تعرضت إسرائيل لانتقادات لاذعة من الزعماء الأوروبيّين الذين يحاولون كبح جماح تل أبيب عن الاستمرار في حروبها في غزة وجنوب لبنان.من الدعوات إلى وقف كامل لمبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، والتفكير في فرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليّين من اليمين المتطرف، إلى المحادثات بين أعضاء الاتحاد الأوروبيّ بشأن مراجعة اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد، يحاول الزعماء الأوروبيون استخدام نفوذهم للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو للتفاوض على وقف إطلاق النار.وما يزيد من قوة جهودهم حقيقة أنّ الضربات العسكرية الإسرائيلية تستهدف الآن قواعد حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، والتي تضم قوات أوروبية، بحسب شكبة "سي إن إن".ضغوط غير مسبوقةوقال الباحث بمركز أبحاث المجلس الأوروبيّ للعلاقات الخارجية، هيو لوفات، إنّ علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبيّ تتعرض لضغوط غير مسبوقة في هذه المرحلة من الزمن.وبحسب التقرير، فإنّ موقف الكتلة مختلف بشكل صارخ عما وصفه الخبراء بالدعم الثابت لإسرائيل من الدول الأوروبية في 7 أكتوبر 2023، عندما قتل مسلحون بقيادة "حماس" أكثر من 1200 شخص في إسرائيل وأسروا أكثر من 250 آخرين.ولكن مع تحول رد إسرائيل على "حماس" إلى ما يسميه المنتقدون "حربًا أبدية"، أسفرت عن مقتل أكثر من 42 ألف شخص في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، سعت الدول الأوروبية إلى إبعاد نفسها عن إسرائيل.وقال خبراء إن الانتقادات الأوروبية المتزايدة تأتي في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة غير قادرة أو غير راغبة في ممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.وقال لوفات: "هناك الكثير من الإحباط، في عواصم أوروبا الغربية على الأقل، بشأن الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع الدبلوماسية على مدار العام الماضي"، مضيفًا أنّ بعض دول الاتحاد الأوروبيّ شعرت بأنّ الولايات المتحدة كان ينبغي لها أن تفعل المزيد "لتخفيف وتقييد الإجراءات الإسرائيلية".وفي انتقاد مبطّن يوم الخميس، قال كبير الدبلوماسيّين في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنّ الكثير من الناس قد يموتون في ذلك الوقت.وقال رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبيّ للصحفيّين قبل قمة الزعماء، وفقًا لرويترز: "كانت الولايات المتحدة تقول لإسرائيل إنها يجب أن تحسن الدعم الإنسانيّ لغزة، لكنها أعطت تأخيرًا لمدة شهر". وقال بوريل: "تأخير لمدة شهر بالوتيرة الحالية لقتل الناس. إنه عدد كبير جدًا من الناس".الاعتداء على اليونيفيلوقال لوفات إنّ العلاقات كانت متوترة في البداية بسبب هجوم إسرائيل على غزة، "الذي اعتبره العديد من الحكومات الأوروبية، بما في ذلك تلك التي لا تزال تدعم إسرائيل، غير متناسب ويتناقض مع القانون الدولي".وقال لوفات إنّ العملية البرية الإسرائيلية ضد "حزب الله" جنوب لبنان ربما "قلبت الأمور إلى حافة الهاوية" بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية.وصل اللوم الأوروبيّ لإسرائيل إلى مستويات جديدة عندما بدأت الضربات العسكرية الإسرائيلية، في ضرب مواقع بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان.وتتمركز البعثة، اليونيفيل، هناك منذ عام 1978 وتتكون من 50 جنسية، بما في ذلك قوات من إسبانيا وأيرلندا وإيطاليا وفرنسا.قالت الخبيرة في الشؤون الأوروبية الإسرائيلية، مايا سيون تسيدكياهو، إنّ الدول الأوروبية تميل إلى أن تكون أكثر صراحة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن جنودها.انفجر الخلاف الدبلوماسي بين إسرائيل وبعض الزعماء الأوروبيّين هذا الأسبوع.في تصريحات أثارت رد فعل حادًا من إسرائيل، نُقل عن الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون قوله في اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء، إنّ "نتانياهو يجب ألّا ينسى أنّ بلاده أنشئت بقرار من الأمم المتحدة"، وفقًا لوكالة فرانس برس ومقرها باريس. كان ماكرون يشير إلى قرار الأمم المتحدة رقم 181، المعروف باسم خطة التقسيم، والذي مهد الطريق لإنشاء إسرائيل في عام 1948.وفي بيان يوم الثلاثاء، قال نتنياهو إنّ "هذا لم يكن قرارًا للأمم المتحدة... بل النصر الذي تحقق في حرب الاستقلال بدماء مقاتلينا الأبطال" الذي أنشأ دولة إسرائيل، مضيفًا أنّ العديد من هؤلاء المقاتلين "كانوا من الناجين من الهولوكوست، بما في ذلك من نظام فيشي في فرنسا".انتقادات إيطاليةكما أدانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تصرفات إسرائيل في لبنان، بما في ذلك الضربة العسكرية الإسرائيلية التي ضربت قاعدة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، حيث يتمركز نحو 1100 جنديّ إيطالي.وقالت ميلوني يوم الثلاثاء: "نحن ندافع عن حق إسرائيل في العيش في سلام وأمن، لكننا نؤكد الحاجة إلى حدوث ذلك وفقًا للقانون الإنسانيّ الدولي".وكان من بين أشد منتقدي إسرائيل الزعماء الأيرلنديّين والإسبان، الذين دعوا الاتحاد الأوروبيّ إلى مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، قائلين إنّ تل أبيب تنتهك بند حقوق الإنسان في اتفاقية التجارة في حربها على غزة.الدعم الألمانيقال الخبراء إنّ الاتحاد الأوروبيّ ليس كتلة متجانسة، ومع ذلك، أعرب أعضاؤه عن درجات متفاوتة من الانتقادات لإسرائيل.عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، غالبًا ما تكون ألمانيا استثناءً للسياسة الأوروبية. برلين هي ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، حيث تساهم بنحو 30% من أسلحة إسرائيل اعتبارًا من عام 2023.وذكرت وكالة الأنباء الألمانية يوم الأربعاء، أنّ الحكومة الألمانية وافقت خلال الأسابيع الثمانية الماضية، على تصدير معدات عسكرية وذخائر إلى إسرائيل بقيمة 31 مليون يورو (33.7 مليون دولار). وقالت وكالة الأنباء الألمانية إنّ هذا الرقم يزيد عن ضعف ما كان عليه خلال بقية العام.وقال المستشار أولاف شولتز يوم الخميس، إنّ بلاده ستواصل توريد الأسلحة إلى إسرائيل.وعلى الرغم من التوترات الأخيرة مع الكتلة الأوسع، قالت سيون تسيدكياهو إنّ علاقات الاتحاد الأوروبيّ مع إسرائيل "لا تزال قوية للغاية" وتظل "مهمة لإسرائيل". وقالت إنها لم تتسبب في ضرر ماديّ حتى الآن، لكنها تخاطر "بسحب الشرعية من مقعد إسرائيل". (ترجمات)