تعيش إسرائيل غضبًا شعبيًا وانقسامًا سياسيًا حول أيّ اتفاق قد يظهر للعلن بخصوص الأسرى لدى حركة "حماس" في غزة، وبحسب التسريبات الإسرائيلية وما تتناوله الصحف ووسائل الإعلام، فإنّ هناك انقسامًا حادًا داخل مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر حول الصفقة.ما زال وزير الأمن يوآف غالانت ومندوبو الجيش يؤكدون أنّ تدمير "حماس" هو الهدف الأول للحرب، ولذا يؤيدون استمرار تصعيد الحملة البرية على غزة، في المقابل يقول الوزيران عضوا الكابينيت المصغّر بيني غانتس وغادي ايزنكوت علانيةً، إنّ "استعادة المحتجزين هدف مركزيّ للحرب بل هو الهدف الأول".احتجاجات عائلات الأسرىوكانت عائلات الأسرى الإسرائيليّين قد لاقت دعمًا جماهيريًا واسعًا، فقد شارك معها أكثر من 25 ألف مواطن إسرائيليّ في المهرجان الجماهيري الاختتاميّ لمسيرتها التي قامت بها من تل أبيب نحو القدس على مدار 5 أيام.وما زالت وقفات الاحتجاج مستمرة في العديد من المناطق الإسرائيلية دعمًا لهم وللضغط على الحكومة الإسرائيلية لإتمام صفقة التبادل مع "حماس"، وفي معظم التظاهرات ارتفعت المطالبة بإقالة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، حيث يتهمونه بالمماطلة في الصفقة، بهدف إطالة الحرب للبقاء في الحكم. وأشارت وسائل إعلامية إسرائيلية، بأنّ صياغة اتفاقية صفقة التبادل أُنجزت منذ يوم الثلاثاء الفائت، لكنّ الحكومة الإسرائيلية لم تصادق عليها، ومنذ ذلك الوقت يعمّ عائلات الأسرى شعور بالإحباط والغضب، بأنّ الحكومة الإسرائيلية لا تسعى لإبرام الصفقة في الوقت الراهن، فيما يخيف هذا التوجه من قبل الحكومة العائلات على حياة أبنائهم."نُحارب وحدنا"وعبّرت السيدة الإسرائيلية أوريت عوفر، ابنتها محتجزة في غزة لمنصة "المشهد"، عن غضب العائلات الإسرائيلية من تهرّب الحكومة الإسرائيلية من مطالبهم، ومن عدم إطلاعهم على تطور المداولات حول صفقة التبادل، وقالت: "بتنا نشعر بأننا نحارب لوحدنا من أجل أن يتحرر أبناؤنا، نحن في حالة رعب وقلق شديد مع كل دقيقة تمضي وهم في غزة، سوف نستمر في هذا الحراك حتى استردادهم". وعن هذا التباين الواضح يشير المحلل البارز في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي لمنصة "المشهد": "توجد صفقة تبادل مؤكّدة بين إسرائيل وحركة "حماس" بوساطة قطرية، لكنّ عائلات الأسرى الإسرائيليّين في حيرة من جهة لأنهم يشعرون بأنّ كل أسير سوف يُطلق سراحه مكسب، ومن جهة أخرى يزداد قلقهم على بقية الأسرى، لأنهم يعتقدون بأنّ حكومة نتانياهو أو هو شخصيًا لديه تغليب للمصلحة الشخصية على المصالح الأخرى".ويضيف "بمعنى أنه يريد إطالة الحرب من خلال المفاوضات على الأسرى، وطالما هو يدير المفاوضات إن كان هناك إطلاق نار أو لا، هذا يعني بأنه سيبقى في سدّة الحكم وهذا ما يريد تحقيقه".وبالتالي، يقول مجلي: "حساباته في هذا الموضوع ليست موضوعية تأخذ المصلحة العامة بعين الاعتبار، وإنما تركز على مصالحه الشخصية والتي تتناقض مع مصلحة ورغبة أهالي الأسرى الإسرائيليّين بإطلاق سراح أبنائهم، بل يشعرون أنّ هذا الموضوع في الدرجة الثالثة أو الرابعة في سلّم أولويات نتانياهو خصوصًا بعد أن اجتمعوا معه ليلة أمس، وخرجوا محبَطين من اللهجة التي تكلم بها نتانياهو وبقية الوزراء الذين معه".صفقة.. ليست لجميع الأسرىووفق مجلّي، "وافق نتانياهو على الصفقة وبعد ساعات قليلة سوف تعلن قطر عن هذه الصفقة، وسوف تكون جزئية ولن تشمل جميع الأسرى، لذلك أهالي الأسرى قلقون، ويقولون بأنّ نتانياهو ليس أمينًا على مصالح الشعب الإسرائيلي، ويشكون بأنهم يلعب لعبة كرئيس منظمة أو عصابة وليس كرئيس دولة، ويحاول أن يخدم مصالحه وليس مصالح الناس، لذلك لديهم هذا التخوّف من نيّة نتانياهو استخدام بقية الأسرى كأداة في الحرب".وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسيّ الإسرائيلي روني شكيد في حديث مع منصة "المشهد" إن "الوقت الذي يمر ليس في صالح إسرائيل على الإطلاق، فالجيش الإسرائيليّ يعمل وبقوة من أجل أن تتقدم قواته باتجاه أطراف أخرى باتجاه غزة المدينة، نحو أهداف عسكرية واستراتيجية، وفي الوقت ذاته أصبحت قيادة الجيش الإسرائيليّ مطالبة بإدارة الأزمة ما بين الرغبة الملحّة في استمرار التقدم إلى جنوب غزة المدينة، وبين التقدّم في المفاوضات حول تحرير المخطوفين الإسرائيليّين لدى "حماس"، وبالتالي عامل الوقت ليس في صالح إسرائيل".تشديد العملية البرية في غزةويتابع شكيد، "يتوجب على إسرائيل والجيش الإسرائيليّ في غزة، تشديد الهجوم والحملة البرية على أرجاء القطاع، وممارسة الضغط بشكل أكبر على حركة "حماس"، من أجل تحسين شروط صفقة تبادل أسرى وزيادة عدد الأسرى الإسرائيليّين، من المحتمل أن تؤدي هذه الصفقة إلى وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب، وعلى ما يبدو بأنها سوف تكون على مراحل".وبحسب ما أفادت به وسائل الإعلام الإسرائيلية حول صفقة التبادل، هي أن تحرر "حماس" نحو 50 امرأة وطفلًا من المحتجزين الإسرائيليّين في المرحلة الأولى، فيما تجري مباحثات عن عشرات المحتجزين الآخرين المحتجزين لدى فصائل أخرى ولدى عشائر في غزة، في المقابل من المفترض أن تحرر إسرائيل 150 إلى 300 أسير فلسطيني، من القاصرين والأطفال والنساء. (المشهد - القدس)