مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، اعتزام إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، تزايدت حدة الانتقادات الغربية لهذه الخطوة التي ستكون لها آثار كارثية على الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع المُحاصر.ويعاني سكان القطاع ظروفا إنسانية صعبة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، إذّ تعرضت المدينة لدمار، مما اضطرهم للنزوح نحو مدينة رفح الفلسطينية في الجنوب.وراح ضحية هذه الحرب، أكثر من 28 ألف قتيلًا و68 ألف مُصاب، فيما يُعاني القطاع نقصا حادا في المواد الغذائية والإغاثية وكذلك الوقود.ومنذ اندلاع الحرب، تحظى حكومة الحرب الإسرائيلية بدعم غربي واسع، إلا أنّ الفترة الأخيرة شهدت تراجعًا على مستوى الخطاب الإعلامي للقادة الغربيين، خصوصا بعد تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير.ويرى محللون سياسيون، في حديث لمنصة "المشهد" أنّ الدعم الغربي لإسرائيل لن يتوّقف في كل الأحوال، حتى وإن تغيرّت لهجة خطابهم وزادت انتقاداتهم للحكومة الإسرائيلية.وخلال الأسبوع الماضي، خرجت تصريحات عدة من مسؤولين أميركيين وأوروبيين حول خطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة والتأكيد على ضرورة منع استهداف المدنيين في قطاع غزة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية.انتقادات لحفظ ماء الوجهوقال المحلل السياسي المصريّ، الدكتور أسامة السعيد، إنّ الدول الغربية أمامها تحدِ كبير خلال الفترة المُقبلة خصوصا في ظل التحذيرات من خطورة الهجوم العشوائي لإسرائيل على مدينة رفح الفلسطينية والتي من المتوّقع أن تتسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا.وأوضح السعيد، في حديث لـ"المشهد"، أنّ هذه التحديات من الممكن أن تؤثر على الخطاب الغربي تجاه موقفه من الحرب على غزة، في محاولة لحفظ ماء الوجه.مدينة رفح هي آخر نقطة من الممكن الاحتماء بها في قطاع غزة وبالتالي فإن مخطط التهجير ما زال قائمًا بقوة، بحسب حديث السعيد، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تسعى لأن تجعل التهجير أمرًا واقعًا أمام السكان.وتابع المحلل السياسي المصريّ، قائلًا: "الدول الغربية التي دافعت عن إسرائيل، ستجد نفسها أمام ما كانت ترفضه من تهجير لسكان غزة، وبالتالي ستزيد حدة الانتقادات لأنها فيما يبدو تعرضت لخدعة إسرائيلية".إسرائيل تحقق المصالح الغربية في المنطقةهل تتخلى الدول الغربية عن إسرائيل؟ يجيب السعيد بقوله: "بالتأكيد لا.. لن تتخلى أوروبا وأميركا عن إسرائيل لأن علاقتهم بها أقوى من أن تتأثر بتصرفاتها في قطاع غزة".ودللّ المحلل السياسي المصريّ، على طرحه قائلًا: "إسرائيل ارتكبت في تاريخها الكثير من المجازر وحاصرت رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات، ولم يتوقف الدعم الغربي لها".وقال إنّ إسرائيل دولة وظيفية تحقق بوضعها الحالي الأهداف الغربية، وبالتالي فالدعم الغربي لإسرائيل غير مشروط ولن يتوقف حتى وإن زادت نبرة الانتقادات حاليًا تجاه حكومة الحرب الإسرائيلية.تخلي الغرب غير واردمن جهته، اتفق أستاذ العلوم السياسية الفلسطينيّ، الدكتور أيمن الرقب، مع الطرح السابق، قائلًا:" للأسف فكرة تخلي الغرب وعلى رأسهم أميركا أمر غير وارد".وأشار الرقب في حديث لـ"المشهد"، إلى أنّ الجيش الإسرائيلي وضع اقتراحات وقدمها للدول الغربية بخصوص فتح ممرات إنسانية للسكان في مدينة رفح قبل بدء العملية العسكرية ووافق عليها الغرب.وأوضح أنّ إسرائيل تهدف بهذه العملية إزاحة كتلة سكانية كبيرة من سكان القطاع باتجاه مصر، وبالتالي فهي ماضية في تنفيذ مخططها الذي رسمته منذ البداية.وقال الرقب، إنّ الولايات المتحدة ودول أوروبا يمتلكون القدرة على وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من خلال وقف إرسال الأسلحة والمساعدات المالية، ولكن هذا لن يحدث.ورأى أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أنّ الغرب غير جاد في إنهاء الحرب، ويخرجون بتصريحات تبريرية حول أحقية إسرائيل في الدفاع عن نفسها تحت دعوى أن حركة "حماس" قامت بنقل جزء من أسلحتها جنوبًا نحو مدينة رفح الفلسطينية.وأضاف: "التصريحات الغربية التي تطالب بتقليل القتل المباشر للمدنيين ليس من باب الإنسانية ولكن هدفها حفظ ماء وجههم أمام الانتقادات العالمية".(المشهد)