الإنسانيّ والمسؤولون الحكوميون الذين يعملون على إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة، إنّ نمطًا واضحًا قد ظهر من العرقلة الإسرائيلية، حيث يسيطر المرض والمجاعة على أجزاء من القطاع المحاصر.وفرضت الوكالة الإسرائيلية التي تتحكم في الوصول إلى غزة لجهود المساعدات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، معايير تعسفية ومتناقضة، وفقًا لمسؤولين حكوميّين وآخرين في المجال الإنساني، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية. وترفض إسرائيل إدخال بعض العناصر إلى قطاع غزة بشكل متكرر، والتي منها أجهزة وآلات التخدير وأسطوانات الأكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي، وأنظمة تنقية المياه. وتشمل العناصر الأخرى، التمور وأكياس النوم وأدوية علاج السرطان، وأقراص تنقية المياه ومستلزمات الأمومة. وأصبح تضييق إسرائيل على المساعدات أكثر وضوحًا الخميس الماضي، عندما فتح جيشها النار بينما كان الفلسطينيون يتجمّعون حول شاحنات المساعدات الغذائية في غرب مدينة غزة، وفقًا لشهود عيان.حرب إدخال المساعداتولأشهر عدة، اصطفت طوابير الشاحنات المتجهة إلى القطاع على طول الطريق السريع المؤدي من مدينة العريش المصرية، وهي مركز لوجستيّ رئيسيّ للمساعدات، إلى معبر رفح مع غزة. وقال أحد العاملين في المجال الإنسانيّ عند معبر رفح المصريّ مع غزة: "بينما تدور حرب في غزة، فإننا نخوض حربًا مختلفة هنا.. إنها حرب لجلب المساعدات الإنسانية إلى غزة".وقالت مصادر عدة للشبكة، إنّ جزءًا كبيرًا من التبرعات التي تعاملوا معها، إما تم رفضها أو تم تعليقها بسبب الانتظار الطويل للحصول على موافقة من منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي، أو COGAT الذي يدير تدفق المساعدات إلى القطاع. وقال أحد مصادر الشبكة إنّ أكثر من 15 ألف طن من إمدادات الإغاثة، تنتظر موافقة إسرائيل على دخول غزة، وأنّ أكثر من نصفها يتكون من موادّ غذائية. وأكد مسؤول إنساني كبير آخر: "إنها غامضة بشكل متعمد.. يمكنك الحصول على تصريح من مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، والوصول للعثور على مسؤولي الشرطة أو المالية والجمارك الذين سيعيدون الشاحنة". وبعد نشر التقرير، قال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، إنه سهّل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ بداية الحرب. ووصف منسق أعمال الحكومة في المناطق، الشهادة المقدمة للشبكة بأنها "اتهامات باطلة".وجاء في البيان أنّ "إسرائيل تساعد وتشجع وتسهّل دخول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة وللبنى التحتية الطبية وغيرها من البنى التحتية الحيوية في القطاع.". وأضاف، "الحرب التي تخوضها إسرائيل هي ضد منظمة "حماس"، وليس ضد سكان قطاع غزة". وتمنع إسرائيل منذ فترة طويلة دخول بعض المواد إلى غزة.وفي عام 2007، فرضت حصارًا على القطاع بعد سيطرة "حماس "عليه، وبعد مرور عام، أصدر مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق قائمة بالموادّ "ذات الاستخدام المزدوج" المحظورة، مع إجراء تعديلات طفيفة على الوثيقة في السنوات التالية. وقالت إسرائيل إنّ هذه البضائع يمكن إعادة توظيفها للاستخدام العسكريّ وسيتم منعها من دخول غزة، مثل الخرسانة والأسمدة الزراعية وبعض الموادّ الكيميائية، وغيرها من الموادّ المتنوعة مثل المناظير والكاميرات تحت الماء والزلاجات المائية. ولكن يبدو أنه تم التخلي عن هذه المعايير في أعقاب الهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، والذي خلّف نحو 1200 قتيل واحتجاز أكثر من 250 أسيرًا، وفقًا للسلطات الإسرائيلية. انتقادات دوليةوفي مؤتمر صحفي عُقد في 13 يناير، تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو بالسماح بدخول "الحدّ الأدنى من المساعدات الإنسانية" إلى غزة. وقال ،"نحن نقدم الحدّ الأدنى من المساعدات الإنسانية.. إذا أردنا تحقيق أهدافنا الحربية، فإننا نقدم الحدّ الأدنى من المساعدات". وانتقد المجتمع الدوليّ إسرائيل مرارًا وتكرارًا لإصدارها تصاريح أمنية غير كافية لشاحنات المساعدات إلى غزة. وفي هذا السياق، قالت رئيس منظمة إنقاذ الطفولة في الولايات المتحدة ومديرها التنفيذيّ جانتي سويريبتو: "لم أرَ قطّ سلسلة توريد ينبغي أن تكون بهذه البساطة، وأن تكون معقدة إلى هذا الحد.. مستوى الحواجز التي يتم وضعها لعرقلة المساعدات الإنسانية؛ لم نرَ شيئًا مثل ذلك من قبل". وأضافت أنّ الألعاب رُفضت لأنها كانت في صندوق خشبيّ وليس في صندوق من الورق المقوّى، ورُفضت أكياس النوم لأنها تحتوي على سحّابات، وأُعيدت الفوَط الصحية لأنّ مقصّ الأظافر كان ضمن مجموعة أدوات النظافة. وفي يناير الماضي، شاهد عضوا مجلس الشيوخ الأميركيّ كريس فان هولين، وجيف ميركلي، مستلزمات الأمومة وأنظمة تنقية المياه من بين العناصر التي أعادتها إسرائيل من نقطة التفتيش. ودفع هذا الوضع فان هولين إلى قيادة جهود الكونغرس الأميركي لمحاسبة إسرائيل على تعاملها مع المساعدات الإنسانية، والتي وصفها في وقت سابق من فبراير، بأنها "جريمة حرب كتابية".(ترجمات)