يواجه اللاجئون السوريون في لبنان ضغوطا وخطرا متزايدا من جميع النواحي خصوصا في مجال الرعاية الصحية، من قبل السلطات، في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة اللبنانية جهودها لترحيلهم.البلد، الذي يُعاني بالفعل من أزمة اقتصادية حادة وعدم استقرار سياسي، استضاف منذ فترة طويلة عددا كبيرا من اللاجئين السوريين الذين فروا من الصراع المستمر في بلادهم. ومع ذلك، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتصاعد التوترات، تتهم الحكومة اللبنانية إياهم بالضغط على موارد البلاد المتوترة بالفعل.ونتيجة لذلك، يعيش اللاجئون السوريون في لبنان الآن في خوف من ترحيلهم ما أدى إلى أزمة إنسانية متنامية وأثار مخاوف بين المنظمات من بينها منظمة "أطباء بلا حدود" التي تحدثت إلى "المشهد" عن المعاناة التي تواجه السوريين في لبنان. وحول ذلك، تقول المسؤولة في "أطباء بلا حدود" أنّا باولا برلين لـ"المشهد" إن "اللاجئين السوريين الذين يسعون للحصول على الرعاية الصحية في لبنان يواجهون عقبات متزايدة في الحصول على الخدمات الطبية الحيوية بسبب المخاوف المتزايدة من الترحيل والقيود المفروضة على تنقلهم". وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، لاحظت فرق "أطباء بلا حدود" وفقا لبيان صادر عنها، زيادة في عدد المواعيد التي لم يحضر إليها المرضى في عيادتهم، بسبب مخاوفهم من مواجهة الترحيل أثناء تنقلهم في نقاط التفتيش للوصول إلى المرافق الصحية. مخاوف من الترحيل وأضافت برلين أن المخاوف تسيطر على اللاجئين السوريين "من إيقافهم وترحيلهم عند نقاط التفتيش. كما أدت السياسات والقيود القانونية الأخيرة إلى مصادرة مركباتهم ودراجاتهم النارية، التي غالبا ما تكون وسيلة تنقلهم الوحيدة الميسورة التكلفة، إذ إنهم غير قادرين على تحمل تكاليف النقل، والآن باتوا غير قادرين على الوصول إلى المرافق الطبية، ما يمثل تحديا للكثيرين الذين يعانون من ظروف صحية صعبة". وشددت برلين في حديثها لـ"المشهد" على أنه "يجب دائما ضمان الوصول من دون عوائق إلى مرافق الرعاية الصحية وحماية حق الناس في الرعاية الطبية، إذ لا ينبغي أن تأتي أي إجراءات على حساب صحة الناس. ويجب أن يتمتع جميع السكان المهمشين بفرص متساوية للحصول على الرعاية الصحية في الوقت المناسب، بغض النظر عن خلفيتهم أو وضعهم". وعن تداعيات هذه المخاوف تقول برلين: "استمرارية الرعاية الصحية ضرورية للحفاظ على صحة جيدة خصوصا للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة والنساء الحوامل والأطفال، ومن دون الوصول المناسب إلى الأدوية والمستشفيات والرعاية الطبية، ستكون هناك بلا شك تداعيات صحية سلبية". تفضيل وتمييزومع تزايد القوانين الصارمة التي سنّتها السلطات، تحدثت تقارير عن وجود نوع من التمييز بين اللبنانيين والسوريين فيما يخص تلقي الرعاية الصحية، وعن ذلك تقول برلين إنه "ليس لدى منظمة أطباء بلا حدود أي دليل أو معلومات تشير إلى وجود تفضيل متعمد للأفراد اللبنانيين على السوريين في تلقي الرعاية أو الحصول على الأدوية لأن هذا يتجاوز مرافقنا". وأشارت المسؤولة في "أطباء بلا حدود" إلى أن "الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية للاجئين جاء نتيجة لخطة الحكومة لترحيل اللاجئين السوريين، والتي أدت إلى تنفيذ سياسات قانونية مقيّدة، بما في ذلك مصادرة المركبات والدراجات النارية الخاصة بالسوريين، ما خلق مناخا من الخوف بين اللاجئين، مما منعهم من التنقل بحُرية، حتى في حالات الطوارئ الطبية، بسبب خطر الترحيل". ولدى سؤال "المشهد" عما إذا كان هناك نقص في الأدوية لأمراض معينة، أوضحت برلين أنه "في عيادات أطباء بلا حدود، لا نعاني حاليا من نقص في الأدوية". وشددت المسؤولة على ضرورة "ضمان عدم المساس بإمكانية الحصول على الخدمات الطبية، وتوفير الطمأنينة للأفراد الذين يلتمسون الرعاية الطبية، وضمان تسهيل رحلتهم وعدم تعرضهم لخطر الترحيل"، مؤكدة على ضرورة "تنفيذ تدابير لضمان سلامة الإحالات الطبية والأفراد الذين يسعون للحصول على الرعاية الصحية، والسماح لهم بالحصول على الرعاية من دون خوف من الترحيل".وبحسب بيان "أطباء بلا حدود" فإنه "بسبب جو التهديد، صار اللاجئون يخشون مغادرة منازلهم حتى لطلب الرعاية الطبية الأساسية، وهو الوضع الذي يخيّم بشكل خاص على منطقة عرسال المهملة، وهي بلدة معزولة في شمال لبنان بالقرب من الحدود السورية، حيث تعمل المنظمة منذ أكثر من 10 سنوات". ويقول رئيس بعثة "أطباء بلا حدود" في لبنان مارسيلو فرنانديز إن أحد المرضى "رفض إحالته إلى المستشفى على الرغم من حاجته المُلحّة إلى الرعاية الطبية، ويعود ذلك بشكل خاص إلى خوفه من الترحيل، لا سيما أنه غير مسجل". ويضيف فرنانديز في البيان "لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. ولا يجوز تطبيق أي إجراء على حساب صحة الناس. لا بد من أن تتمتع جميع الفئات المهمشة من الناس بالقدرة نفسها على الوصول إلى الرعاية الصحية في الوقت المناسب، بغض النظر عن خلفيتهم أو وضعهم".وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت في تصريح سابق لصحيفة "واشنطن بوست" إنها لاحظت "اتجاها متزايدا في عمليات الترحيل التي تحدث في المجتمعات السورية" داخل لبنان، والتي وصلت إلى 73 على الأقل في أبريل الماضي"، مشيرة إلى أنها "تواصل الدعوة بقوة لاحترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية".وبحسب السلطات اللبنانية، يوجد نحو مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، بينهم 830 ألفاً مسجّلون لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.(المشهد)