انتهت جولة المفاوضات التي استضافتها القاهرة والخاصة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة دون حدوث أيّ انفراجة، بحسب مصادر مصرية وفلسطينية تحدثت لوكالة رويترز.وتحدثت المصادر عن وجود بعض الخلافات حول أعداد الأسرى الذين ترغب إسرائيل في إطلاق سراحهم مقابل الموافقة على هدنة في قطاع غزة، ففي الوقت الذي تريد فيه تل أبيب إطلاق سراح 10 أسرى دفعة واحدة تقدمت "حماس" بمقترح للإفراج عن 5 فقط مع وجود ضمانات بالتزام إسرائيل بوقف القتال والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب.وقالت صحف إسرائيلية إنّ نقطة الخلاف الجوهرية التي تُعيق وقف الحرب هو نزع سلاح "حماس" من غزة، وهو مطلب رفضته الحركة أكثر من مرة.واستأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة منذ منتصف مارس الماضي، وذلك بعد هدنة دامت لمدة شهرين جرى الاتفاق عليها بوساطة مصرية قطرية أميركية، وكان من المقترح أن يدخل الطرفان في مفاوضات حول المرحلة الثانية من الهدنة إلا أن تل أبيب رفضت ذلك واقترحت هدنة مؤقتة فقط مقابل إطلاق سراح الأسرى.وقال محللون في حديث لمنصة "المشهد" إنّ الحديث عن ترك حركة "حماس" لسلاحها أمر غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع خصوصًا أن هذه المطالب غير مصحوبة بحل سياسي شامل يضمن قيام الدولة الفلسطينية.ورأى المحللون أن هذه المطالب محاولة من الحكومة الإسرائيلية للتنصل من الوصول لاتفاق يُنهي الحرب في القطاع المُحاصر، في محاولة لحشد الرأي العام الإسرائيلي ولاستمرار بقاء حكومة بنيامين نتانياهو.أمر مستحيلفي التفاصيل، قال الخبير الإستراتيجي المصريّ، اللواء سمير فرج، إنّ مسألة تخلي "حماس" عن سلاحها أمر مستحيل، لافتا إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يضع العراقيل مرة تلو الأخرى من أجل التنصل من وقف الحرب في غزة.وأضاف في حديث لمنصة "المشهد" أنّ إسرائيل طالبت في البداية بعدم إدارة "حماس" للقطاع بعد الحرب وهو مطلب تم تنفيذه بعد الإعلان عن لجنة لإدارة القطاع بدون مشاركة "حماس" ووافقت الحركة عليه.ولفت إلى أنّ إسرائيل عادت لكي تطالب بنزع سلاح "حماس" من غزة مع إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين مقابل هدنة في غزة، لافتا إلى أنّ نتانياهو يسعى لاستمرار الحرب حتى لا ينهار الائتلاف الحكومي.وأشار الخبير الإستراتيجي المصريّ إلى أن نتانياهو يرغب في الخروج من الحرب بصورة المُنتصر أمام شعبه بعد أن يُعلن تدمير قدرات "حماس" العسكرية ونزع سلاحها، وهو أمر غير وارد خصوصًا في ظل عدم الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية.وكانت مصر قد تقدمت بمقترح يتضمن هدنة في القطاع مقابل إطلاق بعض الأسرى الإسرائيليين على أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية خلال تلك الهدنة.وبعد انتهاء جولة مفاوضات القاهرة، قالت حركة "حماس" إنها تدرس مقترحا تسلمته من الوسطاء لوقف إطلاق النار في قطاع غزة مضيفة أنها سترد عليه "في أقرب وقت".وأضافت "تجدد الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن شعبنا في قطاع غزة".ما تبقى من سلاح "حماس"من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطين، الدكتور أيمن الرقب، إنّ طرح مسألة تخلي "حماس" عن سلاحها جرى ترويجه في الإعلام الإسرائيلي على اعتبار أنه ضمن بنود المقترح المصري وهو أمر غير صحيح.وأضاف أنّ مطلب نزع سلاح "حماس" هو مطلب إسرائيلي في الأساس وهو غير وارد إلا في حالتين:وجود دولة فلسطينية.وجود قوات دولية تقوم بحفظ الأمن في الأراضي الفلسطينية.