أنهى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع زيارته إلى الأردن، اليوم الأربعاء، بعد لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.وندد ملك الأردن بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، في الوقت الذي حذّر فيه خبراء من أن عمّان يساورها القلق من استبدال المشروع الإيراني في سوريا بمشروع تركي جديد.وجدّد الملك دعم الأردن لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، ووقوف المملكة إلى جانب السوريين في إعادة بناء بلدهم عبر عملية يشارك فيها مختلف مكونات الشعب، بما يضمن وحدتها وأمنها واستقرارها.وتعتبر زيارة الشرع إلى عمّان الأولى له بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، والثالثة له خارجيا، بعد زيارة أولى إلى السعودية ألحقها بالذهاب إلى تركيا.وبحث اللقاء، الذي عُقد في قصر بسمان الزاهر بحضور ولي عهد الأردن الأمير الحسين، فرص تطوير التعاون والوصول إلى صيغ مشتركة في زيادة واستدامة التنسيق على مختلف الصعد، بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز وحدة الصف العربي مع أهمية تهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم.وتم التأكيد على عمق العلاقات الأردنية السورية والحرص على توسيع التعاون في مجالات التجارة والطاقة والمياه. وأشاد الملك بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، مشددًا على ضرورة التنسيق الوثيق بين البلدين في مواجهة مختلف التحديات المتعلقة بأمن الحدود والحد من تهريب الأسلحة والمخدرات.تقارب أردني سوريوتعليقاً على زيارة الشرع، قال الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد إن عوامل زيادة التقارب الأردني السوري أصبحت ترتفع في ظل التوغل الإسرائيلي المتزايد في جنوب سوريا وارتفاع حدة الخطاب الإعلامي للقادة الإسرائيليين حول خلق منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا التي ترتبط بحدود مشتركة مع الأردن. وأكد أبو زيد في تصريحات لمنصة "المشهد" أن هذا الأمر، يدفع إلى زيادة وتيرة التنسيق الأردني السوري في أبعاد عدة أبرزها الأمنية والسياسية وهو ما قد يفسر زيارة رئيس الحكومة الانتقالية السورية أحمد الشرع إلى عمّان واللقاء بالملك عبدالله الثاني. وأضاف أن الرؤية الأردنية القائمة على بقاء سوريا الجديدة التي تربطها مع الأردن حدود طويلة في محيطها العربي خشية من أن يتم استبدال المشروع الإيراني الذي أقلق عمّان لعقود بمشروع تركي، "قد يزيد الضغط على مجسات الرصد الأردنية لكل خطوة تركية على الرغم من ترطيب علاقة الأردن مع تركيا مؤخرا التي تجسدت بزيارة وزير الخارجية لتركيا أعقبها لقاء ولي العهد الأمير الحسين مع إردوغان". وقال أبوزيد إن الأردن يبقى قلقا من فكرة التمدّد الهادئ والصامت للمشروع التركي في سوريا على الحدود الشمالية للمملكة. ملفات مشتركة وضمن كل هذه السياقات وتصاعد الاضطرابات في الإقليم ووقوع الأردن في بيئة جيوإستراتيجية ملتهبة، قال أبو زيد إن أهمية زيارة الشرع إلى المملكة ولقائه الملك عبدالله تأتي في محاولة لخلق مقاربة أردنية سورية تضمن ملفات أمن الحدود والأمن الاقتصادي والتبادل التجاري وملف المياه وملف اللاجئين، وهو الأبرز. وأشار إلى أن الشرع يدرك العلاقة الأردنية مع بعض الفصائل المسلحة جنوب سوريا والتي ترفض الاندماج في الجيش السوري الجديد مثل اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة الذي يتمركز من بصرة الشام باتجاه الشرق، بالإضافة إلى خلق حالة تشاركية أردنية سورية في إنتاج مقاربة حول ملف الدروز في السويداء الواقعه على مقربة من الحدود الأردنية.