يشكل شهر رمضان تحدّيًا أمنيًا للسلطات الإسرائيلية سنويًا، ويأتي هذا العام في ظل الحرب على غزة، وتحضيرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية جارية على قدم وساق، فأينما ولّيت وجهك في مدينة القدس تشاهد القوات والشرطة والمخابرات الإسرائيلية بأعداد مهولة.والقاعدة تقول، بأنّ أعداد المصلين بالمسجد الأقصى عندما تكون محدودة، يسهل السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها، ووقف الاشتباكات وفضّ الاحتكاكات التي تقع بالعادة، لكنّ الأعداد الكثيفة تشكل عقبة للشرطة الإسرائيلية، لعدم تمكنها من مسك زمام الأمور في المواجهات التي يشهدها المسجد ومحيطه. وبينما القدس مغلقة على سكانها الفلسطينيّين وتعيش إجراءات استثنائية حالها حال الضفة الغربية التي تشهد يومياً اعتداءات إسرائيلية فظّة، من غير المعقول أن تفتح إسرائيل بوابات وحواجز مدينة القدس على مصراعيها، وتسمح لأهالي الضفة الغربية من دخولها. التقديرات الإسرائيلية حذرت من نذُر انفجار محتمل خلال شهر رمضان المقبل، مشيرة إلى أنّ حجم القوات الإسرائيلية الموجودة في الضفة الغربية يفوق عدد القوات في غزة، بفعل تصاعد التوتر الأمني، فيما حذّر الجيش وجهاز الأمن الداخليّ القيادة السياسية في تل أبيب، من تبعات تحويل الصراع إلى ديني، وبضرورة الابتعاد عن الحرم القدسي، وإلّا فإنّ الأوضاع ستسوء للغاية. فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية بأنّ إسرائيل تحاول "شيطنة السلوك الفلسطينيّ بشهر رمضان، وتشن حملة تضليل واسعة النطاق لهذا الغرض، لتبرير قمعها وتنكيلها بالفلسطينيّين، لإخفاء حجم العقوبات الجماعية والعنصرية والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطينيّ من جرّاء حرب الإبادة، ومحاولات تسخين ساحة الصراع، لتسهيل تنفيذ المخططات الاستعمارية التوسعية". خطة إسرائيلية لإشعال التوتر في الضفة وفي هذا السياق أشار السفير د.أحمد الديك، مستشار وزير الخارجية الفلسطينية لمنصة "المشهد"، إلى أنه "منذ إندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، ظهرت سيطرة مطلقة لعقلية الانتقام من الفلسطينيّين، من قبل مراكز صنع القرار في إسرائيل، واليمين الإسرائيليّ المتطرف، واليمين الحاكم رأى في حجم الدمار والكارثة التي حلت في غزة أرضًا خصبة لنقلها إلى القدس والضفة الغربية". وأضاف قائلًا، "عقلية اليمين الإسرائيليّ عنصرية تُنكر وجود وحقوق الشعب الفلسطيني، بالتالي يسعى لتأجيج الأوضاع الميدانية، وتفجيرها لإدخال البلاد في دوامة فوضى وعنف، وهي مناخات إيجابية مواتية لإسرائيل، للتوسع الاستيطاني، وسلب الأراضي، وتهجير الفلسطينيّين، وما نشهده يوميًا من الاجتياحات الإسرائيلية للمدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، والإعدامات الميدانية وتخريب للبنى التحتية، ما هو إلا ترجمة فعلية لهذه السياسة الممنهجة".وحول تصريحات ساسة إسرائيل وتلميحهم حول اندلاع مواجهات بشهر رمضان، يقول د.الديك لمنصة "المشهد"، "عدوان إسرائيل على الفلسطينيّين لم يتوقف في يوم من الأيام، مع شهر رمضان وبدونه، بل يواجهون الظلم والاضطهاد والقمع والتنكيل، وكل أصناف العذاب، هذه خرافة واختراع إسرائيليّ في محاولة لإعطاء الانطباع بشأن ما يسمونه "تصعيد الأعمال الفلسطينية خلال شهر رمضان"، وهذا غير صحيح، بل حجة لتبرير القمع وتشديد الإجراءات على القدس، ومنع المصلين من دخول الأقصى، خطة إسرائيلية معدّة مسبّقًا لتحقيق أهدافها". وختم قوله إن "إسرائيل لا تأبه لكل المناشدات الدولية والمطالب للجم سياستها وهجمات المستوطنين، وفيما أقدمت بعض الدول على فرض عقوبات على المستوطنين، إلا أنّ ذلك لم يمنع أمثال بن غفير وسموتريتش، من تحريك تلك العناصر لتصعيد الأوضاع في الضفة وارتكاب الجرائم بحقّ الفلسطينيّين". تفاقم المخاوف الإسرائيليةمن جانب آخر، أشارت تسريبات أمنية إسرائيلية، عن خشية تفجر الوضع في الضفة والقدس خلال شهر رمضان، بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة وقيود تعتزم الحكومة الإسرائيلية فرضها على الأقصى والقدس، فيما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ الإدارة الأميركية تضغط على تل أبيب للتوصل إلى صفقة مع حركة "حماس" بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة، قبيل حلول رمضان. ويوضح الباحث والمحلل السياسيّ شلومو غانور لمنصة "المشهد"، حول الدوافع التي تقف وراء التحذيرات الإسرائيلية المستمرة من تصعيد الأوضاع الميدانية في القدس والضفة خلال شهر رمضان، "العنوان هو المسجد الأٌقصى، حركة "حماس" تسعى لإحداث الفوضى في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، حول موضوع الأقصى في شهر رمضان، حيث وضعته على رأس الأهداف الاستراتيجية لعملية الطوفان يوم هجوم السابع من أكتوبر". واستدرك غانور قائلًا: "التحذيرات الإسرائيلية تأتي في إطار الخشية من تحول المواجهة الحاصلة في قطاع غزة إلى حرب دينية، تنطلق شرارتها من مدينة القدس، وأعتقد بأنّ اقتراب رمضان يجعل "حماس" تتلكّأ في مفاوضات إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليّين، وتتمسك بمواقفها، بهدف محاصرة إسرائيل بمخاطر وسيناريوهات غير محبذة". ولفت غانور لمنصة "المشهد"، إلى أنّ "معلومات الاستخبارات الإسرائيلية أفادت إلى مساعي تبذلها حركة "حماس"، تهدف إلى إثارة المشاكل وخلق القلاقل في المسجد الأقصى وعموم الضفة الغربية، وبالتالي الإجراءات الإسرائيلية سوف تكون صارمة على دخول المسلمين للصلاة بالمسجد الأقصى، خلال رمضان، خشية من دخول شبان وجهات تنظيمية تعمل على إشعال شرارة المواجهة وجرّها من قطاع غزة إلى الضفة الغربية".(المشهد)