في بداية الحرب، كانت "حماس" تمتلك قوة قتالية كبيرة تضم حوالي 20 – 25 ألف مقاتل، ومجهزة تجهيزا جيدا بعشرات الآلاف من الأسلحة الخفيفة، مثل بنادق كلاشينكوف الهجومية وبنادق القنص والرشاشات وكميات كبيرة من القنابل اليدوية والعبوات الناسفة والأجهزة المتفجرة. كما كانت تمتلك صواريخ مضادة للدبابات والتحصينات مثل "الياسين 105" صواريخ آر بي جي وأنواعًا مختلفة من صواريخ كورنيت الفتاكة، والتي تشكل تهديدًا للدبابات والمركبات المدرعة الأخرى وكذلك للمباني التي تتمركز فيها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي.كما تشير التقديرات إلى أنه في بداية الحرب، كان لدى "حماس" ما بين 18,000 و30,000 صاروخ وقذيفة غير دقيقة. معظمها قصير المدى - حتى 10 كم، ومتوسط المدى - حتى 40 كم، وقليل منها طويل المدى - حتى 160-250 كم.أما الآن فتشير التقديرات الإسرائيلية أن "حماس" نجحت في تجنيد 40 ألف مقاتل جديد بتعويض خسائرها البشرية، أما الأسلحة فهي تعاني من نقص شديد في الأسلحة الخفيفة والمضادة للدروع والتحصينات.وأكدت أن الجيش الإسرائيلي دمر العشرات من ورش التصنيع للأسلحة والذخيرة. وذكرت تقارير أن "حماس" قد يكون لديها مخزون كبير من الصواريخ مخزن في الأنفاق تحت الأرض. وأشار الرقب في حديث لمنصة "المشهد" إلى أنّ "حماس" لم يتبق معها سلاح بعد كل هذه الفترة من الحرب المُدمرة على القطاع، لافتا إلى أن عناصر "حماس" حاليًا لا يحملون إلا أسلحة خفيفة وبدون ذخيرة وبدا ذلك واضحًا من تراجع الاشتباكات بين عناصر الحركة والقوات الإسرائيلية في القطاع.وأوضح أنّ مقاتلي "حماس" يستخدمون حاليًا ذخائر استولوا عليها خلال الاشتباكات مع الجنود الإسرائيليين وليس لديهم أيّ أسلحة ثقيلة.وقال المحلل السياسي الفلسطيني إنّ الطرح الإسرائيلي حول نزع سلاح "حماس" طرح منقوص ولا يتضمن أي حل شامل للقضية الفلسطينية، مُضيفا "من يتحدث عن نزع السلاح يجب أن يتحدث عن إقامة الدولة الفلسطينية ونزع السلاح من المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية".هدنة وشيكة؟وتوّقع المحلل السياسي الفلسطيني التوّصل لهدنة في غزة قبل نهاية شهر أبريل الجاري، لافتا إلى أن الإدارة الأميركية تضغط من أجل ذلك قبل زيارة ترامب المرتقبة لمنطقة الشرق الأوسط.وقال إنّ المفاوضات الجارية حاليا ستُكلل بالنجاح، وأضاف:من المتوقع أن تكون الهدنة لمدة 50 يومًا على أن يتم الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب خلال تلك الفترة.سيتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين على 3 مراحل خلال تلك الفترة مقابل إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين.جرى طرح مقترح إسرائيلي بنزع سلاح "حماس" وقام الوسطاء بمناقشته لقطع الطريق أمام التعنت الإسرائيلي لرفض الحرب وهناك مرونة حول هذا الموضوع بشرط أن تتضمن المباحثات إقامة دولة فلسطينية ووجود قوات دولية للفصل بين الطرفين.المفاوضات تطرقت إلى انسحاب إسرائيل إلى المناطق التي كان عليها قبل انهيار الهدنة في مارس الماضي.إسرائيل ترغب بالبقاء في 3 محاور في غزة وهم محور نتساريم ومحور فيلادلفيا ومنطقة السودانية شمال غرب القطاع.وأشار الرقب إلى ضرورة وقف الحرب على القطاع لمنع إسرائيل من تنفيذ مخططها بإنشاء منطقة عازلة في مدينة رفح، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل في تنفيذ هذا المخطط.وقال "لو تم تنفيذ هذا المخطط فهذا معناه أن نحو ثلث قطاع غزة سيعيش في سجن كبير لأن المنطقة ستكون بالكامل تحت سيطرة إسرائيل".(المشهد)