لمدة 4 أيام، كان جثمان الطفل كريم سبعاوي ملفوفًا ببطانية في شقة باردة فارغة بينما كانت عائلته تحتمي في مكان قريب، حيث قال والده ووالدته إنه قُتل خلال قصف إسرائيليّ مكثّف بالقرب من منزل ذويه في قطاع غزة.وفي الأيام التي تلت ذلك، كان من الخطر جدًا الخروج من المنزل لدفن الطفل البالغ من العمر 10 أعوام، وفق صحيفة "نيويوك تايمز".اتصلت عائلة كريم بالهلال الأحمر الفلسطينيّ، طلبًا للمساعدة، في الأيام الأولى للهجوم البرّي الإسرائيليّ في شمال غزة، وكانت القوات تُغلق الشوارع بالدبابات وسط إطلاق نار كثيف، ما منع عمال الإنقاذ من الوصول إلى القتلى في الغارات الجوية.ويوميًا، كان الأب حازم سبعاوي، يعاني عذابًا مزدوجًا حدادًا على ابنه، وغير قادر على تحمّل "الكرامة النهائية" لدفنه بشكل مناسب. وقال: "بعد اليوم الرابع، قلت هذا كل شيء. إما أن أُدفن معه، أو لن أدفنه على الإطلاق". وروى كيف وضع ابنه تحت شجرة جوافة خلف مبنى سكنيّ لأحد الجيران. وقال: "لكل إنسان الحق في أن يُدفن".لقد مرّ 13 أسبوعًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية في غزة بعد هجوم "حماس" على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وفقًا لمسؤولين إسرائيليّين. ومنذ ذلك الحين، اضطر الأحياء في غزة إلى دفن موتاهم على عجل وبدون مراسم أو طقوس، خشية أن يُلاقوا مصير أحبّائهم نفسه. وقُتل أكثر من 22 ألف فلسطينيّ بالقصف الإسرائيليّ منذ 7 أكتوبر وفقًا لوزارة الصحة في غزة.دفنٌ على عجليُقتل المدنيون بوتيرة قليلة السوابق في هذا القرن، حيث قالت الأمم المتحدة إنّ الصراع حوّل غزة إلى "مقبرة لآلاف الأطفال". وقال اختصاصيّ الأشعة بمستشفى النصر في جنوب غزة الدكتور محمد أبو موسى: "لقد وصل الوضع إلى النقطة التي نقول فيها: المحظوظون هم أولئك الذين لديهم شخص لدفنهم عندما يموتون". تقليديًا، يُكرّم الفلسطينيون موتاهم بمواكب جنازة عامة وخيام حداد أقيمت في الشوارع لمدة 3 أيام، لاستقبال أولئك الذين يريدون تقديم التعازي، لكنّ الحرب جعلت من المستحيل الحفاظ على هذه التقاليد. بدلًا من ذلك، تم دفن القتلى في مقابر جماعية وساحات المستشفيات وحدائق الفناء الخلفي، وغالبًا بدون شواهد القبور، وأسماؤهم مكتوبة على أكفان الدفن البيضاء أو أكياس الجثث. وتقام صلاة الجنازة بسرعة - إن وُجدت - في أروقة المستشفى أو خارج المشارح.(ترجمات)