كشف تقرير رسمي مغربي عن ارتفاع حالات الاشتباه بجرائم غسل الأموال بالمملكة بنسبة 60% في 2021 مقارنة بعام 2020، وذلك تزامنا مع التطور الملموس في مجال التعاون بين سلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة.واعتبر مراقبون وخبراء أن هذه الأرقام "طبيعية"، في ظل استراتيجية ردع الجرائم المالية التي تقودها الحكومة في السنوات الأخيرة.ارتفاع مرعب وأفادت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، في تقريرها السنوي، الذي قدمته لرئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أن عدد التصاريح بالاشتباه المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، شهد ارتفاعا بنسبة 60%. وأفادت بارتفاع عدد الطلبات الواردة من السلطات الوطنية لإنفاذ القانون في إطار التحقيقات المالية الموازية بنسبة 116%، وبـ33% في عدد طلبات المعلومات الصادرة من قبل الهيئة إلى الوحدة الدولية النظيرة. وكشفت الهيئة أنها تلقت خلال عام 2021 نحو 3409 تصاريح بالاشتباه في حالات مرتبطة بجريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مقارنة بعام 2020 التي تلقت فيها الهيئة نحو 2137 تصريحا، و1737 في 2019، و1088 تصريحا خلال 2018. وأوضحت الهيئة أنه خلال عام 2021 تلقت 3363 تصريحا مرتبطا بغسل الأموال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 59% مقارنة بعام 2020، التي بلغ فيها عدد التصريحات 2113 تصريحا. وبالنسبة للتصاريح المتعلقة بتمويل الإرهاب، فقد تلقت الهيئة خلال العام نفسه 46 تصريحا بالاشتباه، وهو ما يمثل زيادة قدرها 92% مقارنة بعام 2020، التي تلقت فيها الهيئة 24 تصريحا فقط.تعاون إيجابي والجدير بالذكر أن عام 2021 تميز بـ"تطور كبير في المؤشرات التشغيلية بفضل الإجراءات التي قامت بها الهيئة الوطنية للمعلومات المالية والجهود المشتركة مع مختلف الشركاء المعنيين بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب". وأورد التقرير أن عدد الملفات المعالجة عرف تطورا ملموسا، وهو ما عزته الهيئة إلى تطور التعاون مع سلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة، مشيرا إلى أن الهيئة نظمت في الوقت نفسه "أنشطة عدة للتدريب لصالح الأشخاص الخاضعين وغيرهم من شركاء الهيئة على أساس منتظم على الصعيدين الوطني والدولي". ارتفاع منطقي ويرى الخبير الاقتصادي الطيب أعيس أن ارتفاع حالات الاشتباه في غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المملكة المغربية "طبيعي ومفهوم" إذا ما ربطناه بسياق الجهود التي تبذلها الدولة والحكومة في مُحاربة الجرائم المالية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضح أعيس في تصريحات لمنصة "المشهد" أن "تسجيل المغرب لهذا الارتفاع في 2021 فيه الكثير من المنطق على اعتبار أن المملكة باشرت تأسيس آليات تنفيذ القانون الذي دخل حيز التنفيذ منذ عام ونصف فقط، ليعزز المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب". وأضاف: "من الطبيعي أن يؤدي اتباع هذه الآليات إلى هذا الارتفاع الكبير رقميا في البداية، ومن المؤكد أنه سينخفض في السنوات المقبلة". وعن هذه الزيادة أيضا، يقول أعيس: لا يجب أن نأخذ هذا الارتفاع بطريقة سلبية، فلم يكن هناك آليات للمتابعة والتحري حول هذا النوع من الجرائم. لا بد من الانتظار لسنوات قليلة قبل تقييم التجربة المغربية في مجال مكافحة التهرب المالي. السنوات المقبلة ستُظهر أرقاما ومؤشرات حقيقية تُبيّن التطور الايجابي الذي سيحدث مقارنة مع التطور الطبيعي المسجل في التقرير بالنسبة للعام الأول لدخول القانون المذكور حيز التنفيذ.جهود حكومية ويحدد القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة جرائم تبييض الأموال، جملة من الأمور ودور الهيئة الوطنية للمعلومات المالية وسلطات الإشراف والمراقبة لتطبيق العقوبات المالية. وتضع هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي في المغرب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن أولوياتها، وتسعى إلى منع استخدام شركات ووسطاء التأمين في الجرائم المالية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتهدف الهيئة من خلال ذلك إلى المساهمة في حماية السمعة القوية لقطاع التأمين المغربي والقطاع المالي المغربي، بشكل عام كقطاع منظم من الدرجة العالية يتمتع برقابة مالية ويطمح إلى أن يصبح مركزا ماليا مهما على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتنشر الهيئة نصائح وأدلة توضيحية، وآلية للتشاور مع المهنيين في القطاع المالي، وتنظم دورات تدريبية وتوعوية، وتجري رقابة مكتبية وميدانية، كما تشارك في إطار تنسيق وطني، في تحسين الجوانب القانونية والتنظيمية العملية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.(المشهد)