الأمن هو الأهم ويعتقد الخبير الأمني والإستراتيجي الدكتور عمر الرداد أن الأردن معني بالعلاقة الثنائية مع القيادة السورية الجديدة برئاسة الشرع في ملفات عدة لعل أبرزها الملف الأمني. وقال في حديثه لـ"المشهد" إن الأردن يريد أن يغادر مربع العلاقة التي كانت قائمة مع النظام السوري السابق ويغلق هذا الملف وفق تنسيق مع القيادة السورية الجديدة. وأشار الرداد إلى أن هذا الملف معروف بعناوينه وهي تهريب المخدرات والأسلحة واستهداف الأردن ضمن العلاقة السابقة التي كانت تربط بشار الأسد مع المليشيات الإيرانية "ونرى اليوم أن هناك تقدماً على الرغم من عدم انتهاء المخاطر بشكل نهائي من الجنوب السوري لكنه من الواضح أن الإحصائيات تشير إلى انخفاض ملموس في عدد عمليات التهريب". وأكد أن ملف إعادة اللاجئين السوريين بشكل طوعي إلى سوريا "وهذا يتطلب تنسيقاً ومساعدة لسوريا في مجال إعادة ضبط الأمن لأن الأردن بات يعاني منذ فترة طويلة من قصور وتخلف المجتمع الدولي عن الالتزام بتعهداته تجاه اللاجئين وأصبح في ظل أزمات اقتصادية حقيقية يعيشها في ظل حالة تتطلب إعادة العدد الأكبر من اللاجئين بصورة طوعية بما يعني توفّر الأمن والفرصة الاقتصادية وتوليد قناعات لديهم بأنه حان وقت العودة الطوعية إلى بلدهم". إعمار واستقرار سوريا وبيّن الرداد أن الأردن معني بإعادة الإعمار في سوريا وبحث الملفات الاقتصادية بكل تشعباتها بما يضمن انعكاس الفوائد على البلدين. وقال: "الأردن يريد سوريا موحدة ومستقرة بنظام سياسي قادر على التعامل مع محيطه الإقليمي والدولي من دون تلك المناكفات والانحيازات وسياسات المحاور وتقويض الأمن التي كان ينتهجها النظام السابق". وشدد الرداد على أن النظام السوري الجديد يدرك أهمية الأردن على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي، وبالتالي فإن القيادة السورية في المرحلة الانتقالية تريد استثمار الحكمة السياسية والقدرة الأردنية الفاعلة وتأثيرها ضمن علاقات دولية للعاهل الأردني مع أميركا وأوروبا للمساهمة بأحد البنود الرئيسية وهي حصول النظام السوري على الشرعية سواء الداخلية أو الإقليمية والدولية. وأوضح أن القيادة السورية تركز على أنها تريد المضي بعملية الإصلاح وإعادة البناء على المستوى السياسي الداخلي وتريد أن ترفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية. وقال: "القيادة الأردنية بالتعاون مع قادة الدول العربية كالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قادرة على أن تقدم مقاربات للمجتمع الدولي تتجاوز رفع العقوبات الجزئي الذي تم عن المساعدات الإغاثية والإنسانية باتجاه تأهيل سوريا حتى لو ضمن مقاربة خطوة مقابل خطوة، وإعادة تأهيل الدولة السورية ودمجها اقتصاديا بالمجتمع الدولي". دمج دمشق في الإقليم وشدد الرداد على أن سوريا الجديدة تريد مساهمة الأردن بتثبيت الاعتراف والمساهمة بالدعوة العربية والإقليمية من خلال علاقات المملكة نحو قبول دمشق وأن هناك دولة جديدة لم تعد مرتبطة على الأقل بالتحالف الإيراني. ولفت إلى أن زيارة ولي عهد الأردن الأمير الحسين إلى تركيا يوم الثلاثاء ولقائه رجب طيب إردوغان، كانت ضمن تعظيم وتقوية التقاطعات والقواسم المشتركة بالمواقف والرؤى تجاه سوريا وحتى تجاه القضية الفلسطينية. وخلُص الرداد إلى أن سوريا تسعى لموقف عربي ربما من القمة العربية القادمة سيساهم به الأردن بخصوص الاعتداءات والمخططات الإسرائيلية الأخيرة.(المشهد)